
الاثنين 29 تموز 2024 - 0:01
خاص (أيوب)
حزب الله نفى. وإسرائيل تؤكد، ومعها الولايات المتحدة. لم تكتفِ إسرائيل باتهام الحزب بقصف الملعب في قرية مجدل شمس الدرزية في الجولان السوري المحتل، بل نشرت صوراً من أجزاء الصاروخ المفترض للبرهنة على أنه من صناعة إيرانية، ووصلت إلى تحديد اسم قائد في الحزب، هو المسؤول بزعمها عن إطلاق الصاروخ. لكنّ غير المفهوم ولا جواب عنه؛ إذا كان الحزب هو المسؤول بطريقة ما، فما هو هدفه من التصعيد؟ هل يريد إطلاق الحرب الموسعة وهو الذي كان حريصاً منذ طوفان الأقصى على تجنبها؟ وإذا أراد إطلاق شرارة الحرب، فلم يقصف قرية درزية، وملعب كرة قدم، ولماذا يقتل الأطفال؟ حتى لو رأى أنّ حرب الاستنزاف ليست بذات جدوى، ونتنياهو يتعنت في غزة، ولا يقبل إلا استسلام حركة حماس، وليس من مصلحة الحزب ولا محور المقاومة هزيمة حماس أو إبادة غزة، وأنّ الأفضل إشعال الحرب الإقليمية الآن قبل مجيء ترامب، وما زال بالإمكان الإطباق على إسرائيل من الشمال والجنوب، فليس ارتكاب مجزرة في مجدل شمس، هو السبيل. هناك طُرق كثيرة توصل إلى الحرب الواسعة، ولا يمر أيّ منها في مجدل شمس.
فهل هو نتنياهو؟ ذاك الذي يماطل في وقف الحرب، منذ أشهر. يقتل كل ما تراه العين في القطاع دونما تمييز بين شخص وآخر. كلهم حماس، أو مؤيدون لحماس. وقبل أيام ذهب إلى الكونغرس الأميركي لترويج أكاذيبه، ويدعو لمزيد من الحرب، بدلاً من إمضاء صفقة التبادل والهدنة مع حماس؛ بل هو يشترط شروطاً جديدة. وهو على هذه الحال منذ أشهر. كلما اقترب عقد الصفقة، ينسفها نتنياهو عمداً. بل طلب دعماً أميركياً إضافياً لخدمة المجهود الحربي. هل بقي شيء في القطاع لم يُدمّر بعد؟ أم يُعدّ العُدة للبنان؟ فهل خطّط لمجزرة مجدل شمس لتغيير قواعد اللعبة إن لم يكن لإشعال الحرب الشاملة؟
صحيح أنّ المبعوث الأميركي عاموس هوكشتاين أبلغ مسؤولين لبنانيين، ومنهم الزعيم وليد جنبلاط، أنّ إسرائيل بصدد إطلاق عملية موسعة ضدّ لبنان، إلا أنّ التصريحات الإسرائيلية تفيد بأن الأهداف المرسومة ستكون عسكرية لا من قبيل ضرب البنية التحتية، حتى لا يردّ الحزب بقصف البنية التحتية الإسرائيلية. وأنّ العملية ستكون موجعة ومختلفة عن الضربات السابقة. لكن هل يردّ الحزب المتهم إسرائيلياً بخرق كلّ الخطوط الحمر، بردّ موازٍ دون أن يخرق سقف التوقعات، فيبدأ التصعيد المتبادل، مع قصف القنابل، انزلاقاً إلى الحرب التي يخشاها الجميع، ويستعد لها الجميع؟
ماذا يعني ذلك؟
هل تنتقل إسرائيل من اغتيال القادة العسكريين للحزب إلى اغتيال الوجوه الاجتماعية أو المسؤولين السياسيين، وقد يكون هؤلاء أسهل بكثير استهدافهم من المسؤولين العسكريين نظراً لاختلاف طبيعة مهامهم؟ هل يكون الردّ على قتل مدنيين إسرائيليين من جنس الفعل فيكون استهدافٌ مباشر للمدنيين في لبنان؟ وهل يستوعب الحزب التصعيد فيكتفي بردّ تقليدي، أم يغامر بردّ موازٍ، وهذا أقصر طريق للحرب الموسعة؟ أو يكون الردّ الإسرائيلي عسكرياً بحتاً، لكن يهدف إلى قتل أكبر عدد من المقاتلين والقادة في موجة اغتيالات مكثفة. وحتى في هذه الحالة سيكون الحزب مضطراً للتصعيد عسكرياً، وتعمّد إيقاع خسائر أكبر بالجنود والضباط. الهوامش ليست منحصرة، والردود واسعة الاحتمالات، لكنها كلها تؤدي إلى الحرب كما لم يشهدها لبنان من قبل، إلا إذا رست معادلة جديدة، وقواعد اشتباك جديدة، تميل أكثر إلى كفة إسرائيل. هذا الأمر ليس غريباً على نتنياهو، فهو في كل يوم يحاول تغيير المعادلة في غزة، ويبدل شروط الهدنة وصفقة التبادل.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط