الثلاثاء 30 كانون الأول 2025 - 0:00
خاص (أيوب)
يبدو أنّ الازمة في القضاء اللبناني آخذة في التفاقم بعد تزايد عدد القضاة المستقيلين وتظهير حقيقة المشاكل التي يواجهها القضاة في اداء مهامهم. وشكّلت شهادات القضاة المستقيلين فادي عنيسي، جان طنوس وساندرا المهتار صدمة كبيرة لناحية وصفهم لفداحة الوضع الذي وصل اليه القضاء اللبناني. ولعلّ تعبير "القرف" الذي استعمله القاضي عنيسي لوصف الوضع النفسي الذي وصل اليه ودفعه الى تقديم استقالته، هو التعبير الاخطر في الشهادات التي قدّموها، كونها تضع المتقاضين والمحامين اليوم امام خطر ان يحكم بدعاويهم قضاة "قرفانين" غير قادرين لسبب من الاسباب على تقديم استقالتهم، مع ما يرافق هذا الوضع من اصرار لمجلس القضاء الاعلى على زيادة في انتاجيتهم ضمن مهلة زمنية حددها بستة اشهر.
بالعادة، عندما يجد القاضي حرجاً أن يحكم في دعوى، فالقانون يسمح له أن يتنحى عن النظر في القضية، لأن الحرج قد يخرجه عن حياده المفترض والمطلوب ليحكم بالعدل.
اما القرف، فذلك أمر خاص بالقاضي في لبنان حيث أصبح دافعاً لا لكي يتنحى عن الحكم بدعوى بل للاستقالة من القضاء برمته.
إزاء هذا ااواقع، يكتفي مجلس القضاء الاعلى حتى اليوم باصدار بيانات عامة لا تفصيل فيها عن حلول مرتقبة للمشاكل المتزايدة التي يعاني منها القضاء، ويمتنع عن دعوة القضاة الى جمعية عمومية يستعرض فيها مطالبهم ويحيطهم علماً بالحلول التي يجري العمل عليها. أما وزير العدل فدخل مؤخراً على خط الازمة بعد أن طلب منه النائب ابراهيم كنعان تحديد حاجات قصور العدل لبحث امكانية تغطية كلفتها في لجنة المال والموازنة.
يلاحظ في هذا السياق بوادر أزمة داخل مجلس القضاء الاعلى نفسه، إذ إنه ومنذ فترة بدأ رئيس التفتيش القضائي القاضي أيمن عويدات يتمايز بمواقف ويظهر كمركز قوة، بدأ القضاة يتحلقون حوله لمسارعته الى الاستجابة لمطالبهم وتوجيهه كتاب الى وزير العدل لمطالبته باجراء التحسينات في قصور العدل. وسبق ذلك أن قام بالتعميم على قضاة التحقيق في المحكمة العسكرية بضرورة عدم ملاحقة المنتمين الى جبهة النصرة على اعتبار أنّ لبنان لم يعد يعتبرها تنظيم ارهابي. إنّ هذا التمايز في الموقف اصبح يسلط الضوء اكثر فأكثر على صمت كل من مجلس القضاء الاعلى ووزير العدل، وبدأ يشجع القضاة على المجاهرة بالمشاكل التي يعانون منها والتي اقر بوجودها القاضي عويدات.
لا يغيب القضاء الاداري عن الازمة المتفاقمة، فلقد اقدم الموظفون في مجلس الشورى مؤخراً على الاضراب للمرة الاولى الامر الذي اعتبر سابقة خطيرة كونه لم يسبق أن اقدم هؤلاء على ذلك. وقد أدى الى تعطيل عمل المجلس، والخشية ان تمتد حركة الاعتراض الى القضاة فيه.
يسابق الجميع الوقت بالتزامن مع انكشاف الوضع القضائي بشكل غير مسبوق وتصاعد حركة الاحتجاجات سواء من المساعدين القضائيين او من القضاة، بغياب أي طرح عملي يهدف الى معالجة المشاكل الموجودة.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط



