منوعات


رضوان السيّد متى تكريمه في لبنان؟

الجمعه 4 نيسان 2025 - 0:04

كتب (السفير  يوسف  صدقة)

لفتني مقال القاضي الشيخ خلدون عريمط، حول المفكر د. رضوان السيّد، وقد عبّر فيه عن خيبته من عدم تكريم السيّد في لبنان، وهو الذي نشر فكره الإسلامي النيّر في العالم العربي والإسلامي، وقد نشر رسالة الإسلام الحقيقية القائمة على الوسطية وقبول الآخر. فعندما نتحدث عن د. رضوان السيّد في الأوساط الأكاديمية الألمانية، يشار إلى اسمه بالاحترام والتقدير، لأنه عرف الفلسفة الألمانية، وتعمّق في الاستشراق الألماني وخلفياته الفكرية والدينية.

السيرة العلمية للدكتور رضوان السيّد

بدأ الدكتور رضوان السيّد مسيرته الأكاديمية، بتكوين مزدوج، جمع بين التعليم الإسلامي التقليدي، والتأهيل العلمي البحتّي الحديث. فقد درس في الأزهر الشريف مما أكسبه قاعدة صلبة، في التراث الإسلامي.

ثم انتقل إلى ألمانيا لنيل الدكتوراه في الفلسفة الإسلامية. عاد إلى الوطن، وتولى مسؤوليات أكاديمية، وتولى تحرير عدد من المجلاّت الفضلية المتخصصة.

نال د. السيّد تقديراً واسعاً، على إنجازاته الأكاديمية، فقد منح جائزة الملك فيصل العالمية في الدراسات الاسلامية عام 2017، تقديراً لأعمال قد نشرها في الفكر السياسي الاسلامي. كما حاز على عدة جوائز من مؤسسات علمية وثقافية في العالم العربي الإسلامي. ويعتبر اليوم مرجعاً في الدراسات الإسلامية، والفكر العربي الحديث، وهو يحظى بتقدير خاص، بجهوده في الجمع بين أصالة التراث والانفتاح العلمي الحديث.

1- الدور الريادي للسيّد في الفكر الإسلامي

يُعدّ د. رضوان السيّد من أهم المفكرين العرب المنشغلين بالدراسات الإسلامية، في نصف القرن الأخير، سواء من حيث التأليف أو التحقيق أو الترجمة. امتدت مساهمته البحثية إلى ميادين متعددة من الفكر الإسلامي وتاريخ الفكر والسياسي إلى قضايا الأصولية وحركات التجديد. تميّز بمشروعه الفكري، بمنهجية نقدية تجمع بين تحليل التراث الإسلامي في سياقه التاريخي وبين استشراف قضايا الواقع المعاصر.

يرى د. السيّد أنّ إعادة فهم التراث الإسلامي، بمنهج حديث كفيلة بإثراء التراث الفكري العربي المعاصر، وإيجاد حلول لمشكلاته الراهنة.

ركزّ السيّد في أبحاثه على قضايا الفكر السياسي الإسلامي وتطوره عبر التاريخ. كما درس المناهج السياسية مثل الأمّة والجماعة والسلطة والشورى، محللاً نصوص التراث، إلى جانب الواقع التاريخي لتطبيقها، وألّف كتباً مرجعية مهمة تناولت نشأة الفكر السياسي الإسلامي وتطوره وعلاقته بالدولة الحديثة. كما بحث في جذور الحركات الإسلامية السنيّة المعاصرة والشيعية المعاصرة على حدّ سواء، كما تعمّق في دراسة أدبيات جماعة الإخوان المسلمين ونشأتها منذ عشرينات القرن الماضي.

يقدّم رضوان السيّد مشروعاً تأسيسياً يتجاوز الثنائيات التقليدية (تراث/حداثة) نحو فهم أكثر تكاملاً واستمراراً، لتاريخ الفكر الإسلامي. فشارك في مؤتمرات وندوات جمعت مثقفين مسلمين ومسيحيين لمناقشة قضايا التعايش وحقوق الإنسان منذ التسعينات، والحوار الإسلامي المسيحي، إيماناً منه بأهمية التواصل بين المكونات الحضارية.

2- الحضور الثقافي والسياسي في المشهد الفكري العربي

لم تقتصر اسهامات رضوان السيّد على المجال الأكاديمي للبحث، بل امتدت إلى الساحة الثقافية والصحافة العربية إلى النقاشات السياسية والفكرية العامة. عالجت كتاباته موضوعات أزمات الدولة الوطنية في العالم العربي، إلى صعود التطرف والعنف، مروراً بقضايا الفكر الإسلامي المعاصر، وتجديد الخطاب الديني. يتميّز طرح السيّد بالاعتدال والانحياز لفكرة الدولة المدنية والاستقرار، مع عقد الحركات الأصولية التي تهدّد كيان الدولة والمجتمع.

حظي الدكتور السيّد باحترام الأوساط الفكرية العربية والاسلامية لجهوده الفكرية المتوازنة، مما جعله صوتاً بارزاً في الخطاب العربي المعاصر. يجمع د. السيّد بين عمق الباحث ورؤية المفكر الاستراتيجي، وقد عبّر عن آرائه في مختلف المنابر من الندوات الأكاديمية إلى وسائل الإعلام، وظل ملتزماً بقضايا النهضة العربية والاصلاح الديني والسياسي بوصفهما سبيلاً لتحقيق التقدّم والاستقرار في المجتمعات العربية.

وخلاصة طرح السيّد أنّ التجديد الحقيقي في الفكر الإسلامي، لن يتم إلا عبر حوار داخلي عميق، بين العلماء والمفكرين، يتناول اصلاح المؤسسة الدينية والتعليم الديني، وعبر مصالحة بين التراث وقيم الحداثة، تبيّن استمرار المقاصد الإسلامية مع تغيير الأشكال، وهذا ما يحتاج إلى بيئة سياسية داعمة.

فحرية التفكير والاجتهاد تستلزم وجود دولة وطنية مستقرة تحترم التنوّع وتحمي الفكر من التطرف والاقصاء.

من هنا تأتي دعوته الداعمة إلى اصلاح الخطاب الديني جنباً إلى جنب، مع اصلاح الأوضاع السياسية والاجتماعية في العالم العربي لتحقيق نهضة متكاملة.

3- تكريم د. رضوان السيّد

كُرم د. رضوان السيّد في السعودية ومنحه الملك سلمان بن عبد العزيز الجنسية السعودية، كما  كُرم في دولة الامارات العربية المتحدة وعدداً من الدول العربية والاسلامية.

يُعدّ د. رضوان السيّد من أهم المفكرين في العالم العربي والاسلامي، لم يحظ بأي تكريم في بلده لبنان. والسؤال المطروح هل هناك طبقية عند أهل السنة والجماعة في لبنان؟ هل لأن د. رضوان السيّد ينتمي إلى قرية جبلية في ترشيش ولا ينتمي إلى أصل مديني؟



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة