دولي وعربي


هجمات روسية تهدد السلام مع أوكرانيا

الجمعه 4 نيسان 2025 - 0:08

كتب (محمد البابا)

تشهد الحرب الأوكرانية الروسية تصعيداً مستمراً بين الطرفين، حيث تتبادل روسيا وأوكرانيا الهجمات الجوية، على الرغم من الجهود الدبلوماسية المبذولة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار، والتي لا يبدو ان هناك حلاً جذرياً في الافق قد ينهي الحرب.

هذا التصعيد الذي تشهده ساحات القتال يرسل اشارات سلبية الى ان الطرفين غير مستعدين لإنهاء هذه الحرب، روسيا التي لا تزال عند مطالبها اغير المقبولة لدى كييف، بينما مطالب أوكرانيا تعتبر شبه مستحيلة التطبيق على ارض الواقع.

وفي ظل التصعيد العسكري تحاول ادارة ترامب تحقيق مصالحها بشكل سريع عبر دفع أوكرانيا للموافقة على توقيع اتفاقية المعادن بشكلها المعدل والذي يعتبر تسليم مقدرات أوكرانيا الى ادارة ترامب، حيث تلقّت أوكرانيا مؤخرًا نسخة معدّلة من اتفاقية المعادن النادرة من الولايات المتحدة.

وتأتي المسودة المعدّلة مغايرة تماماً لما تم بحثه سابقاً حيث تدعو إلى تخصيص 50% من عائدات أوكرانيا من الموارد القابلة للاستخراج، بما في ذلك المعادن والنفط والغاز، لصندوق مزمع إنشاؤه، على أن تستمر هذه المساهمات حتى تصل إلى 500 مليار دولار. وتتضمن المسودة أيضاً مطالب أميركية مشددة مثل السيطرة على الموانئ والمرافق الحيوية الأوكرانية، مما دفع بعض المسؤولين الأوكرانيين إلى وصفها بأنها "مجحفة جدًا" بحق أوكرانيا.

وكان زيلينسكي قد اكد خلال مؤتمر باريس الذي عقد لحشد الدعم لأوكرانيا، ان أوكرانيا لم تتلقى الدعم الأميركي على شكل قروض وانها غير مستعدة لإعادة اي فلس واحد من قيمة المساعدات العسكرية التي حصلت عليها كييف. وأكد زيلينسكي أن بلاده لن تقبل بأي اتفاقية تتعلق بحقوق التعدين تُهدد اندماجها مع الاتحاد الأوروبي، وأن من السابق لأوانه الحكم على الاتفاقية المعدّلة قبل دراستها بشكل معمّق.

تأتي هذه التطورات في ظل سعي أوكرانيا لتعزيز شراكاتها الدولية، مع الحفاظ على سيادتها ومواردها الوطنية.

وفي مستجدات الوضع الميداني، أفادت تقارير صحفية بأن القوات الروسية شنت سلسلة هجمات عنيفة على المدن الأوكرانية، آخرها هجمات على كريفوي روغ خلال الأيام القليلة الماضية، مستهدفة البنية التحتية المدنية والمناطق السكنية. وذكرت السلطات الأوكرانية أن الهجمات تضمنت ضربات صاروخية ومسيرات انتحارية، ما أدى إلى وقوع أضرار مادية وسقوط ضحايا بين المدنيين.

كريفوي روغ، التي تُعد مسقط رأس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كانت هدفًا متكررًا للهجمات الروسية منذ بداية الحرب، نظرًا لأهميتها الاستراتيجية والصناعية.

وتعرضت أيضاً مدينة دنيبرو الأوكرانية لهجمات روسية مكثفة باستخدام الطائرات المسيرة، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص على الأقل وإصابة 21 آخرين. الهجمات استهدفت مناطق تضم فنادق ومطاعم، وتسببت في اندلاع حرائق وتدمير 11 منزلًا.

ردود الفعل الأوكرانية

تأتي هذه التطورات ايضا مع الانذار الخطير الذي اطلقته أوكرانيا لحماية محطة زابوريجيا للطاقة النووية التي تقع تحت الاحتلال العسكري الروسي، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للسلامة النووية في أوكرانيا والعالم. وفقًا للقانون الدولي، ولا سيما اتفاقية الحماية المادية للمواد النووية، حيث تعتبر كييف أن أي تدخل في تشغيل المنشآت النووية أثناء النزاع المسلح أمر غير مقبول. ومع ذلك، يواصل الاتحاد الروسي تجاهل هذه الأحكام ويتخذ إجراءات يمكن أن تؤدي إلى كارثة نووية واسعة النطاق مماثلة لما حدث في محطة فوكوشيما دايتشي النووية في اليابان.

وتُستخدم مولدات الديزل الاحتياطية لتشغيل أنظمة الأمن في حالة فقدان إمدادات الطاقة الخارجية. وتشكّل المولدات عنصرًا حاسمًا في إمدادات الطاقة في حالات الطوارئ. وإن الضرر الذي تسببه روسيا يقوض التشغيل المستقر لأنظمة السلامة في حالة انقطاع التيار الكهربائي، مما يزيد من خطر وقوع حادث نووي.

لقد كان فشل إمدادات الطاقة في حالات الطوارئ هو الذي تسبب في مأساة محطة فوكوشيما دايتشي للطاقة النووية في عام 2011. فبعد التسونامي، فقدت المفاعلات الطاقة، ولم تتمكن المولدات الاحتياطية من ضمان التشغيل المستقر لأنظمة التبريد، مما أدى إلى ارتفاع درجة الحرارة والانصهار الجزئي للوقود النووي في المفاعلات.

واليوم، تخلق روسيا تهديدًا مماثلًا في محطة زابوريجيا للطاقة النووية. فإدارة الاحتلال غير قادرة على ضمان سلامة المحطة، وتهدف أفعالها إلى تقويض تشغيلها المستقر. وقد سبق أن هاجم الجيش الروسي مرارًا وتكرارًا خطوط الكهرباء المؤدية إلى المحطة، والآن ألحقوا الضرر بإمدادات الوقود الرئيسية لتوليد الطاقة في حالات الطوارئ.

وتقوم روسيا بتلغيم المحطة بشكل منهجي وتمنع وصول الخبراء المستقلين إليها. وينتهك هذا الأمر المبادئ الأساسية للسلامة النووية المنصوص عليها في اتفاقيات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. كما تقوم القوات الروسية بنشر معدات ثقيلة وذخائر على أراضي محطة زابوريجيا للطاقة النووية، مما يخلق خطر حدوث حالات طوارئ لا يمكن التنبؤ بها ويزيد من خطر وقوع كارثة من صنع الإنسان.

ويحاول الاتحاد الروسي إلقاء اللوم على أوكرانيا، مدعيًا أن القصف الأوكراني هو ما يهدد سلامة المحطة. إلا أن الحقائق تثبت العكس: فمحطة زابوريجيا للطاقة النووية تقع تحت السيطرة الكاملة للقوات الروسية، وكل هذه الحوادث ليست إلا نتيجة لأفعالها.

إن الطريقة الوحيدة لتحقيق استقرار الوضع هي تحرير المحطة من الاحتلال الروسي، واستعادة السيطرة الأوكرانية على محطة زابوريجيا للطاقة النووية وضمان وصول الخبراء الدوليين دون عوائق.

وتدعو أوكرانيا المجتمع الدولي إلى تشديد العقوبات ضد شركة "روساتوم" على الفور والمطالبة بالانسحاب الكامل للقوات الروسية من أراضي محطة زابوريجيا للطاقة النووية. فكل يوم يمر تحت الاحتلال يشكل خطوة أخرى نحو كارثة نووية محتملة.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة