منوعات


لبنانيات وسوريات في فخّ الدعارة الإلكترونية

الخميس 12 أيلول 2024 - 0:04

تحقيق على قدر كبير من الأهمية يتحدث عن وقوع النساء السوريات في فخ تطبيقات البث المباشر، أو بعبارة دقيقة في فخّ الدعارة الإلكترونية والاتجار بالبشر. تحقيق أنجزه فريق استقصاء صحافي بإشراف الزميل علي عيد لصالح منصة "سيريا أنديكيتور" ،وهي منصة صحافة مساءلة مستقلة تعنى بالتحقيقات الاستقصائية.

موقع "أيوب" ينشر هذا التحقيق ليس لمجرد النشر وحسب، بل لأنّ في لبنان توجد الحالة نفسها وإن اختلفت أسماء وجنسيات الضحايا. لعل التحقيق يكون بمثابة الإخبار للأجهزة الأمنية اللبنانية كي تتحرك لوقف هذه التجارة الممنوعة دولياً.

يستقصي هذا التحقيق تفشي "تطبيقات البث المباشر" داخل سوريا، ووقوع العديد من الفتيات في فخّ تلك التطبيقات، ليجدن أنفسهن يمارسن شكلاً من أشكال "الدعارة الإلكترونيّة" المُنظّمة عبر هرميّة تشكل الفتيات فيها الحلقة الأضعف، إذ يُستدرجن، أو يدخلن بأنفسهنّ هذا العالم تحت ضغط التردي الاقتصادي، وفي ظلّ مغريات عديدة، وترويج غير مباشر لكنّه شديد التأثير بفعل عوامل عديدة، منها حضور فنانين ومشاهير ينشطون في تلك التطبيقات، فضلاً عن حالة من “النجومية” يمكنهن تحقيقها داخل تلك التطبيقات

أمضى فريق التحقيق في "سيريا أنديكيتور" عشرات الساعات بين تطبيقات عديدة، وتحدثوا مع بعض السوريات العاملات فيها، وجمعوا شهادات من ضحايا سابقات وحاليّات، وتواصلوا مع وكلاء، وشركات.

ما سبق ليس مقطعاً من فيلم أو مسلسل، بل مشهد واقعيّ بات يتكرّر وإن اختلفت تفاصيله  في عديد من الدوائر العامة في سوريا، إذ تُمارس بعض الموظفات "عملاً آخر" عبر تطبيقات الدردشة التي باتت "مصدر رزقٍ حقيقي" فيما راتب الوظيفة لا يكاد يكفي أجور المواصلات، ونفقات الحدّ الأدنى المرتبطة بالوظيفة ذاتها.

يأتي استخدام هذه التطبيقات في أماكن عامة ليقدم أوضح دلالة على حجم انتشارها المتسارع في سوريا، مع تورّط أعداد غير معلومة، لكنها كثيرة من السوريات في العمل داخل تلك التطبيقات، ليصل التورّط حدود ممارسة الدعارة الإلكترونية في كثير من الأحيان.

ظاهرة صاعدة

تعرّفت نهى (33 عاماً) إلى تطبيق "سول شيل" للدردشة الصوتية قبل نحو عامين من خلال زميلاتها في المؤسسة الحكومية، وانخرطت بالعمل فيه عبر إجراء محادثات صوتية مع بعض الغرباء، مقابل عائد مادي “عادي”، لكنه كان مغرياً للاستمرار.  

لدى نهى صديقة تعمل في المجال نفسه منذ أكثر من أربع سنوات، شجّعتها مؤكدة أن دخلها الشهري قد يصل إلى مبالغ ضخمة إذا تمكنت من استقطاب بعض الشبان، مع "التركيز على دول الخليج العربي".

وتحت إغراء أنها غير مضطرة إلى إظهار وجهها، أو ذكر اسمها، أو كشف ما يشير إلى شخصيتها الحقيقية، اندفعت نهى إلى العمل، ولا تزال مستمرة حتى اليوم.

في الكواليس: مزاح جنسي ودعارة افتراضية

أكثر من 100 ساعة، أمضاها معدو التحقيق داخل تطبيقات "بيغو لايف، لايكي، سول شيل، لامور، سولو"، وتمكنوا خلالها من مقابلة بعض السوريات العاملات فيها. 

ترى معظم من تحدثنا إليهن أن مهنتهنّ تتطلب مزاولتها بعيداً عن الأنظار، لما تجلبه من وصم اجتماعي. 

لهذا تنتظر نهى نوم عائلتها لتبدأ استخدام التطبيق والتحدث ليلاً إلى شبان من جنسيات مختلفة، معظمهم من دول الخليج العربي، وسوريون لاجئون في دول أوروبية.أما نهاراً فتستخدم التطبيق خلال دوامها في المؤسسة الحكومية، من دون مخاوف كبرى، خاصة أنّ بعض زميلاتها في الوظيفة يعملن في التطبيق نفسه.

وفق نهى، غالباً ما تبدأ الأحاديث عاديّة، لكنها سرعان ما تتطور إلى مزاح ثقيل (في إشارة إلى تلميحات جنسية)، وفي حال لم تتجاوب ولو بالحدّ الأدنى مع المزاح، فإنها تخسر فرصة الدعم الذي سيرميه “المازح” لاحقاً عبر البث المباشر.

لا يمكن تعميم المخاوف الاجتماعية على جميع العاملات في هذه التطبيقات، إذ رصد فريق "سيريا انديكيتور" العديد من الفتيات في تطبيق "بيغو لايف" على سبيل المثال يعرضن وجوههن في البث المباشر، ويطلبن قدراً معيناً من "الفاصوليا" لإجراء مكالمة مصورة عبر تطبيق "سنابشات"، عقب انتهاء البث.

بعد العديد من المحاولات المتعثرة لإجراء مقابلة بصفة صحفية مع العاملات في تطبيق "لامور"، قرر فريق التحقيق إجراء اتصال فيديو (داخل التطبيق) مقابل مبلغ مالي، مع فتاة تسمي نفسها "كوكو"، بينما قالت خلال المكالمة إن اسمها مها.

بدت "كوكو" أو مها "محترفة" تراعي تسلسل خطوات أي مكالمة عبر تقنية الفيديو مع الزبائن في هذا التطبيق، ظهرت بكامل زينتها وكأنها ذاهبة لقضاء سهرة خاصة في مكان فاخر.

بدأت "كوكو" العمل في “"لامور" منذ شهور، واكتسبت خبرة في التعامل مع الرجال الباحثين عن قضاء ليلة مسلية".

تؤكد الشابة أنها لا تحمل أيّ مشاعر شخصية “للزبائن، تقول: "هو مجرد اتصال عابر، سينتهي وأبحث عن آخر (…) أنا امرأة متزوجة، ولدي حياتي الخاصة، لن أحمل مشاعر شخصية عبر تطبيق مراسلة".

ترويج شبكي وانتشار في الجامعات

يجري استدراج الشابات للعمل داخل هذا النوع من التطبيقات بطرق مختلفة، أكثرها شيوعاً مواقع التواصل الاجتماعي، ولا سيما "فيسبوك"، إذ تنشر حسابات يديرها مجهولون إعلانات لفرص عمل من المنزل بمقابل مادي جيد للفتيات.

أما الوسيلة التي تبدو شديد الفاعلية فهي تشبه آلية التسويق الشبكي، إذ تستقطب فتاةٌ فتاةً أخرى، وهذه بدورها تستقطب واحدة جديدة.. وهكذا

دورة المال

يعتمد "الكسب الرسمي" من التطبيقات على سياسة "التارغت"، فيجب على كل من يعمل في أحد التطبيقات تحقيق رصيد معين من النقاط شهريّاً، ليستطيع تسييل رصيده في شكل عملات نقدية

تختلف تسمية هذه النقاط بين تطبيق وآخر، فمثلًا في "بيغو لايف" تسمى "فاصوليا"، ويكتسبها منشئ المحتوى عبر هدايا يتلقاها من جمهوره، وداعميه من خلال خاصية البث المباشر. ويمكن أيضاً تحصيل رصيد من خلال المكالمات التي تُجرى داخل التطبيق.  

خلال حديثنا مع "كوكو" قالت إنها لا تمانع خلعَ ملابسها أمام الكاميرا، لكنها لن تفعل ذلك قبل مرور خمس دقائق من بدء المكالمة، لأنها تكسب أموالها عبر قضاء أطول وقت ممكن في اتصال مصور، بالتالي تهدف دائماً لإطالة مدة الاتصال. 

في الحالة السورية، ومع قيود وعوائق التحويلات المالية الخارجيّة، يعتبر الوكيل، المقيم خارج سوريا بشكل رئيس، مسؤولًا عن إيصال الأموال لأعضاء فريقه داخل سوريا عبر حوالات السوق السوداء، مقابل اقتطاع نسبة مئوية من المبلغ الكامل.

مها قالت إنها تجني مبلغاً يتراوح بين 200 و500 ألف ليرة سورية شهريّاً (35 دولاراً بالحدّ الأقصى)، بينما قالت نهى إنها كانت تجني 30 دولاراً مع بداية عملها في تطبيق “سول شيل”، لكن أرباحها وصلت بعد عامين من العمل إلى 300 دولار شهرياً. 

وبرغم أن هذه المبالغ تظل زهيدة بحساب الدولار، فإن قيمتها بالليرة السورية تتجاوز متوسط الرواتب بأشواط، في ظل تهاوي قيمة الليرة، إذ يبلغ سعر الدولار الواحد 14700 ليرة سورية، وفق موقع "الليرة اليوم" المتخصص برصد أسعار الصرف وقتَ تحرير هذا التحقيق.

ما آلية الدعم؟

تعتمد آلية الدعم في التطبيقات على دفع أموال حقيقية مقابل شراء عملات افتراضية داخل التطبيق نفسه، يمكن استخدامها لشراء أيقونات تُهدى لمنشئي المحتوى عبر هذه المنصات.

في حالة تطبيق“Bigo live” ، يجب على الراغب بدعم منشئ محتوى أن يشتري عملة تعرف باسم "جواهر"(Diamonds)، أصغر باقة منها (عبارة عن 192 جوهرة) ثمنها خمسة دولارات أميركية، تدفع عن طريق "كريديت كارد"، أو "ماستر كارد" أو "فيزا كارد".

يختلف سعر الباقة، وعدد الجواهر فيها تبعاً للبلد الذي يقيم فيه الشاري، وهو ما تُظهره آليات الشراء في التطبيق نفسه، وينطبق على باقي التطبيقات المشابهة أيضاً.

بعد شراء عدد من الجواهر، يمكن التوجه إلى خاصية تقديم الهدايا لشراء أيقونة وإهدائها لمنشئ المحتوى، شرط أن يكون متاحاً على خاصية البث المباشر، وتختلف أسعار هذه الأيقونات متدرجة من "جوهرة" واحدة، وصولًا إلى أبهظها ثمنًا 39999 "جوهرة"، وهي أيقونة على شكل سفينة "تايتانيك".

مبالغ خيالية

تدور داخل هذه التطبيقات كتل مالية هائلة، ورغم أن المستخدمين يتعاملون معها في صورة أيقونات ورموز، فإن ثمنها في الأصل يُسدد بالدولار الأميركي

أحد أهم مصادر هذه العملات هم "الداعمون"، وقد يُنفق واحدهم مبالغ خيالية

باسل، شاب سوري يقيم في أوروبا، ويدير حسابًا في تطبيق "بيغو لايف" يصنف بأنه من أكبر الحسابات في التطبيق، من حيث الدعم، وتلقي الدعم، أكد لفريق التحقيق، أن السنوات الثلاث الماضية التي تزامنت مع تردي الأوضاع المعيشية في سوريا، زادت إقبال السوريات على هذه التطبيقات.

لا يمكن رصد البثوث المباشرة لتلك الفتيات عند البحث داخل التطبيق في منطقة سوريا، إذ غالباً ما يستعملن تطبيقات تظهر مواقعهن الجغرافية في دول الخليج، للعثور على داعمين ثابتين ينحدرون من تلك الدول

يشبّه باسل هذه الآلية بـ"التبني"، ويربطها بأمثلة للعديد من الفتيات يعرفهن بشكل جيد في التطبيق، يشرح أن الفتاة تبحث عن شخص غني يستخدم التطبيق يوميّاً، ويرسل إليها هدايا تفوق ما يجب عليها جمعه لتحقيق "التارغت" الخاص بها، وفي المقابل ترفض هي التعامل مع شبان آخرين في التطبيق.

غاية الداعم ليست واضحة، فهناك من يبحث عن علاقات افتراضية، وهناك من يبحث عن "وجاهة إلكترونية"، بطريقة تُذكر بمن يغدقون الأموال على الراقصات في المرابع الليلية، وقد ينفق داعم واحد داخل أحد التطبيقات أكثر من عشرة آلاف دولار خلال ساعات معدودة

لا يمكن استبعاد احتمال استخدام هذه التطبيقات لتبييض الأموال، أو لسداد ثمن مواد محظورة، عبر هرميّة معينة، غير أن إثبات هذه الفرضية بشكل موثّق ينطوي على تعقيدات كثيرة، يسعى فريق سيريا انديكيتور للتدقيق فيها في تحقيق منفصل.

وكلاء "يُشغّلون" الفتيات ويتحكمون بالمال

يشكل الوكلاء حلقة أساسية في دورة المال داخل التطبيق، إذ يحصل هؤلاء من إدارة التطبيق على حقوق تشغيل منشئي المحتوى (وقد يسمون: المذيعين والمذيعات)، ويكونون صلة الوصل بينهم وبين التطبيق.تطلب بعض التطبيقات إيداع مبالغ تأمين قد تصل إلى 20 ألف دولار لكل وكيل، لتضمن ألا يسرق رواتب من يعمل معه، لأنه المسؤول عن تسلم المستحقات، ومن ثم تحويلها إلى أصحابها، خاصة في حالة سوريا

ويحظى الوكيل بنسبة معينة من راتب كل من يعمل في وكالته، وفي تطبيق "سول شيل" الصوتي، تراوح هذه النسبة بين 10 و17% تقريباً.

عادة ما توافق التطبيقات على من يتقدم بطلب للعمل بصفة "وكيل"، في حال طبق الشروط المطلوبة، وعلى رأسها ضمان تشغيل عدد معين من منشئي المحتوى (معظم الوكلاء يفضلون النساء)، ودفع مبلغ التأمين

ويلعب الوكلاء دوراً في تأمين الداعمين للفتيات، لأنه يضمن بالتالي استمرار عمله وربحه، وفي حال لم يؤمن العدد الكافي من الداعمين فإن الفتيات يلجأن إلى وكالات أخرى، وفق نهى.

ممثلون معروفون على الخط

بعد محاولات متكررة للتواصل مع وكلاء في تطبيق“Bigo live”، وافق مسؤول واحدة من كبرى الوكالات العربية، وهو سوري الجنسية، على التحدث إلى معدي هذا التحقيق شريطة عدم ذكر اسمه الصريح، أو اسم وكالته، وطلب الإشارة إليه باسم "أبو المجد".

في الوكالة التي يديرها ينشط العشرات من أصحاب كبرى الحسابات على مستوى سوريا، ومن بينهم فنانون وممثلون سوريون، نتحفظ عن ذكر أمثلة لتجنب كشف هوية الوكالة، أو مديرها.

وتبحث بعض الوجوه السورية المعروفة عن مردود مادي داخل“Bigo”، وهم ممثلون من كلا الجنسين، اعتاد السوريون مشاهدتهم على شاشة التلفاز في الأعمال الدرامية، ويظهرون في الكثير من الأحيان في تحديات بينهم، يفوز منهم من يحصل أكبر قدر من الدعم.

الممثل السوري يزن السيد، سبق وقال في برنامج “في فخ إنه تقاضى خلال شهر واحد ما يعادل 200 مليون ليرة سورية من نشاطه على“Bigo Live”.

ويظهر في بثوث“Bigo” ممثلون مشهورون منهم ديمة بياعة، ليليا الأطرش، سوسن ميخائيل، يزن السيد، وليد حصوة، جيني إسبر، عبير شمس الدين، ليث المفتي، جيهان عبد العظيم، رنا الأبيض، وغيرهم.

ينحدر “أبو المجد” من ريف حلب، ويقيم في تركيا. قال لفريق التحقيق إنه يدير هذه الوكالة منذ سنوات. يصف نفسه بـ"صلة الربط بين الشركة والمذيع أو منشئ المحتوى"، إذ تبدأ هرمية العمل من مقر شركة“Bigo live” في سنغافورة، وتعتمد على الوكلاء لتحويل الأموال إلى منشئي المحتوى، وفق كلامه

يتطلب عمل الوكيل مجموعة من الشروط بحسب "أبو المجد"، أولها أن يكون مقيماً خارج سوريا، بسبب عدم وجود بنوك سورية تسهّل التعاملات المالية، وأن يملك حساباً تجارياً لتسلم الأموال بالدولار الأميركي حصراً.

لا تهتم الشركة بالطريقة التي قد تصل عبرها الأموال لمنشئ/ـة المحتوى عبر الوكيل، ما يهمها هو أن تصل هذه الأموال، ولو اقتطعت منها أجور التحويل، وحتى لو جرى تحويلها عبر السوق السوداء، كما يحصل في حالة سوريا

سوريا ليست وحيدة

من خلال الرصد الذي أجراه فريق "سيريا انديكيتور" داخل التطبيقات بعد الاشتراك فيها، وتجريب مزاياها، ومتابعة الفتيات وبثوثهن، والتواصل مع بعضهن، بدا جليّاً أنّ استخدام قسم من "المذيعات" لها بغرض ممارسة "الدعارة الإلكترونية" لا يقتصر على سوريا، بل يروج في دول عربية عديدة، أبرزها مصر، ولبنان، والعراق، ودول أخرى مثل تركيا، وروسيا، وأوروبا، ودول أميركا اللاتينية وغيرها.

ينقسم الزبائن ومستخدمو التطبيقات الذكور إلى أنواع أيضاً، ويتقاسمون مجموعة واسعة من الغايات، بدءاً بالحصول على خدمات جنسية افتراضية، مروراً بمن يبحثون عن التسلية وملء الوقت فقط، ولا يتطرقون إلى أيّ أحاديث جنسية، ولا يميل هذا النوع من مرتادي التطبيقات إلى صرف أموال فيها، ووصولاً حتى إلى من يزعمون البحث عن "عرائس"، ومن يتصيّدون فتيات لـ"استثمارهنّ" لاحقاً في ممارسة الدعارة الواقعيّة

 محتوى فاضح يخالف “اتفاقية المستخدم”  

في البند السادس من اتفاقية المستخدم المنشورة على الموقع الرسمي لتطبيق“Bigo live”  منعت الشركة المالكة للتطبيق (مقرها سنغافورة) التورط في المواد الإباحية وعرض “الأجزاء الحساسة من الجسم” بأيّ شكل من الأشكال.

لم يحدد البند طبيعة “الأجزاء الحساسة” باعتبار أنها تتفاوت بين ثقافة وأخرى، وبلد وآخر، فيما رصد فريق "سيريا أنديكيتور" عبر التطبيق محتوى قائماً على استعراض أجزاء من الجسد بغرض الحصول على دعم مالي.

من بين الحسابات التي وثقنا نشاطها في هذا السياق حسابٌ لفتاة باسم مستعار (نتحفظ عليه لتحاشي الترويج له) يقوم محتواها بالكامل على استعراض الجزء السفلي من جسدها من منطقة الفخذين حتى أخمص القدمين، وتطلب دعماً بعملة البرنامج (فاصوليا أو بينز)، مقابل قضاء سهرة مع صاحب أكبر دعم.

ويتسابق المتفرجون على المحتوى لتقديم الدعم، طمعًا بـ"السهرة" التي تعد بها صاحبة الحساب، وهي فتاة سورية مجهولة الهوية، لم يظهر وجهها إطلاقاً خلال البث المباشر، أو حتى عبر خاصية التسجيلات المصورة التي تنشرها في الحساب

يُظهر الموقع الجغرافي للحساب أنّ مديرته تقيم في سوريا، دون تحديد المحافظة على وجه الخصوص، وهو ما يعزز صحّته سوء شبكة الإنترنت خلال البث المباشر الذي يتقطع، وتتفاوت جودته، بين حين وآخر.

كذلك، وثّق فريقنا تسجيلات مصورة لبعض منشئات المحتوى عبر خاصية "فيديو" التي تشبه خاصية "ريلز" في تطبيق "إنستغرام"، معظمها ذو طابع إباحي يقوم على إظهار أجزاء من الجسد، أو استخدام أدوات عشوائية، للإيحاءات الجنسية، وهو ما يخرق البند السابع من قوانين الاستخدام في التطبيق نفسه.

كيف ردت“Bigo live”  

من بين الشركات الواردة أسماؤها في التحقيق، أجابت شركة“JOYY Inc” المالكة لـ”Bigo live”  عن أسئلة طرحها فريق التحقيق حول جدية ضبط المحتوى عبر منصتها، والرقابة المفروضة على المحتوى الجنسي، أو المحتوى المصور القائم على العري.

وقالت الشركة إنّ نظامها الأساسي يأخذ أيّ ادعاءات بشأن محتوى أو سلوك غير لائق على محمل الجدّ، وإنها تولي سلامة ورفاهية مستخدميها أهمية قصوى وخاصة الفئات الضعيفة مثل القاصرين.

وأضافت أنها برغم شروط الاستخدام الصارمة التي تحظر مثل هذه الأنشطة، تدرك وجود حالات لانخراط أفراد في سلوك محظور. ولمكافحة ذلك، تنظم الشركة ما سمّته عملية إشراف على المحتوى متعددة الخطوات على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع.

تشرح إدارة الشركة في ردّها على أسئلة "سيريا أنديكيتور" أنّ عملية الإشراف مصممة لتحديد المحتوى العام غير المناسب باستخدام مزيج من تكنولوجيا إدارة الذكاء الاصطناعي المتطورة، ومن فحص المحتوى بواسطة فريق مكون من 6000 مشرف على مستوى العالم لتحديد المشكلات المتعلقة بالانتهاكات وتصحيحها بسرعة.

الشركة غير صادقة

تتنافى تأكيدات شركة“JOYY Inc” المالكة لـ”Bigo live”  مع حقيقة احتواء التطبيق على حسابات لمستخدمين قاصرين من الجنسين.

على سبيل المثال، تمكن فريق التحقيق دون ذكاء اصطناعي من توثيق حساب لفتاة قاصر تنحدر من محافظة طرطوس السورية، بدأت مشوارها في المنصة منذ نحو ثلاث سنوات، ولا تزال مستمرة فيه حتى اليوم، علماً أن عمرها كان في أيار الماضي 17 عاماً، وفق ما قالته خلال بث مباشر.

وأضافت الشركة أنها تتعاون مع وكالات إنفاذ القانون والسلطات التنظيمية لمعالجة أيّ أنشطة غير قانونية أو انتهاكات لشروط الخدمة.

أما الشركة المُشغلة لتطبيقSoulChill، فلم توفر آلية للتواصل معها عبر موقعها الرسمي، ولذلك لجأنا إلى التواصل مع خدمة العملات من داخل التطبيق، ولم نحصل على رد حتى ساعة نشر هذا التحقيق.

ولم نجد من الضروري التواصل مع شركتيLikeeو”Tango”  لأنهما تتبعان لشركة“Bigo”  نفسها، وفق ما أدرجته عبر موقعها الرسمي.

 



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة