الخميس 16 أيار 2024 - 0:00
خاص (أيوب)
"عندما أستيقظ يومياً، أدعو الله أن ينسيني ما قلته في لقائي مع الملك فهد بن عبد العزيز..". كلمات ينقلها مرجع سياسي بيروتي عن المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد في الأيام التي سبقت اغتياله.
في 16 أيار 1989، خرج المفتي حسن خالد من مبنى دار الفتوى في منطقة عائشة بكار. استقل سيارته كعادته متوجّهاً باتجاه مسجد عائشة بكار، الذي يبعد عن الدار مئات الأمتار القليلة، لتنعطف سيارته يساراً باتجاه منزله. وما هي إلا أمتار قليلة حتى وصل موكبه إلى مبنى كنيعو، وفيه مقرّ للإسعاف الشعبي حتى انفجرت عبوة ناسفة هزّت بيروت، فكـأنه زلزال. إنها عبوة ناسفة استهدفت موكب المفتي. الخبر انتشر كالبرق في بيروت ولبنان "قتل المفتي.. الشيخ حسن خالد شهيداً".
القاتل معروف وإن كان لم يكشفه التحقيق. فالمسار السياسي الذي سبق عملية الاغتيال واضح المآلات التي استشعر بها المفتي الشهيد، فكانت جملته الذي نقلها عنه المرجع البيروتي. إلا أنّ ما بقي مجهولاً هو الشخص الذي وشى بالمفتى خالد فمن هو؟
المفتي الشيخ حسن خالد، وقبل اغتياله بأسابيع قام بجولة عربية شملت الكويت والمملكة العربية السعودية. في لقائه مع العاهل السعودي في حينه الملك فهد بن عبد العزيز بحضور وزير الاعلام السعودي في حينه علي الشاعر، باح المفتي بكل هواجسه من خطر سياسة النظام السوري في لبنان شارحاً بالتفصيل مخطّطات النظام الأسدي بهذا الخصوص.
المفتي خالد لم يبح بما قاله في اللقاء إلا لشخص لبناني يعتبر من أبرز المقرّبين إليه، وكان الأخير تربطه علاقة بالنظام السوري فقام بدوره بنقل تفاصيل اللقاء بين المفتي خالد والملك فهد إلى القيادة السورية فكانت عملية الاغتيال.
اللافت أنّ شخصية دينية في زيارة لها إلى الكويت سمعت كلاماً رسمياً من القيادة الكويتية تؤكّد أنّ هذا اللقاء تسبّب باغتيال المفتي خالد.
المفتي الشهيد حسن خالد خاض غمار السياسة لأسباب وطنية. كان هاجسه الدفاع عن المجتمع اللبناني الذي كان في حالة تصدّع وانهيار للمؤسسات بسبب هيمنة الميليشيات التابعة لسوريا في الشارع الإسلامي بخاصة في بيروت. مما جعل المفتي مرجعية وطنية لا يمكن تجازوها مما أغضب النظام السوري، وأزعج نائب الرئيس السوري في حينه عبد الحليم خدام المُمسك للملف اللبناني.
اغتيل المفتي خالد لأنه بنى جسور الحوار الوطني من خلال قمم عرمون بين عامي 1976 و1977، ووثيقة دار الفتوى للثوابت العشر في العام 1983 حيث نصّت الوثيقة على أنّ لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه.
رحم الله المفتي الشهيد وحفظ الله لبنان.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط



