
الجمعه 24 كانون الثاني 2025 - 0:10
تحت عنوان "من الضروري تعديل الاتفاق قبل انفجار منظومة التدمير الذاتي المزروعة في داخله". كتب الكاتب الإسرائيلي تسفي برئيل في صحيفة "هآرتس" مقالة تحدث فيها عن اتفاق غزة وتعديله، متسائلاً: هل سنعود الى الحرب، أو سنمضي الى المرحلة الثانية والبدء بإعادة الإعمار؟ وجاء في المقال:
"تنتظرنا 6 أسابيع هستيرية تسبب الجنون. في كل أسبوع منها، ستتكرر المشاهد المرعبة للعبة قطار الموت، أو الأفعوانية، التي تسمى "صفقة المخطوفين"، وهي خليط من المشاعر المتناقضة، ما بين الفرح والحزن، والحداد والاحتفالات، يرافقها توتّر وخوف، في انتظار الأسبوع المقبل، والأسبوع الذي سيليه. ستستمر هذه الأسئلة طوال هذه الأسابيع في تهديدنا، هل سيُطلق سراح المخطوفين يوم السبت، أو يوم الأحد؟ هل التأجيل لأسباب تقنية، أم أنه خرق جوهري للاتفاق؟ وهل ستتوقف العملية بعد 42 يوماً، أو قبل ذلك؟ هل سنعود إلى الحرب، أو سنمضي إلى المرحلة الثانية والبدء بإعادة إعمار القطاع؟
وسنرى أيضاً في كل أسبوع سيارات الدفع الرباعي البيضاء التابعة لـ"حماس" ومواكب الانتصارات التي ترافق المخطوفين البائسين، وبعد ذلك، التوابيت. ومرة أُخرى، سنرى المسلحين يلوحون بأسلحتهم لكي يقولوا لنا إننا ما زلنا هنا، وعلى الجانب الآخر من القطاع، سنرى أيضاً المخطوفين منهارين في أحضان عائلاتهم، وكذلك الأطباء والممرضات، وسيتوسّلون من أجل إعادتهم جميعاً، و"الآن". إلّا إن كلمة "الآن" هي كلمة بذيئة في قاموس رئيس الحكومة الذي وبّخ رئيس الموساد خلال شهر شباط/فبراير بالقول "ليس بهذه الطريقة تُدار المفاوضات، يجب أن تكونوا أكثر حزماً". فكانت النتيجة اتفاقاً مؤلماً من دون رحمة، ومليئاً بالألغام التي تنتظر اللحظة المناسبة للانفجار، لدرجة أنه لا يلبّي الهدف الأساسي منه - ولا أقصد، لا سمح الله، عودة المخطوفين - إنما الحفاظ على تماسُك الائتلاف.
من الضروري تعديل هذا الاتفاق، قبل أن تنفجر آلية التدمير الذاتي التي زُرعت فيه، وتمزقه أشلاء، وتقتل بقية المخطوفين. حتى الآن، لم يفُت الأوان، وما زال إجراء هذا التعديل ممكناً. لا يجب إعادة اختراع العجلة من جديد، فالمعادلة معروفة وواضحة: "الجميع في مقابل الجميع، ووقف الحرب"، الآن، وفوراً، وليس عبر دفعات، أو بشكل مجزّأ. لأن الخطة المتفق عليها يجب أن تؤدي إلى النتيجة نفسها.
إذا تم استكمال المرحلة الثانية بنجاح، فسينسحب الجيش من القطاع كله (باستثناء حزام على طول الحدود)، ومن ضمنه محور فيلادلفيا ومعبر رفح، وسيتحول وقف إطلاق النار الموقت إلى ثابت - بما معناه أن الحرب ستتوقف، وسيعود جميع المخطوفين، وسيتم تحرير جميع الأسرى الذين تطالب "حماس" بتحريرهم. الفرق الوحيد بين الاتفاقين هو تقصير فترة القلق ونزع الألغام التي تهدد تنفيذ بنود الاتفاق. بالإضافة إلى ذلك، كلما طالت فترة تطبيق الاتفاق، وأمام حقيقة أن إسرائيل لا تزال ترفض نقل السيطرة المدنية على القطاع إلى السلطة الفلسطينية، كلما ازداد احتمال أن تدير "حماس" القطاع، بدءاً من المساعدات الإنسانية والدواء والغذاء، وانتهاءً بإعادة تأهيل البنى التحتية المدنية.
عملياً، "حماس" هي التي تقوم بتوزيع المساعدات الآن. ولا يزال من الممكن وقف هذا المسار، استناداً إلى المقترح المصري الذي يسعى لتشكيل لجنة إدارة مدنية تعمل برعاية السلطة الفلسطينية، وتتكون من شخصيات عامة ومهنيين متفَّق عليهم. صحيح أن محمود عباس رفض المقترح، خوفاً من أن يؤدي إلى تقسيم فلسطين والفصل ما بين الضفة وغزة، وزعزعة مكانة منظمة التحرير كممثل حصري للشعب الفلسطيني، لكن يمكن أيضاً الوصول إلى معادلة تردم الفجوات، وتضمن مكانة السلطة كمسؤولة، وذلك قبل لحظة من عودة "حماس" إلى السيطرة الكاملة على قطاع غزة.
في اليوم السادس عشر لتطبيق الاتفاق الحالي، يجب على إسرائيل والوسطاء البدء بالبحث في تنفيذ المرحلة الثانية منه. لا حاجة إلى انتظار هذا الموعد الذي يهدد بالتحول إلى محطة للانسحاب من الاتفاق، ولا يوجد أيّ مانع من إجراء المحادثات واتخاذ القرار بالذهاب إلى خطة أسرع تنهي عملية تحرير المخطوفين، وتضع أسس السيطرة المدنية على غزة. من الممنوع أن نصل بعد شهر ونصف من الآن إلى النقطة المعروفة نفسها والبكاء على الفرصة التي ضاعت، مثلما جرى في أيار/مايو، وآب/ أغسطس، وتشرين الثاني/نوفمبر.
*نقلاً عن مجلة الدراسات الفلسطينية
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط