خاص أيوب


لبنان… وطن واحد لا تفرّقه العواصف

الجمعه 17 تشرين الأول 2025 - 0:04

كتب (راشد شاتيلا*)

في قلب هذا الشرق المشتعل، يقف لبنان كصوتٍ مختلف، يجمع بين الألم والأمل في آنٍ واحد. ليس سرّ قوة لبنان في حجمه أو موارده، بل في وحدته حين تتوحّد القلوب وتلتقي النيات. إنّ الوحدة الوطنية ليست مجرّد حلمٍ جميل، بل شرط الوجود، فحين يختلف اللبنانيون يضعف الوطن، وحين يتّحدون، يصبح الصخر ليّنًا في أيديهم، ويتحوّل المستحيل إلى واقع.

لقد علّمنا التاريخ أنّ الخطر لا يأتي فقط من العدوّ الخارجي، بل من شرخٍ داخليٍ يفتح الباب أمام الانهيار. لذلك، فإنّ الحفاظ على الوحدة ليس ترفًا سياسيًا، بل واجب وطني يعلو على كل الانتماءات. فالطوائف تنوّع، لكن الوطن هو الجامع، أما لبنان فلكلّ أبنائه دون استثناء.

إنّ الوطن الذي يقدّم أبناءه في سبيل كرامته، لا يمكن أن يُهزم. سلاحه الحقيقي هو الإيمان بالعيش المشترك، والإصرار على حماية ما تبقّى من قيمٍ جعلت منه بلد الرسالة. حين تتلاقى القلوب، تتراجع الطائفية، ويزول الخوف، ويولد لبنان الجديد من رماد الألم كطائرٍ من نور.

الشباب اليوم هم صوت هذه المرحلة، جيلٌ يرفض الانقسام ويبحث عن وطنٍ يُشبه أحلامه. فيهم تكمن طاقة التغيير، ومن عزيمتهم تُبنى جسور الثقة بين الناس. فالوحدة الوطنية تبدأ من وعيهم، وتكبر بإصرارهم على أن يكون لبنان دولةً عادلة لكل مواطن، لا حلبة صراع بين الطوائف والمصالح.

وحين يسكت هدير المدافع، تبدأ معركة أخرى: معركة الإعمار. فإعادة البناء لا تقتصر على ترميم الحجر، بل تشمل إصلاح النفوس وإعادة الثقة بين اللبنانيين. كلّ يدٍ تبني، وكلّ فكرةٍ صادقة، وكلّ قلبٍ مخلص، هو طوبة في صرح لبنان الجديد.

لبنان لا يعيش بالاقتصاد فقط، ولا بالسياسة وحدها، بل بروح الوحدة التي تحفظه من التفتّت. إنّها القوة التي تتفوّق على السلاح، والضمانة التي تردّ العدوان وتمنع الانهيار. حين يصبح الوطن فكرةً في قلب كل مواطن، لا يمكن أن يهزمه أحد.

*مختص في الذكاء الاصطناعي و إدارة البيانات



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة