السبت 22 حزيران 2024 - 0:09
كتب (هشام عليوان)
هي مراجعة نقدية لكتاب علوم الشرع والعلوم الاجتماعية: نحو تجاوز القطيعة – أليس الصبح بقريب. للمؤلف الدكتور ساري حنفي. الناشر: مركز نهوض للدراسات والنشر.الكويت - لبنان. سنة النشر: 2021. عدد الصفحات: 800.
ترافق ظهور الكتاب مطلع عام 2021، مع حملة تعريفية لفكرته الأساسية، عبر مناقشات فكرية، حضورياً وافتراضياً (عن بُعد)، مع المؤلّف، ومن خلال حوارات صحافية، ومقالات – مراجعات، في وسائل إعلامية مختلفة. لقد بُذل جهد وافٍ لجعل الأطروحة الصعبة للكتاب، في أوسع مجال تداولي ممكن، والغرض ليس أكاديمياً ضيقاً، بل التأثير في الواقع الإسلامي الراهن، كما يتراءى جلّياً من ثنايا الكتاب ومطوياته.
وكان ثلّة من أساتذة كلية الدعوة الجامعية، من أوائل المناقشين لمؤلّف الكتاب، في جلسة دامت أكثر من ثلاث ساعات، جرت وقائعها في 3 نيسان/أبريل عام 2021، في قاعة معهد عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدولية في حرم الجامعة الأميركية، وعبر تطبيق الزوم، وشارك فيها عميد كلية الدعوة الجامعية للدراسات الإسلامية في بيروت آنذاك، الدكتور باسم عيتاني، رفقة أساتذة آخرين من الكلية، هم الدكتور أمير سوبرة، والدكتور شعبان شعار، والدكتور طارق رشيد، والدكتور فاضل كثيري، والدكتور محمد ماضي، والأستاذ سعد اسكندراني، وكاتب هذه المراجعة. وقضت الخطة بتقاسم فصول الكتاب ومباحثه بيننا، من أجل التمكّن من الإلمام بهذا الكتاب الكبير، الثريّ بالبيانات، والإشكالي بالنظريات، على أن يطّلع الجميع على المقدّمة والخاتمة، لأنهما تنطويان على الطرح الجوهري، وهو الموضع الجدير بالنقاش المعمّق.
وعلى الرغم من تلك المناقشة المطوّلة في الجامعة الأميركية، وما سبقها ولحقها، من مطالعات ومعالجات متعدّدة، إلا أنّ مراجعة نقدية أكثر تفحّصاً لطروحات المؤلّف، وأكثر تدقيقاً بالمعاني والأبعاد، وأعمق حَفْراً في المنطلقات النظرية والفكرية التي نزح منها الدكتور حنفي، هي ممّا قد يُفضي إلى إدراك أفضل وأشمل، للكتاب وأغراضه، واستدراكاً أوفى لمواضع القوة والوهن فيه.
يتكوّن هذا الكتاب البحثي المرجعي، من خمسة أبواب، وأربعة عشر فصلاً. ويجمع بين دفّتيه الأبحاث الميدانية ذات العلاقة بمناهج تدريس العلوم الشرعية في بعض الكلّيات العربية والإسلامية ومدى تبنّيها للعلوم الاجتماعية منهجاً وتدريساً، ويضمّ كذلك المقاربات النظرية التي يراها المؤلّف مفيدة لتحقيق غرض الكتاب، وهو تجسير الهوة ين علوم الشرع وعلوم الاجتماع.
أما مؤلّف الكتاب، فهو البروفسور ساري حنفي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأميركية في بيروت، ومدير مركز الدراسات العربية والشرق أوسطية ورئيس برنامج الدراسات الإسلامية فيها. وهو أيضاً رئيس تحرير سابق للمجلة العربية لعلم الاجتماع إضافات، ورئيس الجمعية الدولية لعلم الاجتماع (2018-2023) وقبلها كان نائب رئيس، وعضو مجلس أمناء المجلس العربي للعلوم الاجتماعية (2012 – 2016). وهو مؤسس ومدير البوابة الإلكترونية حول الأثر الاجتماعي للبحث العلمي حول/من العالم العربي (أثر). متخصّص في السوسيولوجيا السياسية، سوسيولوجيا المعرفة، سوسيولوجيا الدين، وسوسيولوجيا الهجرة واللاجئين والعدالة الانتقالية. لديه عدد كبير من المقالات وأحد عشر كتاباً مؤلفاً أو محرّراً، ما جعله يفوز بجائزة عبد الحميد شومان عام 2014 عن دور التكنولوجيا في التغيّر الاجتماعي، وجائزة الكويت لعام 2015 في مجال العلوم الاجتماعية، وكذلك درجة الدكتوراه الفخرية من الجامعة الرائدة في بيرو (أميركا اللاتينية)، Universidad Nacional Mayor de San Marcos (أنشئت في 1551م). وانتُخب زميلاً في الأكاديمية البريطانية مدى الحياة تقديراً لمساهمته في العلوم الإنسانية والاجتماعية.[1]
ينطلق الكتاب من الواقع التعليمي لعيّنة من الكليات الشرعية، مفّنداً المناهج المعتمدة لديها، والأساليب التربوية السائدة فيها، رابطاً بين نُقود الأقدمين والمُحدثين لتلك المناهج والأساليب، منتقلاً من مجال تربوي خاصّ إلى طرح نظري مختلف، هو جوهر الكتاب، ولُبّه، وكُنهه، أي "الوصل" بين علوم الشرع والعلوم الاجتماعية، والهدف هو تجاوز القطيعة بينها، ومستوحياً من كتاب سابق للشيخ التونسي محمد الطاهر بن عاشور (ت 1973)، عنوان: "أليس الصبح بقريب"، كعنوان رديف لكتابه، بهدف استعماله في غَرَض آخر، هو الأمل والرجاء في استدخال العلوم الاجتماعية في صلب العلوم الإسلامية، لتكون هي الأساس في فهم الواقع المستجدّ والمتسارع في تغيّره، بنظرياته، ونماذجه الحاكمة، وإحصاءاته المتنوّعة، فتكون عوناً في قراءة الأحكام الشرعية وفق رؤية معاصرة، وتنزيلها على الواقع إياه بطريقة مختلفة، وفق منهجية مقاصد الشريعة والمقاربة الأخلاقية.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط