دولي وعربي


هل ترفض حماس وقف النار؟

الجمعه 6 أيلول 2024 - 0:00

خاص (أيوب)

كشف موقع أكسيوس الأميركي أمس الخميس بتوقيت بيروت أنّ بايدن وكبار مستشاريه ما زالوا يعيشون حالة الصدمة، بعد مقتل ستة أسرى إسرائيليين، في مدينة رفح بقطاع غزة، من بينهم المواطن الأميركي هيرش غولدبرغ بولين. وكان الجيش الإسرائيلي قد عثر على جثثهم في نفق مهجور يوم السبت الماضي.

وعلى هذا الصعيد، يُعيد مسؤولون أميركيون حساباتهم، ويفكّرون في طريقة جديدة لدفع المفاوضات إلى الأمام بشأن صفقة الهدنة والتبادل في غزّة. لكنّ أحد الأسئلة الرئيسية التي أُثيرت خلال اجتماع عقده الرئيس بايدن ونائبته كامالا هاريس مع فريق الأمن القومي يوم الاثنين الماضي، هو ما إذا كانت حركة حماس ستوافق على صفقة إطلاق سراح الإسرائيليين ووقف إطلاق النار في غزة؟ بمعنى أنّ الحركة تبدو الآن غير مستعجلة على إبرام الاتفاق، بعدما كان الاعتقاد إسرائيلياً وأميركياً، أنّ الضغط العسكري وتجويع السكّان، والقتل العشوائي للنازحين، هو الذي سيؤدّي إلى تليين موقف الحركة. 

 لماذا هذا السؤال الآن، وما هو التكتيك الجديد لحماس؟ لقد أبدى بايدن تذمّره علناً نهاية الأسبوع الماضي من أنّ بنيامين نتنياهو لا يقوم بجهد كافٍ لتسهيل الاتفاق، لا سيما أنه يضع شروطاً لا تقبل بها حماس، ومن أبرزها بقاء القوات الإسرائيلية خلال هدنة الأسابيع الستة في ممرّ فيلادلفي على الحدود الفلسطينية المصرية. الجواب قد يبدو مفاجئاً، وهو أنّ حماس كما يقول مسؤولون أميركيون، باتت هي التي تصعّد من شروطها لإبرام الصفقة بدلاً من نتنياهو. وإنّ مطلب حماس الجديد هو زيادة عدد السجناء الفلسطينيين الذين سيُفرَج عنهم كجزء من الصفقة، وهو ما أثار المزيد من المخاوف والأسئلة بين المفاوضين الأميركيين حول ما إذا كان الاتفاق ممكناً أم لا. وبحسب أكسيوس، فإن مسؤولاً أميركياً قال: "ما زلنا نعتقد أنّ الصفقة هي السبيل الوحيد لإنقاذ الأسرى ووقف الحرب. لكن قتل الأسرى الستة لم يدفع إلى مزيد من الإلحاح لعقد الاتفاق فحسب، بل أثار أيضاً تساؤلات حول استعداد حماس لإبرام صفقة من أيّ نوع".

وقال مسؤولون أميركيون إنّ إحدى الحجج الرئيسية التي طُرحت في اجتماع بايدن مع مستشاريه، هو أنه بعد قتل حماس للأسرى الستة، بما فيهم المواطن الأميركي، فلا ينبغي للولايات المتحدة أن تدفع باتجاه اقتراح يمنح حماس تنازلات إضافية، بل ينبغي لها بدلاً من ذلك أن تركّز على ممارسة المزيد من الضغوط عليها وتدابير المساءلة ضدّها. وكان أحد المخاوف التي أُثيرت في الاجتماع هو أنّ الولايات المتحدة قد تضغط على إسرائيل لتقليص قواتها المنتشرة على طول الحدود بين مصر وغزة أو للتنازل في قضايا أخرى، فقط لتكتشف أنّ حماس لا توافق على أجزاء أخرى من الصفقة. وقال مسؤول أميركي إنّ هذا قد يعني أنّ العرض الجديد المزمع طرحه من جانب بايدن قريباً لن يكون إلا الأساس لمفاوضات مستقبلية لن تكون إلا أكثر ملاءمة لحماس. وأضاف المسؤول المشار إليه، أنّ بايدن اطلع خلال الاجتماع على خطة وزارة العدل الأميركية لنشر لوائح اتهام ضدّ قادة حماس، والتي جرى تحضيرها منذ فبراير/شباط الماضي، وصدرت أخيراً، بعد انتشار خبر قتل الأسرى الإسرائيليين في رفح.

وفي هذا السياق، قال مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان لعائلات الأسرى الأميركيين يوم الأحد الماضي إنّ بايدن يدرس تقديم اقتراح جديد ونهائي خلال هذا الأسبوع لإطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار، وسيكون على كلّ من إسرائيل وحماس الردّ على هذا العرض. ولكن بدا في الأيام الأخيرة، أنّ البيت الأبيض أقل حماسة لهذا الخيار. ولا يزال مستشارو بايدن يعقدون محادثات مع قطر ومصر بشأن الاقتراح المجدّد، لكن المسؤولين الأميركيين يقولون إنهم لا يريدون التنبؤ بتوقيت تقديمه على طرفي النزاع. وشرح مسؤول أميركي بأن: "النصّ مكتمل بشكل أساسي باستثناء فقرتين منه، وملاحق تبادل الأسرى وخريطتين لانتشار الجيش الإسرائيلي في غزة خلال المرحلة الأولى من الصفقة". وأضاف المسؤول الأميركي: "نشعر جميعاً بضرورة الاستعجال، ولكن ما حدث في نهاية الأسبوع الماضي بدّل من طبيعة النقاش. لكننا نحاول التوصّل إلى شيء ما". أما نقطتا الخلاف الرئيسيتان، فهما السيطرة على ممر فيلادلفي على طول الحدود بين مصر وغزة، وعدد السجناء الفلسطينيين وهوياتهم، الذين تريد حماس إطلاق سراحهم خلال المرحلة الأولى من الصفقة. وقال المسؤول الأميركي إنه في حين كان التركيز في الأسابيع الأخيرة على ممرّ فيلادلفي، فإن قضية السجناء أثبتت أنها صعبة الحلّ بالقدر نفسه.

ففي جولات سابقة من المفاوضات، كان هناك تفاهم على أنه في المرحلة الأولى من الصفقة سيتمّ إطلاق سراح 150 سجيناً فلسطينياً يقضون أحكاماً بالسجن المؤبد. وتريد حماس الآن زيادة العدد، فيما حين أنّ الأميركيين ما زالوا يحاولون إيجاد حلّ لممرّ فيلادلفي. وتنصّ مسودة الاتفاق إنه على القوات الإسرائيلية إعادة الانتشار خارج المناطق المكتظة بالسكان في غزة خلال المرحلة الأولى من الاتفاق. والمطلوب هو تحديد المناطق التي تعتبر مكتظة بالسكان في الطريق البالغ طوله 14 كيلومتراً على طول الحدود بين مصر وغزة. ويقول المسؤول الأميركي إنّ بلاده تعتقد أن الخريطة التي قدّمتها إسرائيل تتوافق مع مبادئ الاتفاق لأنها تضمّنت خفضاً كبيراً في عدد القوات، مع الانتشار خارج المناطق المكتظة بالسكان.

ماذا يعني ذلك؟

إنه يعني أنّ يحيى السنوار الذي يقود المفاوضات بنفسه، بوصفه زعيم حماس والقائد الميداني في غزة، أجرى تعديلات جوهرية على استراتيجية المفاوضات مع إسرائيل، فضلاً عن التكتيكات الجديدة التي بات يعتمدها المقاتلون في غزّة، بعد تغيّر جغرافية الأرض، عقب الحملة التدميرية التي تعرّض القطاع لها. في السابق، كانت المبادرة بيد نتنياهو، يماطل كما يشاء. لكن مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني المقبل، فلم يعد الحزب الديمقراطي يملك ترف الوقت. ومهمة وقف الحرب في غزّة هي من الشروط الضرورية لترميم صفوف الديمقراطيين، ومواجهة دونالد ترامب. لم تعد القضية إرضاء نتنياهو مهما ارتكب وماطل. بل أصبح مصير الولايات المتحدة نفسها رهن قطع الطريق على ترامب كي لا يعود إلى البيت الأبيض. ولا يمكن فوز كامالا هاريس بالرئاسة ما دامت النار مشتعلة في غزّة، وهذا ما يستثمره يحيى السنوار في هذه الأثناء.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة