دولي وعربي


نتنياهو يستنسخ غزة في لبنان

الجمعه 27 أيلول 2024 - 0:00

خاص (أيوب)

كما كان حال المفاوضات في غزة من أجل ترتيب هدنة وتبادل أسرى مع حركة حماس، التجربة نفسها تتكرر في لبنان. ففي غزة، ما كان يقبل به الوفد الإسرائيلي المفوّض رسمياً من نتنياهو نفسه، ينقضه نتنياهو بعد الموافقة عليه مباشرة، متهماً وفده بالجبن والجهل والتخاذل. ثم يستأنف الوسطاء وعلى رأسهم الأميركيون جهودهم على صيغة جديدة، توافق عليها حماس، ويعلنها الرئيس الأميركي جو بايدن بنفسه، ويصدر قرار عن مجلس الأمن لتوكيد الصفقة، فلا يتردد نتنياهو في الانقلاب على نفسه، ونسف الاتفاق إلى أن ملّ الأميركيون من المحاولة.

خلال ٢٤ ساعة ماضية، تكررت التجربة في لبنان، وهي الأولى من نوعها. تدخلت عدة دول بالتواصل مع لبنان وإسرائيل، للاتفاق على هدنة لمدة ٢١ يوماً، وكان من المفترض الإعلان عنها يوم أمس، فإذا بنتنياهو إبان سفره إلى نيويورك لحضور اجتماعات الأمم المتحدة، يقلب التفاؤل تشاؤماً، وكأن لم يكن أيّ نقاش أو أيّ تفاهم. 

لقد تراجع بنيامين نتنياهو يوم الخميس عن تفاهم خاص مع إدارة بايدن، ونأى بنفسه عن اقتراح وقف إطلاق النار في لبنان، والذي قدمته الولايات المتحدة وفرنسا وحلفاء آخرون.

وبحسب موقع أكسيوس،أكد مسؤولون أميركيون أنّ نتنياهو والمقربين منه شاركوا بشكل مباشر في صياغة وقف إطلاق النار المؤقت.

وتغيير نتنياهو رأيه، جاء بعد تهديدات علنية من قبل وزراء يمينيين متطرفين في حكومته، وانتقادات قادة المعارضة الإسرائيلية، وعلى رأسهم يائير لابيد الذي طالب بتقصير الهدنة إلى سبعة أيام فقط.

 وكانت الولايات المتحدة وفرنسا و10 دول غربية وعربية أخرى، أصدرت أمس بياناً يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يوماَ بين إسرائيل ولبنان. وكان نتنياهو على علم بأن البيان سيصدر.

وقال البيان إنّ الولايات المتحدة والدول الأخرى تتوقع من جميع الأطراف – بما في ذلك حكومتي لبنان وإسرائيل – التعبير عن دعمهما للاقتراح.

في حين أنّ اجتماع المجلس الوزاري الأمني الإسرائيلي، مساء الأربعاء لم يناقش اقتراح وقف إطلاق النار، واستمع الوزراء بشكل أساسي إلى خطط الجيش الإسرائيلي لمواصلة القتال ضد حزب الله.

وعندما غادر الوزراء الاجتماع واطلعوا على التقارير الصحفية حول اقتراح وقف إطلاق النار، نشر بعضهم بيانات شديدة اللهجة ضدّ هذه الخطوة.وأوضح الوزيران القوميان المتطرفان بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير أنهما يعارضان وقف إطلاق النار، وهدّدا بالتصويت ضد بقاء الائتلاف الحكومي إذا وافق نتنياهو على الاقتراح.

سمع نتنياهو هذه التصريحات، بينما كان على متن طائرة متجهة إلى نيويورك. في البداية نشر مكتبه بياناً نفى فيه وقف إطلاق النار الوشيك، وشدد على أنّ رئيس الوزراء لم يعطِ بعد رده على الاقتراح.

وبعد عدة ساعات، قال أحد مساعديه للصحفيين على متن الطائرة إنّ "اتجاه إسرائيل الآن ليس وقف إطلاق النار، بل المزيد من العمل العسكري ضد حزب الله".

وبالمقابل، كشف مسؤولون أميركيون أنّ التفاهم مع نتنياهو أن يقول علناً إنه "يرحب" بالمبادرة.

 وقال مسؤولون أميركيون كبار إنّ المناقشات حول مبادرة  إطلاق النار بدأت بعد مكالمة هاتفية يوم الاثنين بين مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان ووزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ، المقرب من نتنياهو. وانتهت المحادثة مع ديرمر بتفاهم متبادل على أنّ وقف إطلاق النار المؤقت هو "الشيء الصحيح الذي يجب القيام به"، وأنّ الولايات المتحدة ستهدف إلى الإعلان عن مبادرة وقف إطلاق النار قبل وصول نتنياهو إلى نيويورك.

وخلال يومي الثلاثاء والأربعاء، أجرى كبار المسؤولين الأميركيين مفاوضات مكثفة مع ديرمر ومع كبار المسؤولين اللبنانيين.

"الرسالة التي تلقاها مستشارو بايدن من ديرمر هي أنّ نتنياهو يعتقد أن وقف إطلاق النار المؤقت هو الشيء الصحيح لأنه لا يريد الانجرار إلى غزو بري يمكن أن يؤدي إلى التشابك وتآكل الإنجازات التي حققها الجيش الإسرائيلي حتى الآن"، وذلك بحسب مصدر على دراية مباشرة بالمحادثات.وقال مسؤول أميركي إنّ نتنياهو وديرمر شاركا بشكل مباشر في المفاوضات بشأن مبادرة وقف إطلاق النار و"كانا يعرفان كلّ كلمة" فيها مسبقاً.

وقال المسؤول إنّ البيت الأبيض لم يكن ليمضي قدماً في مبادرة وقف إطلاق النار ما لم يحصل على تأكيدات من نتنياهو ومن الجانب اللبناني بأن الطرفين يتفقان من حيث المبدأ.

ماذا يعني ذلك؟

يبدو بوضوح أنّ نتنياهو يستنسخ تجربة غزة مع بعض التكيفات المتعلقة بوضع لبنان، وخصائصه الجغرافية والديمغرافية، وعلاقاته التاريخية مع فرنسا. لكن المبدأ واحد، وهو استنزاف الوقت بمعركة تطول، لحسم الصراع مع حزب الله كما يحدث في قطاع غزة، مع فارق نوعي وهو أنّه ثمّة إجماع سياسي في إسرائيل على تغيير الوضع في جنوب لبنان جذرياً. وقال قائد أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي إنّ الجيش كان ينتظر من مدة طويلة فرصة توجيه ضربة قوية لحزب الله، فيما انتقدت الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية عدم وجود رؤية سياسية لليوم التالي في غزة.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة