الثلاثاء 11 آذار 2025 - 10:05
أكد النائب فؤاد مخزومي أنّ لا لأي سلاحٍ غيرِ شرعيّ، والكلمةُ الأولى والأخيرةُ للجيشِ اللبنانيّ، والقوى الأمنيةِ والعسكريةِ الشرعية، وللدولة التي يجب أن تبسطَ سلطَتِها على أراضيها. عودةُ الدولةِ تبدأُ بتطبيقِ الدستورِ واتفاقِ الطائفِ الذي ينصُّ على سحبِ سلاحِ الميليشيات، واتفاقِ وقفِ إطلاقِ النارِ والقراراتِ الدوليةِ 1559 1680 و1701 واتفاقِ الهدنةِ، توصلاً إلى استمرارِ مساعدةِ المجتمعِ الدوليِّ لنا، كي نحمي لبنانَ وسيادته.
وأضاف: "المطلوبُ حمايةُ كل الحدودِ اللبنانية وضبطُها بواسطةِ الجيش، ونزع السلاحِ غيرِ الشرعيِّ في بيروتَ وكلِّ لبنان. مطلبُنا بوضوحٍ وضعُ جدولٍ زمنيٍّ لتحقيقِ هذا الهدف، لأنه الطريقُ إلى الدولةِ القوية المؤتمنةِ التي بدأتْ عودتُها في انتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجمهوريةِ عهدهُ للبنانيينَ أن يكونَ على رأسِ المؤسسات، حارساً للدستور، وحكماً عادلاً، وراعياً للعيشِ المشترك، ومستعيداً لمكانةِ لبنانَ في العالمِ العربيِّ والعالم، والرهانُ عليهِ كبير".
وتابع: "نَلتقي اليوم والوطنُ يعبرُ في مرحلةٍ انتقاليةٍ صعبةٍ وقاسية، عاشهَا أهلُنا خلالَ الحربِ الإسرائيليّةِ المدمرة التي أدّت لسقوطِ آلافِ الشهداءِ والجرحى والدمارِ والخسائرِ الاقتصادية التي تتجاوزُ وفقَ التقديراتِ العشرةَ ملياراتِ دولار. وهذا ما كنّا قد رفضناهُ وحذّرْنا مِنهُ تكراراً ومراراً، لكن وعلى الرّغمِ مما حصل، ها قد بَدَأَتْ عودَتُنا التَدريجيّةُ للتعافي، ونهوضُ الدولةِ من تحتِ الركامِ.
أيُّها الأصدقاء، أهلي في بيروتَ وفي كلِّ لبنان:
نحنُ من الدولةِ وإلى الدولةِ نعود. لا أحدَ ضدَّ المصالحةِ ونحنُ أولُ من دعا إليها.
لكن قبلَ المصالحةِ المطلوبُ المصارحة والقيام بجردة حسابٍ تطالُ من أوصلَ لبنانَ إلى الدمار، ذلكَ رغمَ كلِّ المناشداتِ بوقفِ حربِ الإسناد، التي لم تسندْ غزةَ ودمرتْ لبنان.
والمصارحةُ تَقتَضي مواجهةَ الحقائقِ كما هي: لن يكونَ هناكَ إعمارٌ إذا لم يتم تلبيةُ شروطِ بناءِ دولةٍ فعلية. لن نحميَ لبنانَ من خطرِ تجددِ الحرب، إذا استمرَّ الالتفافُ على القراراتِ الدولية، واتفاقِ وقفِ إطلاقِ النار، وانتهاكِ الحدودِ من الجنوبِ إلى البقاعِ وعكار، وتمريرِ السلاحِ والممنوعات، واستمرارِ المعابرِ غيرِ الشرعية، وانتهاكِ المعابرِ الشرعية.
اتفاقُ وقفِ إطلاقِ النارِ يتعثرُ تطبيقُه، ويتمُّ خرقُهُ من جميعِ الأطراف، وهذا ينذرُ باستئنافِ الحرب، والدولةُ وحدها بعدَ تسليمِ السلاحِ غيرِ الشرعيِّ، القادرةُ على منعِ الحربِ وتحريرِ الأرض".
وختم قائلاً: "في هذه المناسبةِ نذكّرُ المسؤولين، بأنَّ المدخلَ إلى مساعدةِ المجتمعِ الدوليِّ والعالمِ العربيِّ للبنان، يكمنُ في تطبيقِ القراراتِ الدولية، وحصرِ السلاحِ بيدِ الدولة، وإنجازِ الإصلاحِ في الإدارةِ والمؤسسات. وهذه معاييرٌ لا مساومةَ فيها وضعها العالمُ العربيُّ والمجتمعُ الدوليُّ لمصلحةِ لبنان، كي لا تذهبَ المساعداتُ إلى جيوبِ الفاسدين وكي لا يتمَّ هدرُ أموالِ الإعمار، في مغامراتِ حروبِ الآخرينَ على أرضِ لبنان.
لقد بدأتْ عودةُ الدولةِ إلى الدولة، وشُكلتْ حكومة ساهمنا جميعاً بولادتها بفعلِ قرارٍ منا بتخطي الحساباتِ الشخصيّة التي لا مكانَ لها من أجل تحقيقِ المصلحةِ العليا للبنانيين. سنكونُ كنوابٍ ممثلينَ للأمةِ في موقعِ مساعدةِ الحكومةِ ومراقبةِ عملها، تحقيقاً لحلمِ اللبنانيينَ بالإنقاذِ والإصلاح.
على اللبنانيينَ أن يعرفوا أنَّ الإعمارَ سيكلفُ أموالاً طائلة، وأنَّ المطلوبَ البدءُ بإعمارِ البنيةِ التحتية من طرقاتٍ وشبكاتِ هاتفٍ وماءٍ وكهرباءٍ ومستشفيات، كَمَدْخَلٍ إلى قدومِ الاستثمار. على أن تُسْتَكْمَل هذه الخطوة في مرحلةٍ ثانيةٍ هي إعمارُ المنازلِ والأبنيةِ المهدمةِ والمتضررة. نريدُ المساعدةَ للإعمارِ لمرةٍ واحدةٍ وأخيرة، وليس لنشهدَ دمارَ لبنانَ في حروبٍ لا مصلحةَ لهُ بها، كلَّ خمسِ أو عشرِ سنوات.
عودةُ الدولةِ إلى الدولة، يجبُ أن يتمَّ عبرَ بدءِ ورشةِ الإنقاذِ والإصلاحِ والمحاسبة، في جدولٍ زمنيٍّ محددٍ تلتزمُ به الحكومة، يبدأُ باستئصالِ الفسادِ والفاسدينَ من الجذور، من جسمِ المؤسساتِ السياسيةِ والإداريةِ كافة دونَ هوادةٍ ولا مساومةٍ ولا أنصافِ حلول، ويترافقُ مع هيكلةِ المصارفِ والسيرِ بقانونِ استقلاليةِ القضاء كي يكونَ مستعداً للمُحاسَبة.
المطلوبُ في هذا المجالِ خطواتٌ سريعةٌ لتحقيقِ الآتي:
فتحُ كلِّ ملفاتِ النهبِ والسرقةِ الكبرى التي أدتْ إلى الانهيارِ الاقتصاديِ في العامِ 2019.
إجراءُ تحقيقٍ جنائيٍّ في مصرفِ لبنانَ ووزارةِ المال والوزارات كافة، والتحقيقِ في ملفِّ الودائعِ والقطاعِ المصرفيِّ وتحديدِ المسؤولياتِ عن ضياعِ مدخراتِ اللبنانيينَ وجميعِ المودعين.
أيها الأصدقاءُ:
نبدأُ اليومَ مساراً جديداً نرجو أن يكونَ قصيراً، لاستعادةِ لبنانَ سيادتَهُ واستقلالَهُ ومؤسساتِه، بعدَ مرحلةٍ طويلةٍ شهدتْ كلَّ أنواعِ الوصايةِ وتعطيلِ قيامِ دولةٍ فعلية.
كلما سرّعْنا في بناءِ هذهِ الدولة، كلّما اختصَرْنا الطريقَ إلى التحريرِ وإعادةِ البناء، بحيثُ يعودُ أهالي القرى والبلداتِ التي دمرتها اسرائيلُ إلى قراهم بأمنٍ وكرامة، وبحيث يعادُ إعمارُ ما تهدمَ في الضاحيةِ الجنوبيةِ والبقاع.
بِرِهانِنا على قيامِ الدولةِ الفعلية، نَحمي العيشَ المشترك ونلفظُ كلَّ أحلامِ الاستقواءِ وفائضِ القوة، ونَحتَكِمُ جميعاً إلى السقفِ الذي يستظلُّ بهِ جميعُ اللبنانيين. وقد أثبَتَتْ تجاربُ الماضي أنَّ أيَّ رهانٍ على السلاحِ خارجَ الدولة وعلى أيِّ مشروعٍ خارجيّ، هو انتحارٌ مؤجَّل.
أيُّها الأصدقاءُ:
رسالتانِ عبرَ بريدِ الأخوةِ من بيروت، أوجِّهُها لفلسطينَ وسوريا.
نَتمنّى لفلسطينَ وأهلِها أن يَحلَّ السلامُ العادلُ والشاملُ المبنيُّ على حلِّ الدولتين، الذي أقرَّتهُ قمةُ بيروتَ في العامِ 2002، بما يُجنِّبُ الفلسطينيين، أهوالَ الحربِ ونتائِجها الكارثيّة، وما يُحقِّقُ لهم إقامةَ دولتِهِم المستقلة.
أمّا عن سوريا، فاللبنانيونَ يريدونَ أفضلَ العلاقات معها، وهناكَ ملفاتٌ تُشكِّلُ أولويةً لتصحيحِ العلاقةِ بين البلدين على أساسِ احترامِ سيادتِهِما، وهذا للأسفِ ما تقاعستْ الحكوماتُ السابقةُ عن القيامِ به. يجب العملُ بسرعةٍ على عودةِ النازحينَ والبدءُ بترسيمِ الحدودِ البحرية والبريةِ كاملةً وضَبْطِها، إضافة إلى إيجاد حل جذري لملف المفقودين اللبنانيين في سوريا.
أهلي في بيروتَ وفي كلِّ لبنان:
في رمضانَ وعلى موائدِ الرحمن، نُجدِّدُ العهدَ والوعدَ كي نكونَ على قدرِ مسؤوليةِ الحفاظِ على المصلحةِ العامةِ لأهلِنا والتعبيرِ عن صوتِهِم والوقوفِ الدائمِ إلى جانبهم في كلِّ الاستحقاقاتِ القادمة، وفي طليعَتِها استحقاقُ الانتخاباتِ البلديةِ في العاصمة الذي نتطلع فيه إلى انتخابِ مجلسٍ بلديٍ كفوء من خارجَ الاصطفافِ السياسيّ، يؤدي مهمةَ إنماءِ العاصمة خلافاً للمرحلةِ السابقةِ التي شهِدَتْ سوءَ الإدارة والفشلَ في تلبيةِ المتطلباتِ الإنمائيَّةِ للعاصمة.
أيّها الأصدقاء، أيّها اللبنانيون:
أنتُم مسؤولونَ عن بلدِكُم وعن مُستقبلِ أبنائِكم. سنقولُ كلمَتَنا وإيّاكُم في الاستحقاقاتِ القادمة، وسيكونُ إنتاجُ مجلسٍ نيابيٍّ سياديٍّ وإصلاحيٍّ في انتخاباتِ العامِ 2026 بأصواتِكُم وإرادتِكُم، هو البدايةُ الجديّةُ لوضعِ لبنانَ في المكانةِ التي يستحقّ.
رُبما للمرّةِ الأولى يُمكنُنا القولُ أن هناكَ فرصةً ثمينةً لاستعادةِ لبنانَ من الماضي إلى الغدِ الذي يليقُ بأجيالنا.الأملُ كبيرٌ فلنكنْ يداً واحدةً من أجلِ لبنان".
كلام النائب مخزومي جاء خلال حفل افطار أقامه في منزله أمس الاثنين تكريماً لمفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان بحضور حشد كبير تقدمهم السفير السعودي وليد بخاري.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط