
الثلاثاء 25 شباط 2025 - 0:05
كتب (محمد البابا)
في 24 فبراير/ شباط 2022، شنت روسيا غزوًا واسع النطاق لأوكرانيا، مما أدى إلى واحدة من أكبر النزاعات في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. أطلقت موسكو على العملية اسم "عملية عسكرية خاصة"، بينما اعتبرها الغرب وأوكرانيا حربًا عدوانية وانتهاكًا للقانون الدولي.
الأسباب التي أعلنها بوتين للحرب
عند إعلانه عن الغزو، قدم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عدة مبررات لهذه العملية, اهمها حماية سكان الدونباس فقد زعم بوتين أن الحكومة الأوكرانية تستهدف السكان الناطقين بالروسية في منطقتي دونيتسك ولوهانسك. واعتبر التدخل العسكري ضروريًا لحمايتهم. نزع السلاح والتخلص من "النازيين الجدد" في أوكرانيا ادعى بوتين أن الحكومة الأوكرانية، وخاصة بعض الجماعات القومية، تتبنى أيديولوجيات نازية تشكل تهديدًا للأمن الروسي وللناطقين بالروسية في أوكرانيا. معارضة توسع الناتو
كانت روسيا تعارض بشدة احتمال انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، معتبرة أن ذلك يمثل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي. بوتين رأى أن الغرب يتجاهل مخاوف موسكو الأمنية، وبالتالي لجأ إلى القوة العسكرية لحماية المصالح الروسية. إعادة رسم التوازن الجيوسياسي حيث اعتبر بوتين أن النظام العالمي الحالي يهيمن عليه الغرب بطريقة تضر بمصالح روسيا. ومن خلال غزو أوكرانيا، سعى إلى إعادة فرض نفوذ روسيا على المنطقة، وإعادة التوازن في أوروبا.
لكن ومع مرور 3 سنوات فشل في تحقيق هذه الاهداف فهاهو زيلينسكي يستمر في منصبه رئيساً للبلاد وكتيبة آزوف تقاتل على الجبهة ضمن وحدات الجيش الأوكراني، لكنه نجح في تغيير وجهة العملية الخاصة الى حرب تستهدف قتل المدنيين من نساء واطفال شيوخ وتدمير المدن خاصة في مقاطعة دونيتسك.
ردود الفعل الدولية
وقوبل الغزو بإدانة واسعة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو، وتم فرض عقوبات اقتصادية غير مسبوقة على روسيا. كما تم تقديم دعم عسكري ومالي كبير لأوكرانيا، مما أدى إلى إطالة أمد الصراع وتحوله إلى حرب استنزاف.
شهدت العاصمة كييف تجمعًا دوليًا لافتًا، في الذكرى الثالثة للغزو الروسي لأوكرانيا، حيث توافد قادة أوروبيون وغربيون من بينهم رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو للتعبير عن تضامنهم ودعمهم المستمر لأوكرانيا في مواجهة التحديات الراهنة حيث تزامنت هذه الزيارة مع إعلان حزمة جديدة من العقوبات الأوروبية على روسيا، بالإضافة إلى تقديم مساعدات مالية وعسكرية لتعزيز صمود أوكرانيا.
أعربت رئيسة المفوضية الأوروبية فون دير لاين عن التزام أوروبا الثابت بدعم أوكرانيا، مؤكدةً أن "أوكرانيا هي أوروبا". وأكدت فون دير لاين على أهمية تعزيز الشراكة مع أوكرانيا، مشيرةً إلى إمكانية انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي قبل عام من جانبه، شدد ترودو على أهمية الوقوف بجانب أوكرانيا في هذه المرحلة الحرجة.2030. يأتي ذلك في إطار الجهود الأوروبية لتقديم الدعم المالي والعسكري، بما في ذلك تسريع تسليم الأسلحة ودمج أسواق الكهرباء بين الجانبين,
وأعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة العقوبات السادسة عشرة ضد روسيا، مستهدفًا قطاعات حيوية في الاقتصاد الروسي. كما تم الكشف عن تقديم مساعدات مالية بقيمة 3.5 مليار يورو لدعم الاقتصاد الأوكراني وتعزيز قدراته الدفاعية. تأتي هذه الخطوات في إطار الجهود الأوروبية المستمرة للضغط على موسكو وإنهاء النزاع.
قمة أوروبية خاصة في كييف
عُقدت في "كييف" قمة أوروبية خاصة صباح الاثنين 24 فبراير/ شباط 2025 بمشاركة 13 مسؤولًا حضوريًا و24 آخرين عبر الفيديو، لبحث سبل تعزيز الدعم لأوكرانيا ومناقشة آفاق السلام. أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي خلال القمة على أهمية الوحدة الدولية في مواجهة العدوان الروسي، مشيدًا بـ"ثلاث سنوات من المقاومة والبطولة المطلقة" التي أظهرها الشعب الأوكراني.
في سياق متصل، أعرب الرئيس زيلينسكي عن استعداده للتنحي إذا كان ذلك سيسهم في تحقيق السلام أو انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). كما أبدى انفتاحًا على مناقشة تقاسم الموارد الطبيعية مع الولايات المتحدة، بشرط الحصول على ضمانات أمنية وحماية السيادة الأوكرانية.
تواجه المساعي الدولية لتحقيق السلام تحديات عدة، أبرزها التباين في المواقف بين الولايات المتحدة وأوروبا، بالإضافة إلى مطالب موسكو بضمانات تتعلق بعدم انضمام أوكرانيا للناتو وتقديم تنازلات إقليمية. يستدعي ذلك تكثيف الجهود الدبلوماسية والتنسيق بين الحلفاء لضمان تحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة.
كانت السياسة الأمريكية قد شهدت تحولًا ملحوظًا تجاه الأزمة الأوكرانية مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، حيث أبدت الإدارة الأمريكية الجديدة ميلاً للتفاوض مع موسكو، مما أثار قلق الحلفاء الأوروبيين ودفعهم لتعزيز جهودهم الدبلوماسية والعسكرية لدعم كييف.
من خلال التقارب بين ترامب وبوتين, تسعى روسيا لاتفاق سلام سريع تعلن انتصارها في الحرب لكن أوكرانيا نرفض اي سلام دون مشاركتها حبث صرّح نائب وزير الخارجية الروسي، سيرجي ريابكوف، بأن روسيا تسعى إلى اتفاق سلام طويل الأمد يعالج الأسباب الجذرية للصراع، وليس مجرد وقف إطلاق نار سريع قد يؤدي إلى تجدد القتال.
من جانبها، ترفض أوكرانيا أي اتفاق سلام يسمح لروسيا بالاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها خلال النزاع. وأكد مسؤول أوكراني كبير أن كييف لن تقبل بأي اتفاق من هذا النوع.
وفي سياق متصل، شدد رئيس الوزراء اليوناني، كيرياكوس ميتسوتاكيس، على أنه لا يمكن التوصل إلى إطار عمل للسلام في أوكرانيا دون مشاركة كييف، مؤكداً أن الأمر متروك لأوكرانيا لتحديد ما هو مقبول لها.
الجيش الاوكراني واستمرار الدعم
رغم التحديات والخلافات والتناقضات، يظل الدعم الدولي لأوكرانيا قويًا، مع تأكيد القادة الأوروبيين على ضرورة الحفاظ على وحدة الصف ومواصلة الضغط على روسيا. تتواصل الجهود لتقديم المساعدات المالية والعسكرية، وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين أوكرانيا وشركائها الدوليين.
لا تزال الحرب مستمرة مع مرور 3 سنوات على الغزو، بالرغم من الخسائر البشرية والمادية الضخمة على الجانبين. وتبقى تداعيات هذا النزاع تؤثر على الاقتصاد العالمي، والسياسة الدولية، وأمن أوروبا بشكل عام.
شهدت القدرات العسكرية الأوكرانية تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة، خاصة في ظل الصراع المستمر مع روسيا. ركزت أوكرانيا على تعزيز قدراتها الدفاعية والهجومية من خلال عدة محاور رئيسية:
1- تطوير الأنظمة غير المأهولة: أولت أوكرانيا اهتمامًا كبيرًا بتطوير الطائرات بدون طيار والمنصات الروبوتية القتالية. أشار القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية، أوليكساندر سيرسكي، إلى أن بلاده كانت من أوائل الدول التي أنشأت قوات للأنظمة غير المأهولة، وتعمل حاليًا على بناء وتطوير هذه القدرات بشكل مكثف.
2- تعزيز الدفاعات الجوية: في ديسمبر 2024، كشفت أوكرانيا عن سلاح ليزري جديد يحمل اسم "تريزوب"، قادر على إسقاط الطائرات المعادية. يُعتبر هذا التطوير خطوة مهمة في تعزيز قدرات الدفاع الجوي الأوكراني وحماية المدن والبنية التحتية من الهجمات الجوية.
3- إعادة هيكلة القيادات العسكرية: قامت أوكرانيا بتغيير بعض قيادات الجيش بهدف تحسين الأداء وتعزيز القدرات العسكرية. تأتي هذه الخطوة في إطار جهود كييف لتعزيز التنظيم الداخلي والاستعداد لمواجهة التحديات المستمرة في الصراع مع روسيا.
4- تحديد أولويات عسكرية طويلة الأمد: في يناير 2025، حددت أوكرانيا أولوياتها العسكرية، والتي تشمل تثبيت خطوط المواجهة، تعزيز القدرات الدفاعية، وتطوير الدفاعات الجوية لحماية المدن. تأتي هذه الاستراتيجية استعدادًا لاحتمال استمرار الصراع حتى نهاية عام 2027.
هجمات أوكرانية داخل العمق روسيا
حققت القوات العسكرية الأوكرانية تطورًا ملحوظًا خلال الفترة الأخيرة، مما مكّنها من تنفيذ عمليات هجومية داخل الأراضي الروسية. في 6 أغسطس 2024، توغلت قوات أوكرانية في منطقة كورسك الروسية، مستغلة ضعف الدفاعات الروسية على طول الحدود. هذا التوغل أدى إلى سيطرة أوكرانيا على عدة مناطق داخل كورسك، مما أثار تساؤلات حول الاستراتيجية الروسية في التعامل مع هذا الاختراق.
في المقابل، أعلنت روسيا في 20 فبراير 2025 عن استعادة أكثر من 800 كيلومتر مربع من منطقة كورسك من القوات الأوكرانية، مشيرة إلى استمرار العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة الكاملة على المنطقة في وقت تنفي وزارة الدفاع الاوكرانية هذه المعلومات.
هذا التبادل في السيطرة يعكس تعقيدات الصراع المستمر بين البلدين، حيث تسعى كل منهما لتعزيز موقفها العسكري والسياسي على الأرض.
من خلال هذه الجهود العسكرية المتكاملة، تسعى أوكرانيا إلى تعزيز قوتها وموقفها التفاوضي مع الضغط الأمريكي المستجد.
وكانت الحرب قد شهدت تصعيدًا ملحوظًا في الصراع حيث نفذت القوات الأوكرانية هجمات داخل العمق الروسي، مما أدى إلى تجاوز ما كانت تعتبره موسكو "خطوطًا حمراء".
قفي نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، استخدمت أوكرانيا لأول مرة صواريخ كروز بعيدة المدى من طراز "ستورم شادو" بريطانية- فرنسية الصنع، لاستهداف منشآت عسكرية داخل الأراضي الروسية.
في تطور آخر، نفذت القوات الأوكرانية هجمات باستخدام صواريخ أمريكية متطورة، استهدفت منشآت عسكرية روسية على عمق 115 كيلومترًا داخل الأراضي الروسية.
وحذر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، من أن دخول قوات غربية إلى أوكرانيا قد يؤدي إلى سقوط "الخطوط الحمراء"، مما ينذر بتصعيد خطير في المنطقة.
في ديسمبر 2024، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسومًا يوسع نطاق العقيدة النووية الروسية، في خطوة تعكس تصاعد التوتر مع الغرب.
وخلال الحرب أثبتت أوكرانيا قدرتها على الدفاع عن نفسها بل وتنفيذ هجمات مضادة ضد القوات الروسية. فقد تمكن الجيش الأوكراني من استعادة مساحات واسعة من الأراضي التي احتلتها روسيا في بداية الحرب، خاصة خلال هجومه المضاد في خريف 2022.
كما طورت أوكرانيا قدراتها الهجومية، مستفيدة من الدعم العسكري الغربي، وخاصة أنظمة الصواريخ الدقيقة مثل HIMARS،والطائرات المسيرة التي استخدمتها لضرب أهداف داخل روسيا، بما في ذلك منشآت عسكرية ومصافي نفط. وقد نفذت كييف عمليات نوعية مثل استهداف جسر كيرتش الذي يربط روسيا بشبه جزيرة القرم، والهجمات على أسطول البحر الأسود الروسي في سيفاستوبول.
في الأشهر الأخيرة، كثّفت أوكرانيا هجماتها بالطائرات المسيرة والصواريخ بعيدة المدى على منشآت عسكرية واقتصادية داخل روسيا، مما أظهر أن الحرب لم تعد تقتصر على الأراضي الأوكرانية فقط، بل باتت تصل إلى عمق الأراضي الروسية، مما يشكل تحدياً جديداً لموسكو.
أعربت موسكو عن قلقها من خطر تبادل الضربات النووية، خاصة بعد الهجمات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية باستخدام أسلحة غربية متطورة.
هذه التطورات تعكس تحولًا كبيرًا في ديناميكية الصراع، مع تزايد المخاوف من تصعيد أوسع قد يمتد تأثيره إلى الاستقرار الدولي.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط