الأربعاء 17 تموز 2024 - 0:05
كتب (هشام عليوان)
الهدف من كتاب الدكتور ساري حنفي علوم الشرع والعلوم الاجتماعية: نحو تجاوز القطيعة – أليس الصبح بقريب، ليس المُضيّ وحسب في جهود إصلاح التعليم الشرعي وترقيته، وإخراجه من ربقة الاستنقاع في المياه الراكدة منذ قرون، بل إحداث خرق إبستمولوجي، في ذهنية الاجتهاد الفقهي، بما يصبّ في اتجاهات راهنة، لم تفتأ تنادي بتأويل النصّ الديني، كي يتناسب مع تطوّرات الواقع المجتمعي المعيش.
أما مراجعة الكتاب، فتعتمد من جهة، على المنهج الوصفي بما يتضمّنه من تحليل ومقارنة، ومن جهة أخرى، على المنهج التاريخي لرصد تطوّر الأفكار وتأثير السابق في اللاحق عبر المراحل المتعاقبة.
وتنقسم المراجعة إلى ثلاثة أقسام:
أولاً، في شكل الكتاب وتقسيماته:
المقدّمة. تتوزّع مقدّمة المؤلف (17-33) على ثلات مباحث: قصة الكتاب، الهواجس والأسئلة البحثية، وبين دفّتي الكتاب. يحكي المبحث الأول (17-27)، سيرة الكاتب في دمشق وبيئتها الثريّة فكرياً في سبعينيات القرن الماضي، ومعايشته تيارات شتى، إسلامية ويسارية، بما قد يشير إلى الدافع والحافز وراء تأليف الكتاب، وهو محاولة الوصل بين التناقضات الفكرية لتيارات دينية وسياسية مختلفة. فإذا كانت القطيعة بين المثقف الإسلامي والمثقف اليساري، هي ذات دلالات سوسيولوجية، فكذلك هي - بارتباط منطقي ما - القطيعة بين علوم الشرع والعلوم الاجتماعية. لكن هل تنجح محاولة الوصل بين العلوم الدينية والدنيوية بما يؤدّي تلقائياً إلى التلاقي الفكري بين التيارات الإسلامية والعلمانية؟ إنّ الوصل بين علوم الشرع وعلوم الاجتماع ممكن وفق قواعد منهجية معيّنة ذات علاقة عضوية باختلاف المواضيع والمجالات والمنطلقات. لكن هذا الوصل المنهجي بين العلوم، لن يوصل بالضرورة إلى التلاقي المنشود ضمنياً بين التيارات. فهل لهذه السردية غرض ضمني آخر، وهو الإلماح بتوصّل المؤلف مع الثقافة الإسلامية وتياراتها الرئيسية، بما يؤهّله للكلام عن مناهج التدريس في الكلّيات الشرعية؟
في المبحث الثاني (27-29)، يلِج الكاتب في صلب التساؤلات البحثية. فمنطلق الكتاب، أنه لا يمكن اختزال الدِّين في الفقه. والفقه يلزمه فهم للأخلاق. وتنزيل الفقه على الواقع يحتاج إلى أدوات علمية، هي تتطوّر في العلوم الإنسانية عامة، وفي العلوم الاجتماعية خاصة. ويحاول الكتاب الإجابة عن جملة من الأسئلة، أبرزها: ما هدف التعليم الديني؟ وما الفرق بين التعليم الديني والتربية الدينية؟ ما طبيعة العلاقة بين علوم الشرع والعلوم الاجتماعية؟ وكيف نُدخل العلوم الاجتماعية إلى كلّيات الشريعة؟ ما هي برامج التكوين والنظام البيداغوجي المعتمد في كليات الشريعة؟ ما هي أهم التوجّهات الفكرية الأكثر حضوراً في الفضاء الجامعي؟ ما هي سمات الإنتاج العلمي؟ وما هي المقترحات على المتشرّعين لتطوير أدواتهم؟
أما المبحث الثالث (29-33)، فيهتمّ بوصف العمل وتمويله. فالكتاب هو ثمرة جهود خمس سنوات من الأبحاث الميدانية بين عامي 2015 و2020، بتمويل من مركز نهوض للدراسات والبحوث (الكويت)، ثم من مؤسسة كارينجيCarnegie (الولايات المتحدة). دُرست مناهج كلّيات الشريعة في لبنان وسوريا والأردن والكويت والمغرب والجزائر وقطر، إضافة إلى الجامعة العالمية في ماليزيا. وأجرى المؤلف بمساعدة فريق عمل، 263 مقابلة مع أساتذة وطلاب في كليات الشريعة أو في كليات العلوم الإنسانية والاجتماعية، ناهيك عن التواصل مع الأفراد ذوي العلاقة بموضوع البحث، أثناء المؤتمرات والندوات العلمية، مع الاطّلاع على الأبحاث المحكّمة، والكتابات الصحافية، والمشاركات في وسائل التواصل الاجتماعي.
للاطلاع على كامل الدراسة:
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط