
السبت 11 تشرين الأول 2025 - 0:00
صفحة جديدة فُتحت بين لبنان وسوريا عنوانها "احترام السيادة وعلاقات أخوة وجيرة صالحة". هذا ما أرسته زيارة وزير الخارجية السوري أمس إلى بيروت أسعد الشيباني ولقاؤه الرئيسين جوزف عون ونواف سلام ونظيره اللبناني يوسف رجي.
وكان وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني وصل أمس إلى مطار رفيق الحريري الدولي - بيروت، على رأس وفد ضم وزير العدل مظهر اللويس، رئيس جهاز الاستخبارات السورية حسن السلامة، مساعد وزير الداخلية اللواء عبد القادر طحان ووفداً سياسياً.
استهلّ الشيباني لقاءاته الديبلوماسية من وزارة الخارجية والمغتربين، حيث عقد لقاءً ثنائياً مع نظيره اللبناني يوسف رجّي، قبل مباحثات موسّعة بين الجانبين.
بعد اللقاء، عُقد مؤتمر صحافي مشترك بين الوزيرين، ابتدأه الوزير رجي بالترحيب الحار بالوزير الشيباني، معتبراً أن "هذه الزيارة التاريخية للبنان تعد بداية صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، بعد سقوط النظام السابق الذي عانى منه الشعبان السوري واللبناني طويلاً"، لافتاً إلى أن "هذه الزيارة تأخرت لأسباب تقنية ولوجستية، لكنها اليوم تأتي في توقيت مناسب، ونتطلع لأن تكون فاتحة خير على البلدين".
وقال رجي: "اتفقنا على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة الملفات العالقة، وهناك نية صادقة والتزام واضح من الجانبين بالسير في اتجاه تعاون حقيقي. وما يميز هذه المرحلة هو احترام الإدارة السورية الجديدة للسيادة اللبنانية واستقلاله، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، وهو تطور مهم وإيجابي جداً يُقابل بترحيب واسع من اللبنانيين".
وختم قائلاً: "سنعمل معاً على فتح مسار جديد قائم على السلم والأمان والتعاون الاقتصادي والتنمية المشتركة بما يخدم مصلحة الشعبين".
من جهته، اعتبر الوزير الشيباني أن "هذه الزيارة للبنان تعدّ محطة تاريخية أيضاً لسوريا، التي تدخل اليوم بعد عشرة أشهر على سقوط النظام السابق مرحلة جديدة من التعافي وإعادة الإعمار"، مضيفاً: "إحدى أهم ركائز هذه المرحلة هي بناء علاقات سياسية متوازنة قائمة على الاحترام المتبادل، وسيادة الدول، وعدم التدخل في شؤونها".
وأوضح الشيباني: "نحن في سوريا نعتمد هذا النهج بوضوح، وزيارتنا للبنان تعبر عن هذا التوجه الجديد. نحن نكنّ للبنان كل الاحترام والتقدير، ونسعى إلى تجاوز أخطاء الماضي التي كنا نحن أيضاً من ضحاياها نتيجة سوء إدارة العلاقة بين البلدين".
وأضاف: "هناك فرصة تاريخية وسياسية واقتصادية اليوم لتحويل العلاقة بين لبنان وسوريا من علاقة أمنية متوترة إلى علاقة سياسية واقتصادية متينة تعود بالنفع على شعبينا. نحن بلدان متجاوران، وتفرض علينا الجغرافيا والتاريخ العمل معاً من أجل مصلحة مواطنينا، بعيداً من الاستثمار في الأزمات والمشكلات".
وختم الشيباني قائلاً: "هذه الزيارة جاءت بتوجيه من فخامة الرئيس السوري أحمد الشرع، تأكيداً لعمق العلاقات بين البلدين. كما نعرب عن شكرنا للبنان شعباً وحكومة على استضافتهم للسوريين خلال السنوات الماضية برغم التحديات الاقتصادية الداخلية. ونأمل أن يتم التوصل إلى حلول إنسانية لهذا الملف، تُبنى على مشاعر الأخوة والصداقة التي يحملها الشعب السوري تجاه لبنان".
في ختام اللقاء، رحب الوزير رجي بتعليق عمل المجلس الأعلى اللبناني-السوري، وقال: "نزف بشرى إلى الشعب اللبناني بأن الحكومة السورية قررت تعليق العمل في المجلس الأعلى اللبناني-السوري، وخلال فترة قريبة سنعمل على إزالته نهائياً من القانون، لتصبح العلاقات بين البلدين قائمة على القنوات الديبلوماسية المباشرة، كأي علاقتين طبيعيتين بين دولتين مستقلتين".
بعبدا
انتقل الشيباني والوفد المرافق إلى قصر بعبدا حيث التقى الرئيس عون، وقال: "وجهنا دعوة إلى الرئيس جوزيف عون لزيارة سوريا".
من جهته، أكد الرئيس عون أهمية تعميق العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا وتطويرها عبر تأليف لجان مشتركة تبحث في كل الملفات العالقة، وأبرزها الاتفاقيات المعقودة بين البلدين والتي تحتاج إلى إعادة دراسة وتقييم.
وأشار عون إلى أن القرار السوري بتعليق العمل في المجلس الأعلى اللبناني-السوري يستوجب تفعيل العلاقات الديبلوماسية، لافتاً إلى أنه يُنتظر في هذا الإطار تعيين سفير سوري جديد في لبنان لمتابعة كل المسائل عبر السفارتين في دمشق وبيروت.
وأضاف: "أمامنا طريق طويل، ومتى صفت النيات، فإن مصلحة بلدينا الشقيقين تسمو على كل الاعتبارات، وليس لدينا خيار سوى الاتفاق على ما يضمن هذه المصلحة".
ولفت إلى أن الوضع على الحدود اللبنانية-السورية أصبح أفضل من السابق، مؤكداً أن المسائل التي تستوجب المعالجة كما اتفق عليها مع الرئيس أحمد الشرع خلال لقاءين سابقين في القاهرة والدوحة تشمل الحدود البرية والبحرية، خط الغاز، ومسألة الموقوفين، مشدداً على أن العمل سيُبنى على المصلحة المشتركة.
السراي الحكومي
كما عقد في السرايا الحكومية، اجتماع بين رئيس مجلس الوزراء نواف سلام ونائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري ووزيري الخارجية والمغتربين يوسف رجي والعدل عادل نصّار، مع الوزير الشيباني والوفد المرافق له.
تناول اللقاء الذي جرى في أجواء إيجابية وبنّاءة، مختلف جوانب العلاقات الثنائية بين لبنان وسوريا، حيث تمّ التأكيد على الرغبة المشتركة في فتح صفحة جديدة قائمة على الاحترام المتبادل، وحسن الجوار، وصون سيادة كل من البلدين واستقلال قرارهما الوطني.
شكل الاجتماع مناسبة للتداول في عدد من الملفات المشتركة، من بينها ضبط الحدود والمعابر ومنع التهريب، وتسهيل العودة الآمنة والكريمة للاجئين السوريين بالتنسيق مع الأمم المتحدة والدول الصديقة، إضافة إلى ملف الموقوفين السوريين في لبنان والمفقودين اللبنانيين في سوريا.
وتم التطرق إلى إعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية بما يعزز المصلحة المتبادلة، ويواكب المتغيرات، وإلى إمكانيات تعزيز التعاون الاقتصادي وإعادة الإعمار في سوريا بما يتيح للبنان المساهمة في هذا المسار من خلال خبراته وقدراته.
وأكد الرئيس سلام خلال اللقاء، أن "لبنان حريص على بناء علاقات سليمة ومتوازنة مع سوريا، على قاعدة التعاون بين دولتين مستقلتين تربطهما الجغرافيا والتاريخ"، مشدداً على أن "الانفتاح والحوار الصادق هما الطريق الوحيد لترسيخ الاستقرار في البلدين والمنطقة".
من جهته، أعرب الوفد السوري عن تقديره لـ"جهود الحكومة اللبنانية ورغبتها الصادقة في تطوير العلاقات الثنائية"، مؤكدا "استعداد دمشق لمواصلة التنسيق والعمل المشترك في مختلف المجالات بما يخدم المصلحة العامة للبلدين".
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط