الأربعاء 5 تشرين الثاني 2025 - 0:00
خاص (أيوب)
لبنان، الرسمي والشعبي، على حدّ سواء، منشغل هذه الأيام، بالحديث الإسرائيلي المتصاعد بشأن استئناف الحرب على الحزب، وذلك بسبب ما يتردّد في الأوساط الدبلوماسية المعنيّة من أن الحكومة اللبنانية لم توفِ بما تعهّدت به، من حصر امتلاك السلاح، وشرائه، والحصول عليه، واستعماله، بيد الجيش والأجهزة الأمنية؛ وأن إسرائيل تبعاً لذلك، تجد نفسها مُلزمة بالتدخل بنفسها، لتنفيذ تلك التعهّدات، ما يعني شنّ حرب جديدة، أو استئنافها من حيث توقّفت العام الماضي، إثر الاتفاق على وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني. حتى إن السؤال هو: عن توقيت هذه الحرب أكثر مما هو عن حجمها، ونطاقها، وأهدافها العملية، والغايات الاستراتيجية منها. لكن هل تريد إسرائيل شنّ الحرب للأسباب التي تُدلي بها، وأبرزها، أن حزب الله لا يتعاون جدّياً بتسليم سلاحه إلى الجيش وحسب، بل إنه يعمل ليل نهار، على استعادة قوته، من خلال ترميم هياكله العسكرية والتنظيمية، وبالأخصّ على استجلاب الدعم المالي، وتأمين طريق تهريب السلاح من إيران، عبر العراق وسوريا، بطرائق ملتوية، أم أن إسرائيل، بمن فيها الحكومة والمعارضة، تريد القضاء على الخطر الآتي من الشمال بشكل نهائي، كما يحدث الآن في قطاع غزة، مع التحضير هناك لتشكيل قوة دولية تتولى مهمة تنفيذ خطة ترامب، وسلطة فلسطينية مدنية، غير مرتبطة بحركة حماس، ولا هي نابعة رسمياً من سلطة رام الله؟
المفارقة في هذا المجال، أن نتنياهو وشركاءه المتطرفين في الحكومة الحالية، ليسوا وحدهم في هذا الخيار، بل تساندهم المعارضة، التي تضم أبرز خصوم نتنياهو، ومنافسوه على رئاسة الحكومة عقب الانتخابات النيابية المقررة العام المقبل، وعلى رأسهم زعيم المعارضة، يائير لابيد، الذي دعا إلى ضرورة شن عملية عسكرية قوية ضد حزب الله. وترافق ذلك مع إعلان رئيس الأركان إيال زامير أن الحرب لم تنته بعد، ويجب خوض الحرب مجدداً لتكريس الاستقرار على كل الجبهات، وزيارة وفد عسكري أميركي من قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي إلى إسرائيل، بحيث اطلع على كل الإجراءات التي يتخذها الجيش الإسرائيلي تحضيراً لهذه المواجهة، كما الاستعدادات التي يقوم بها حزب الله لإعادة بناء قواته. ويشدد الإسرائيليون على ضرورة إقناع الولايات المتحدة بالحصول على ضوء أخضر للموافقة على شن الحرب ضد الحزب لمنعه من استعادة قوته، وكي لا يظل تهديداً لإسرائيل ومستوطناتها الشمالية.
لو كانت الدعوة إلى استئناف الحرب في لبنان، منحصرة بحكومة نتنياهو، لأمكن القول، بأن رئيس الوزراء المحاصَر، بتحقيقات قضائية في الداخل، في ملفات فساد، ودعوات إلى تشكيل لحنة تحقيق رسمية بشأن التقصير في توقع هجوم حماس في 7 تشرين الأول 2023، يريد مواصلة الحرب، فإن لم تكن في القطاع، تكون في لبنان، أو في سوريا، أو العراق، أو اليمن أو حتى في إيران. فاستراتيجية البقاء عنده، تعتمد على إشعال الحروب على كافة الجبهات دون توقف. لكن الحكومة والمعارضة متفقتان، على استئناف الحرب على لبنان، بغضّ النظر عن الموقف الأميركي النهائي، وهذا مؤشر خطر لا يمكن إغفاله.
أما متى تقوم الحرب؟ وفقاً للسوابق التي شهدناها على مدى عامين، فستكون على الأرجح في نهاية العام الجاري، عندما تستوي الخطة الترامبية لمعالجة وضع القطاع، وفق مشروع القرار الذي سيُقدّم إلى مجلس الأمن، لاستكمال الجوانب السياسية والميدانية والإعمارية في غزة، وضمان إزاحة حماس عن أي دور، سواء أكان سياسياً أو عسكرياً أو أمنياً، أو إغاثياً، بالترافق مع تجريد القطاع من أي وسيلة قتالية، سواء أكانت فوق الأرض أو تحتها. وبموجب القرار العتيد ستكون الولايات المتحدة هي الحاكم والحَكَم والمتحكّم بالحياة في غزة، بالمشاركة مع شركائها في هذا المجال. والموعد المضروب لانتشار القوة الدولية، واستلام مقاليد الأمور، في مطلع العام الآتي.
وفي الأثناء، تتولى الولايات المتحدة، تحضير الأرض، لعملية إسرائيلية ممكنة في لبنان، وأرسلت تحذيراً إلى العراق، من أي تدخل في المعركة، أو تسهيل وصول الإمدادات إلى الحزب في لبنان. وفي المجال عينه، تأتي زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، الأسبوع المقبل، تحت عنوان الانضمام إلى التحالف ضد داعش، ليرسم علامات استفهام عن الخفايا والبواطن، مع ضغط متواصل على دمشق للتوقيع على اتفاق أمني مع تل أبيب.
أما السؤال الأهم، فهو هل يمكن تجنّب الحرب؟ يحاول المسؤولون اللبنانيون، إشاعة مصطلح التفاوض مع إسرائيل، كمخرج أساسي من هذا المأزق، من دون توضيح جوهر التفاوض، ولا موضوعه، ولا شكله، ولا مستواه. لكن هل تريد إسرائيل التفاوض مع لبنان؟
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط



