الأربعاء 30 تشرين الأول 2024 - 0:06
كتبت (تالا غمراوي)
يبدو أنّ عام 2024 هو عام كارثي على لبنان على كافة الأصعدة، فإلى جانب القصف الإسرائيلي بالقذائف الفوسفورية في الجنوب حيث تحوّلت مساحة شاسعة من الأراضي إلى رماد، وأظهرت صور الأقمار الاصطناعية أنّ الحرائق في الجنوب تخطّت الـ4300 هكتار، تشهد جميع المناطق اللبنانية حرائق متنقلة. وكانت الإحصاءات أظهرت تراجعاً في معدّل الحرائق بين عامي 2021 و2023 بنسبة 90% عن المعدّلات السنوية للأراضي المحروقة. السؤال هنا هل هذه الحرائق هي من صنع الإنسان عن قصد أو عن جهل؟ ومن يقف خلفها؟
خطار: الحرائق من صنع الإنسان
أعلن مدير عام الدفاع المدني ريمون خطار أنّ "كل الحرائق التي نشهدها هي من صنع الإنسان إنما عن قصد أو عن جهل ونحن في أوج موسم الحرائق".
وأضاف في تصريح له: "عثرنا على عبوات بنزين في محيط حريق الربوة في المتن، وأتمنى على المواطنين عدم الإقدام على حرق الأعشاب".
كما أشار إلى أنّ "الطوافات لا تستطيع التوجّه للمشاركة في إخماد حرائق جزين مع تحليق الطيران الحربي الإسرائيلي والمسيّرات في الأجواء".
ماذا يقول خبراء البيئة؟
في هذا الإطار، يعدد الخبير البيئي الياس إسبر لـ"أيوب" أبرز العوامل عن سبب اندلاع هذه الحرائق:
1-غابات لبنان ممتلئة بالنفايات الصناعية والمنزلية المرمية عشوائياً وأكياس النايلون. وبسبب الحرارة المرتفعة والتخمين، تصبح هذه الأكياس والنفايات ممتلئة بالغازات ما يؤدي إلى انفجارها وتسببها بإشعال حريق.
2- عبوات البلاستيك والعبوات الزجاجية المرمية عشوائياً في كلّ الأحراج حين "تتعامد" مع أشعة الشمس تتحوّل إلى بلورة، وتؤدي إلى اندلاع نار أسفلها، ثم إلى نشوب حريق.
3- الغابات في لبنان أصبحت مُشبعة بمادة الكبريت المُتأتية عن المازوت والفول، وهي منتشرة في الأحراج. وعندما يحصل أيّ احتكاك لأوراق الشجر بسبب الرياح الدافئة يؤدي هذا الأمر إلى اندلاع النيران والتسبب بحريق.
4- رمي النفايات من زجاج السيارات والسجائر التي تكون لا تزال مُشتعلة.
5- هناك من يقوم بنزهات في الطبيعة وبإشعال الجمر والفحم من أجل تحضير الطعام والنرجيلة، ويقومون قبل مغادرة المكان برمي الفحم المُشتعل في الأحراج. وهذا الأمر أيضاً من أبرز مُسببات الحرائق.
ويشدد على أنّ هناك العديد من الأخطاء والمشاكل التي تحتاج لمعالجة ولاتخاذ قرارات صارمة من أبرزها تحرير محاضر ضبط بحق من يُخالف القوانين ويرتكب جرماً إن على صعيد رمي النفايات في الطرقات أو الحراج، وذلك بهدف حماية الغابات والثروة الحرجية. ولفت إلى أنه في بداية أيّ حريق تحصل كارثة كبرى لأن الحريق يندلع بسرعة، ويتمدد بشكل أسرع لأن كمية الأوكسيجين التي تفرزها الأشجار تعطي نسبة أوكسيجين عالية جداً ما يُساعد على انتشار الحرائق بشكل خطير.
وأشار إسبر إلى نقطة مهمة جداً عند إطفاء الحرائق ولا سيما من خلال نقل المياه بالطوافات ورميها على المساحات الخضراء المُحترقة حيث قال: "الخطر الأكبر عند إطفاء الحرائق هو عندما تقوم الطوافة برمي المياه من ارتفاعات عالية على الغابات، فالمياه عندما تتعرّض لتأثير مروحة الطوافة يتشكل رذاذ مائي عالٍ جداً يتحوّل بدوره إلى ذرات من الأوكسيجن تساعد على انتشار الحريق بشكل كبير.
وتابع: الخطر الأكبر هو أنّ الطوافات تعبئ المياه من البحر وهي مياه مالحة وترميها على الأشجار المُحترقة بهدف إخماد النيران. ولكن من خلال هذه الطريقة، ندمر الأشجار والجذور الموجودة في أسفلها فلا تعود تثمر وتحتاج الأرض لسنوات طويلة ما بين 10 إلى 15 سنة لتتخلص من كميات الملح التي تسرّبت إلى جذور الأشجار. وهذا الأمر خطير جداً حيث نكون نُعالج مشكلة ونتسبب بمشكلة أخرى.
أكثر من 20 حريقاً في يوم
أعلن الدفاع المدني يوم أمس 29 تشرين الأول عن اندلاع أكثر من ٢٠ حريق أعشاب وأشجار في العديد من المناطق في يوم لا يشبه أيّ يوم مضى. وبلغ معدل الحرائق في أحراج لبنان نسبة غير مسبوقة خلال ساعات هذا النهار، مناشداً المواطنين توخي الحذر من إضرام النيران حصراً لمزيد من الكوارث البيئية:
- في محافظة جبل لبنان توزعت الحرائق على مختلف الأقضية، من قضاء المتن (الربوة) إلى قضاء كسروان (القليعات/أبو ميزان، جعيتا، كفرذبيان) إلى قضاء عاليه (بتاتر)، وقضاء الشوف (عماطور، نهر الحمام/غريفة، بتلون، الفوارة، البيرة، بعقلين/رأس الديب، اغميد، بيت الدين). وفي قضاء بعبدا (بطشاي). وفي إقليم الخروب (حصروت، عانوت). وفي المتن الأعلى (حمانا)، وفي قضاء جبيل (علمات، فرحت).
- في محافظة الشمال طالت الحرائق أيضاً العديد من المناطق: إهدن، بلوزا (بشري)، بطرماز (الضنية)، عكار العتيقة، بلانة الحيصة، بيت يونس.
توازياً، تهيب المديرية العامة بالمواطنين والبلديات إلى ضرورة مراقبة المساحات الحرجية، والتبليغ فوراً عن أيّ اعتداء على الطبيعة بإشعال النار.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط