الجمعه 14 تشرين الثاني 2025 - 0:01
كتبت (تالا غمراوي)
"ختموا باب بيتي بالشمع الأحمر بعد سنة على وفاة حماتي"، بهذه الكلمات المليئة بالغصة والحزن روى المهندس زياد نابلسي ما تعرضت له عائلته من ضغوط وملاحقات من قبل مستشفى النيني في طرابلس، على خلفية فواتير علاج تخصّ زوجة عمّه الراحلة، التي توفيت قبل نحو سنة في 5/11/2024.
وأضاف نابلسي: "المرحومة المربية، التي كانت تبلغ من العمر 85 عاماً، أمضت نحو ستة أشهر في مستشفى النيني، قبل أن يُطلب نقلها إلى مستشفى سيدة زغرتا أو مستشفى الرحمة بعد فقدان الأمل. خلال هذه الفترة، كانت المستشفى تتقاضى المبالغ من العائلة ومن تعاونية موظفين الدولة، إذ يتم اقتطاع 80% من التكاليف من التعاونية. والمبلغ الذي دفع نقداً تراوح بين 20 و30 ألف دولار، ومع تغطية التعاونية، من المؤكد أنّ المبلغ الإجمالي تجاوز الـ100 ألف دولار، لأنها كانت في العناية الفائقة".
وأوضح نابلسي أن المستشفى في الفترة الأخيرة من علاج المريضة بدأ بالتشديد والضغط على العائلة، "فكان يطلب دفع المبالغ نقدًا عند أي عملية أو علاج، أو توقيع أوراق دون معرفة مضمونها. زوجتي وشقيقتها وقّعتا على بعض الأوراق خوفًا على والدتهما، وكل ما أردنه هو إنقاذ حياتها، رغم عدم القناعة الكاملة بما كان يجري".
وأشار إلى أنه بعد شهر أو شهرين من وفاة زوجة عمه، بدأ المستشفى بالاتصال بالأولاد عبر المحامي محمد شما لإبلاغهم بوجوب تسديد مبالغ مالية، وإلا سيتم الحجز على ممتلكاتهم.
وأضاف بحسرة: "المستشفى يرفض إعطائي كشف حساب رسمي، لكن بحسب ما قالوه لنا، المبلغ المتبقي يقارب 4500 دولار، ونحن لا نعلم دقته. الأسبوع الماضي حضر عناصر قوى الأمن الداخلي إلى منزل عمي وسجّلوا كل محتويات البيت، وقالوا لهم: أمامكم عشرة أيام لتسديد المبلغ، وإلا سيُعرض العفش في المزاد العلني. المصيبة الأكبر وقعت يوم السبت الفائت، حين وصلت إلى باب منزلي فوجدته مختومًا بالشمع الأحمر، وممنوع فتحه".
وأكّد نابلسي أن محامي العائلة، وليد الجسر، قدّم اعتراضاً، قائلاً إنهم مطالبون بانتظار القرار، مشيراً إلى أنه سيقدّم أيضاً شكوى ضد مستشفى النيني، معتبراً أنّ الوضع مأساوي بكل معنى الكلمة. وتساءل نابلسي: "هل يُعقل بعد سنة على الوفاة أن يختموا باب البيت بالشمع الأحمر؟ أنا صهر العائلة، فبأي حق يختمون منزلي؟".
سابقة خطيرة
من جانبه، رأى الناشط السياسي مؤسس ورئيس جمعية بناء الإنسان الخيرية ربيع مينا أنّ ما حصل يشكل سابقة خطيرة في طرابلس، وقال في تصريح لـ"أيوب" إن الشعب لم يشعر بأي نتائج ملموسة من هذا العهد، متسائلًا عن غياب نواب المدينة عن الأحداث وما يجري من ممارسات.
وكان الناشط ربيع مينا أول من أطلق صرخة استغاثة ونداء لوزير الصحة كاتباً على صفحته في الفيسبوك: "رجاء وفضلاً المساهمة بالنشر على أوسع نطاق، القضية إنسانية، اليوم هم وربما نحن غدًا. سابقة خطيرة في طرابلس. إلى معالي وزير الصحة، إلى الرأي العام، إلى كل من لا يزال في قلبه ذرة ضمير. في مدينة طرابلس التي أنهكتها الأزمات، تُسجّل اليوم سابقة خطيرة لم تعرفها المدينة في تاريخها الحديث: مستشفى خاص يرفع دعوى على أهل مريضة توفيت منذ أكثر من سنة، بعد أن مكثت في المستشفى نحو ستة أشهر، دفعت عائلتها خلالها ما بين 25 إلى 30 ألف دولار نقدًا، إضافة إلى تغطية تعاونية موظفي الدولة كونها كانت معلمة خدمت وطنها أكثر من 35 عامًا. ومع ذلك، لم تكتفِ إدارة المستشفى بما قبضت، بل رفعت دعوى على ابنة الأولى للراحلة، وحجزت أثاث منزلها، لتفاجأ العائلة أيضًا عند عودة الصهر إلى المنزل بأن المنزل مختوم بالشمع الأحمر، والعائلة باتت تنام في العراء! أي إنسانية هذه؟ أي قانون يجيز أن تُهان حرمة بيت لبناني بهذه الصورة؟ أي نظام صحي هذا الذي يصم آذانه عن صرخة الناس ووجعهم؟ لقد ناشدنا فخامة الرئيس، وناشدنا معالي وزير الصحة، ولم يتصل أحد، لم يسأل أحد! بينما الكلمة الطيبة أتت فقط من مواطنين بسطاء، من قلوب حقيقية ما زالت تعرف معنى الرحمة. نحن لا نطلب المستحيل، نطلب فقط العدالة والرحمة والكرامة في وطن يُفترض أنه يحمي أبناءه لا يهينهم. وإذا كان بيت مختوماً بالشمع الأحمر نتيجة طمع أو جشع أو ظلم مستشفى خاصة، فمن يضمن ألا يأتي الدور غدًا على بيت آخر؟ إننا نطالب القضاء اللبناني بالتحرك الفوري لوقف هذه المهزلة، ونحمّل وزارة الصحة مسؤولية الصمت المريب، ونقولها بكل وضوح: طرابلس لن تقبل أن تُهان كرامة أهلها، ولن تسكت عن فعل مشين كهذا، لأن الإنسان فيها أغلى من الفاتورة، وأكرم من أي إدارة".
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط



