خاص أيوب


نهاية الحرب في غزة؟

الجمعه 10 تشرين الأول 2025 - 0:00

خاص (أيوب)

تمكّن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أخيراً، وفي لحظة فاصلة، من فرض وقف الحرب في قطاع غزة، بعدما وصل النزاع الشرس بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية إلى نقطة حرجة، بذريعة القضاء على حركة حماس وتحرير الأسرى الإسرائيليين، الأحياء منهم والأموات؛ وهي بروز احتمالية كبيرة لتهجير السكان، وليس من القطاع وحسب، وتصدير الأزمة إلى دول الطوق، وعلى رأسها مصر والأردن، بلحاظ المضي في زخم الإبادة الجارية على مدى عامين، لتحقيق الطموح القديم بقيام "إسرائيل الكبرى" على كامل فلسطين التاريخية، وما وراءها.

كان ترامب واضحاً بطرحه خطته المؤلفة من 20 بنداً، في غاياته السياسية والاستراتيجية. فلم يُخفِ خشيته في الأسابيع الأخيرة، من العزلة العالمية التي ترزح فيها إسرائيل راهناً، بسبب تجاهلها القوانين الدولية، وتحدّيها للأمم المتحدة، ومؤسساتها الإغاثية (الأونروا) والقضائية (المحكمة الجنائية الدولية)، فضلاً عن ارتكابها المتكرر للجرائم من كل الأنواع، وليس آخرها التجويع. فقال مرة إنه حتى الرأي العام الأميركي يتغيّر، وقال أيضاً إن إسرائيل تفقد تدريجياً نفوذها القوي في الكونغرس، الذي كان دائماً، حصناً حصيناً لها، وقال أخيراً إن إسرائيل لا تستطيع أن تجابه العالم. وفي سبيل إقناع نتنياهو بالموافقة على الخطة، قال له إن هذه الخطة ستجلب له النصر الذي يتوخّاه، بتضمنها إنهاء حكم حماس في القطاع، وتحرير الأسرى، ونزع سلاح المقاومة، بل تجريد القطاع كاملاً من الوسائل القتالية، ومن ضمنها الأنفاق، ونفي قيادة الحركة من غزة. لكن ما جرى الاتفاق عليه حتى الآن، بعد اجتماعات شرم الشيخ، هو المضي بالمرحلة الأولى، والمرحلتان الأخريان، أصعب بكثير. لذا، فإن الخشية تكمن في تكرار ما حدث في الهدنة السابقة، عندما استأنفت إسرائيل القتال، بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاتفاق، في الأول من آذار الماضي، والتي كانت محددة بـ 42 يوماً. وقبل استعراض الاحتمالات، لا بد من تناول المراحل المتوقعة لخطة ترامب على الشكل التالي:

في المرحلة الأولى: تتوقف الأعمال العسكرية، وتُطلق حماس خلال 72 ساعة من الموافقة على الخطة، سراح كل الأحياء والأموات من الأسرى الإسرائيليين، بمقابل إفراج إسرائيل عن 250 محكوماً فلسطينياً بالمؤبدات، إضافة إلى 1700 معتقل فلسطيني، بعد 7 تشرين الأول 2023، ومن بينهم كل النساء والأطفال، وانسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق المكتظة بالسكان إلى خط محدد. وتدخل المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

في المرحلة الثانية: تُنفى قيادة حماس من غزة، مع توفير ممر آمن لهم، ومن يبقى من أفرادها فيها، يتخلّى عن السلاح، تنفيذاً للبند الأول من الخطة، والذي ينصّ على أن تكون غزة خالية من التطرف ومن الإرهاب. وتُدمّر البنى التحتية العسكرية لحماس والفصائل الأخرى. وتشكيل قوة استقرار دولية للإشراف على الأمن الداخلي، وتدريب الشرطة الفلسطينية.

وفي المرحلة الثالثة: تقوم إدارة مؤقتة فلسطينية تكنوقراطية تحت إشراف دولي من دون حماس، واستبعاد السلطة الفلسطينية كذلك. وبدء عمليات الإعمار والتأهيل. وتتضمن الخطة، أن إسرائيل لن تحتل القطاع، ولن تضمه إليها، وستنسحب تدريجياً وفق معايير ومراحل متفق عليها. مع الإشارة إلى احتمال حوار بين الإسرائيليين والفلسطينيين لإيجاد حل سياسي، وهو ما كان يتضمنه البند 21، ويبدو أن حكومة ترفض النقاش فيه أصلاً.


 ستبدأ المرحلة الأولى، وهي الأسهل، لكنها ستجرد حماس من ورقة الأسرى، فما الذي يمنع إسرائيل من استئناف الحرب، لتحقيق النصر الكامل؟ وهل تتوقف الحرب حقاً؟ وإذا حاولت حماس ومعها الفصائل الأخرى، التملص من مندرجاتها، فما هي الوسائل المتاحة لها حينئذ؟ من الواضح أن نقاط الخلاف كبيرة جداً، والمسائل شائكة كثيراً. وتنفيذ حماس لكامل بنود الخطة، يحقّق أهداف إسرائيل بالكامل، وهو يعني هزيمة هذا الفصيل الذي شنّ هجوم 7 أكتوبر على غلاف غزة. أما المكسب الوحيد، فهو تخلي ترامب عن فكرة التهجير، من حيث المبدأ، وإن كانت الخطة تتحدث عن الهجرة الطوعية لمن شاء، بعدما أصبحت غزة غير قابلة للعيش.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة