دولي وعربي


هل تقبض إيران الثمن؟

الاثنين 28 تشرين الأول 2024 - 0:04

خاص (أيوب)

بعد مرور 24 ساعة من الردّ الإسرائيلي، كان العالم في مشهد ضبابي بشأن نتائج الهجوم على إيران. هل كان ناجحاً وقاسياً بحسب الرواية الإسرائيلية، أم كان هزيلاً وفاشلاً كما تقول طهران؟ تضخيم النجاح الإسرائيلي وكأن إيران أضحت بلا دفاعات جوية ولا صواريخ هجومية، من جهة، وتقليل إيران من حجم الهجوم الإسرائيلي وفعاليته، كأن هجوماً لم يقع، من جهة أخرى، يدلان على تعقيد الموقف بالنسبة للطرفين. فإسرائيل محكومة بالاعتبارات الأميركية في المنطقة، وإيران لا تريد الحرب سواء مع إسرائيل أو حلفائها الغربيين لا سيما الولايات المتحدة. وهذا كله، قبل أسبوع تقريباً من موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، بحيث اتبعت إسرائيل سياسة الحذر، وعدم الرهان على فوز ترامب، كما تقول صحيفة جيروزاليم بوست، والمضي قُدُماً في ضرب المنشآت النووية والنفطية؛ إذ لعلها تفوز كاميلا هاريس فيكون الصدام مع الإدارة الديمقراطية، أو أنّ نتنياهو ينأى بنفسه عن توسيع الحرب، فيؤدي ذلك إلى فوز ترامب وخسارة هاريس، فيحمّله بايدن المسؤولية ويكون على نتنياهو تحمّل العواقب، في الشهرين الباقيين من ولايته. أما إيران فتمكنت من تأخير الردّ الإسرائيلي إلى أن اقترب الاستحقاق الرئاسي في الولايات المتحدة، بوساطة أمرين: الأول، تنشيط الجبهة اللبنانية، وارتفاع مستوى الهجمات الصاروخية نوعاً وكمّاً ومدى، ومحاولة اغتيال نتنياهو بمسيرة ضربت منزله في قيسارية. والثاني، تسريب خطة الهجوم الإسرائيلي من قلب البنتاغون، والشكوك تحوم حول مسؤولة كبيرة في وزارة الدفاع الأميركية من أصل إيراني.

الرواية الإسرائيلية

يقول الجيش الإسرائيلي إنه استهدف حوالى 20 موقعاً حول طهران وغرب إيران، بما في ذلك منشآت دفاع جوي حيوية مرتبطة ببرامج الطائرات بدون طيار والصواريخ. وأنه دمر بطاريات دفاع جوي من طرازأس300، روسية الصنع، وهي أسلحة الدفاع الجوي الأكثر تقدماً التي تملكها إيران. وإصابة الطيران الإسرائيلي لهذه البطاريات تكشف نقاط ضعفها، خاصة في مواجهة منصات متقدّمة مثل الطائرة المقاتلة أف35. واستهدف أيضاً مواقع صناعية دفاعية بارزة، مثل مجمّعي بارشين وخوجير خارج طهران. ويدير الحرس الثوري ووزارة الدفاع هذين المجمّعين، وتُستخدم هذه المنشآت لتصنيع أنظمة أسلحة متقدمة وتطويرها، بما في ذلك الصواريخ الباليستية التي تعمل بالوقود الصلب. وكانت إيران قد استخدمت مجمّع بارشين في السابق لإجراء اختبارات شديدة الانفجار لدعم برنامجها للأسلحة النووية. ووجد المفتشون الدوليون آثاراً لليورانيوم هناك في عام 2015، مما يشير إلى وجود كمية أكبر من اليورانيوم في مرحلة ما، على الرغم من إنكار المسؤولين الإيرانيين أنّ المجمّع كان متورطاً في أنشطة نووية. وعلى الرغم من عدم وجود أنشطة نووية معروفة حالياً في مجمّعي بارشين وخوجير، إلا أنّ ضربات الطيران الإسرائيلي يمكن أن تعيق تطوير سلاح نووي، نظراً للدور الذي يمكن أن يضطلع به هذان المجمعان في بناء وسائل إيصال السلاح النووي، أي الصواريخ. كما يمكن أن تؤدي إلى تعطيل قدرة إيران على بناء الصواريخ وإرسال بعضها إلى شركائها، مثل روسيا وحزب الله اللبناني والحوثيين. وقالت ثلاثة مصادر إسرائيلية لموقع أكسيوس إنّ الجيش الإسرائيلي استهدف معدات خلط متطورة تستخدم لصنع وقود صلب للصواريخ الباليستية المتقدمة، مثل تلك التي استخدمتها طهران لمهاجمة إسرائيل مباشرة. وأكدت صور الأقمار الصناعية المتاحة تجارياً أنّ الجيش الإسرائيلي دمّر عدة مبانٍ في مجمّعي بارشين وخوجير. ولا تُظهر الصور أيّ علامات على حدوث انفجارات ثانوية، وهو ما يتفق مع زعم استهداف الجيش الإسرائيلي للخلاطات الصناعية بدلاً من منشآت تخزين الأسلحة. وتأتي الغارة الإسرائيلية على مجمع خوجير بعد أن بدأ النظام بتوسيع المنشآت هناك في آب 2023 من أجل زيادة القدرة الإيرانية على بناء الصواريخ. وقالت المصادر الإسرائيلية التي تحدثت إلى أكسيوس إنّ إيران ستحتاج إلى شراء خلاطات جديدة من الصين. وقد يستغرق القيام بذلك شهوراً أو ربما عاماً أو أكثر، مما يعيق قدرتها على تجديد مخزوناتها الصاروخية ومخزونات حلفائها في محور المقاومة.

وفي الحملة الجوية نفسها، قصف الجيش الإسرائيلي عدة مواقع في العراق وسوريا مباشرة قبل شنّ غارات على إيران. ومن المحتمل أنه كان يستهدف رادارات الإنذار المبكر وأجهزة الاستشعار التي من شأنها أن تنذر إيران بالهجوم الإسرائيلي القادم. وكانت طهران عملت في السنوات الأخيرة على بناء شبكة إنذار مبكر في جميع أنحاء العراق وسوريا ولبنان من أجل الدفاع بشكل أفضل ضدّ الغارات الجوية الإسرائيلية.

وبحسب الجيروزاليم بوست، فإن إيران باتت مكشوفة بعد تدمير منظومات الدفاع الروسية الصنع. وروسيا، المنخرطة في حرب أوكرانيا، لن تكون قادرة على تعويضها بسرعة. وما دام سلاح الجو الإسرائيلي قد هاجم مرة واحدة، ومهّد الطريق، فيمكنه القيام بذلك مرة أخرى. ومن الواضح أنّ الإيرانيين يدركون ذلك أيضاً، ما سيؤثر بالتأكيد في قراراتهم بشأن كيفية الردّ، وما إذا كانوا سيردّون أصلاً. وإذا كانت إسرائيل لم تضرب المنشآت النووية أو النفطية الإيرانية الآن، فهذا لا يعني أنها لن تفعل ذلك في المستقبل.

ماذا يعني ذلك؟

إنه يعني أنّ الكرة الآن في الملعب الإيراني، فقد يكون لزاماً عليها الردّ بالطريقة السابقة، لدحض مزاعم إسرائيل عن تعطيل دفاعاتها الجوية ومنظومة صواريخها الباليستية. وقد تهدّد بردّ قوي، والغية النهائية هي الحصول على مطالب محدّدة مقابل الامتناع عن شنّ هجوم صاروخي على إسرائيل، هو الثالث من نوعه.  



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة