دولي وعربي


ماذا قال الإسرائيليون عن ضربة الضاحية؟

الخميس 1 آب 2024 - 0:04

ماذا قال الإسرائيليون عن ضربة الضاحية الجنوبية لبيروت، وعن اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية؟ كيف قرأت الصحف الإسرائيلية التصعيد الراهن بين الجيش الإسرائيلي وحزب الله ومدى احتمالية اتساع رقعة المعارك بين الجانبين؟ وما الذي قد يحدث؟

قناة N12 الإسرائيلية في تحليل كتبه عاموس يادلين بوّب بعنوان "الضربة في بيروت بعثت برسالة واضحة: إسرائيل تغير الاتجاه".وفيه يستهل الكاتب مقاله بالإشارة إلى المعلومات الاستخبارية، وبعثت فيها إسرائيل رسالة قوية إلى المنطقة. وجاء في مقالته:

"هاجمت إسرائيل، استناداً إلى معلومات استخباراتية وقدرات عملياتية خاصة، مبنى كان القيادي في حزب الله، والمعروف أيضاً بلقب الحاج محسن، فؤاد شكر، موجوداً فيه. بهذه الضربة، بعثت إسرائيل برسالة قوية إلى المنطقة، بدأت من ميدان الحُديدة، وصولاً إلى الضاحية الجنوبية في بيروت: "إسرائيل صيف 2024" ليست هي نفسها "إسرائيل خريف 2023"، وهي مصممة على ضرب أعدائها وترميم قدرتها على الردع.

الضربة في الضاحية هي رسالة للمسؤولين في حزب الله أنهم، جميعهم، في متناول يد إسرائيل، استخباراتياً وعملياتياً، وأن بيروت ليست خارج المجال، على الرغم من تهديدات حزب الله والطلب الأميركي من إسرائيل بالامتناع من الرد في عاصمة لبنان رداً يمكن أن يؤدي، في تقديرهم، إلى مضاعفة احتمال التدحرج إلى حرب شاملة.

في الوقت نفسه، يجب على إسرائيل وضع سقف ردود جديدة في مواجهة الحزب، وهذا يشمل تحذير جميع سكان مناطق جنوب الليطاني والمناطق الشيعية، وضرب عمق لبنان ومسؤولين آخرين في حزب الله، بحسب التطورات. وإلى جانب ذلك، من المهم الدفع باقتراح وقف النار الخاص بالوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين، وإقرار موعد لإعادة السكان إلى البلدات، وتحذير حزب الله من أن استمرار الضرر بالمدنيين، معناه الحرب.

من الواضح جداً أنه من غير المعقول الاستمرار في القتال، استناداً إلى أهداف الحرب التي تم إقرارها في تشرين الأول/أكتوبر في غزة، بعد مرور 10 أشهر على القتال المستمر مع حزب الله، وإسرائيل تتعرض للقصف من اليمن والعراق، وكان هناك اشتباك مباشر أيضاً مع إيرانعلى أيّ حكومة مسؤولة تحديث أهداف الحرب، استناداً إلى الصورة الواسعة لكل ساحة حرب، ومن خلال رؤية إقليمية شاملة.. رئيس الحكومة يتحدث كثيراً عن "النصر المطلق"، لكنه لا يعرف الأهداف التي ستقود إليه: إعادة المخطوفين جميعاً، نزع قدرات "حماس" ومنع تكرار هجوم 7 تشرين الأول/أكتوبر، ووقف النار في الجنوب والشمال بشكل يسمح بإعادة توطين النقب والجليل من جديد، وتحسين الجاهزية للحرب مع حزب الله، وإعادة التركيز على مشكلة النووي الإيراني، وغيرها.

أما في صحيفة "يديعوت أحرونوت" كتب غيورا آيلاند تحت عنوان "الغارة على بيروت: لماذا الآن، لماذا هناك، وما الذي قد يحدث؟". بغض النظر عن نتيجة عملية الاغتسال، وقبل أن نعرف كيف سيرد الحزب يمكننا أن نعلق على ثلاث نقاط مرتبطة بالحدث:

1- توقيت الرد الإسرائيلي:وقع الحادث المأساوي في مجدل شمس مساء السبت. لم يكن في إمكان أحد التنبؤ بأن مثل هذا الأمر سيحدث في هذا الوقت وهذا المكان. لكن كان يجب أن يكون واضحاً للجميع أن حدثاً مأساوياً من هذا النوع يسقط فيه عدد من الضحايا قد يحدث، بل إنه من شبه المؤكد أنه سيحدث. لو كنا في زمن آخر، لكان الجيش الإسرائيلي يجهّز لتنفيذ عملية خاصة للقوات الجوية يمكن تنفيذها في وقت قصير، بعد الغارة المعادية الخطِرة - التي تتلقاها إسرائيل. هذا ما كان يجب أن يحدث يوم السبت الماضي. فلو كانت إسرائيل قصفت ليلة السبت هدفاً نوعياً لحزب الله، لا شخصية قيادية فيه (هدف نوعي يتمثل في بنية تحتية، على سبيل المثال)، لكنا سنكسب على أربعة مستويات: فالرد الفوري يخلق دائماً شعوراً بالقوة وثقة بالنفس، يبتلعهما ضجيج الهجوم علينا، كما أن الرد الفوري يتيح لنا ضرب هدف نوعي بصورة ناجعة، قبل أن يخليه حزب الله، ويتيح تحييد الضغط الذي يمكن أن تمارسه الدول الصديقة لإسرائيل عليها، بشأن ضرورة عدم مهاجمة بيروت نفسها.لكننا لم نفعل ذلك لسبب ما. ربما تمثل السبب في عدم وجود أمر عملية مُحكم وجاهز لدى سلاح الجو، وهذا غريب. وربما كان السبب وجود رئيس الوزراء في الولايات المتحدة، وعدم استعداده لتفويض وزير الدفاع خلال غيابه، وهكذا تم تفويت فرصة الرد في الوقت المناسب، وضد الهدف المناسب.

2- الجبهة المهمة:  أمضى رئيس الوزراء أسبوعاً في الولايات المتحدة، ولم يخُض أيّ نقاش بشأن الموضوع الرئيسي - جبهة لبنان. وسواء اندلعت الحرب في هذه الأيام، أو تم تأجيلها، فمن الواضح أن الحرب في لبنان هي التحدي الرئيسي لإسرائيل. كان من المفترض بنتنياهو أن يحاول الحصول على دعم أميركي لثلاثة أمور: الحرب في الشمال (إذا قررنا أنه لا يمكننا تجنُّبها)، ووجوب توجيه الحرب نحو دولة لبنان وبنيتها التحتية، وليس ضد حزب الله، لكي نتمكن من الانتصار فعلياً، والأهم من ذلك: عدم اكتفاء الولايات المتحدة بإرسال المساعدات في حال شنّت إيران هجوماً، بل إرسالها رسالة تهديد لإيران، مفادها أن هجومها على إسرائيل قد يؤدي إلى رد أميركي في إيران نفسها. لم يُجرِ رئيس الوزراء مثل هذا الحوار لسبب بسيط: لقد كان يعلم بأن الإجابة الأميركية المتوقعة ستكون: إننا مستعدون لدعمكم، وتسريع تزويدكم بالذخائر، لكن عليكم أولاً توقيع صفقة الأسرى. أمّا نتنياهو، فقد بذل كل جهده للتهرب من ذلك.

3- صفقة الأسرى: نسمع منذ شهرين مسؤولين أمنيين كباراً يقولون إنّ هناك نافذة فرص للتوصل إلى صفقة أسرى في غزة، وإن لم نستغلها، قد تُغلق النافذة. وفعلاً، إذا دخلت إسرائيل في حرب شاملة في لبنان، فإن نافذة الفرصة ستُغلق بسرعة. لن يكون لدى السنوار أيّ سبب يدعوه إلى الرغبة في التوصل إلى صفقة، لأنه يرى أنّ حرباً شاملة في الشمال من المتوقع أن تنضم إليها عناصر أُخرى من سورية والعراق هي بمثابة تحقيق لحلمه الكبير.

فيما كتب عاموس هرئيل في "هآرتس" أن "الاغتيالات في إيران ولبنان تقرّب الشرق الأوسط من اشتعال إقليمي":

ليست مرة واحدة، بل مرتان خلال بضع ساعات، تلقى المحور الراديكالي ضربات قاسية في شتى أنحاء الشرق الأوسط في اليوم الأخير. في البداية، قُتل فؤاد شُكر جرّاء هجوم بالمسيّرات على بيروت، في عملية سارعت إسرائيل إلى إعلان مسؤوليتها العلنية والمباشرة عنها. وفجر الأربعاء، أعلن التلفزيون الإيراني وفاة إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، جرّاء انفجار في طهران.

من المحتمل أن نكون في مواجهة فصل جديد من التصعيد في الحرب، مع احتمالات مواجهة إقليمية واسعة النطاق. من الصعب على إيران عدم الرد على العملية التي وقعت في أراضيها. من ناحية أُخرى، حتى الآن، يبدو أنّ إيران، أو حزب الله، يحاولان إبقاء الحرب مع إسرائيل تحت عتبة الحرب الشاملة. لقد كشفت العملية الأخيرة ضعف المحور الإيراني. زعيما التنظيمين الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله ورئيس الذراع العسكرية لـ"حماس" في قطاع غزة يحيى السنوار، يجدان نفسيهما وحيدين في القيادة، بعد اغتيال عدد كبير من كبار قادتهما، جزء منهم في المواجهة الحالية. ومن المتوقع أن ينعكس مقتل هنية سلباً على الاتصالات بشأن صفقة المخطوفين، التي شهدت في الأسابيع الماضية تعثراً كبيراً، على خلفية التشدد في مواقف إسرائيل.

ردُّ حزب الله سيتأثر بمصير شُكر بصورة كبيرة. أعلن وزير الدفاع أن حزب الله تجاوز الخطوط الحمراء. ويمكن الافتراض أيضاً أنه من ناحية حزب الله، الخطوة الإسرائيلية تجاوزت الخط الأحمر، ويجب الرد عليها. وهنا تُطرح مسألة صعبة أُخرى. منذ عشرة أشهر، لم تنجح إسرائيل في إعادة الاستقرار إلى الحدود الشمالية وإعادة 60 ألف مواطن نزحوا من المنطقة إلى منازلهم. وحتى لو لم يؤدّ الهجوم على بيروت إلى حرب شاملة لا يبدو، حتى الآن، أنه سيكون الطريق التي ستؤدي إلى إعادة الاستقرار على الحدود مع لبنان. وحالياً، يبدو أنّ المسار البديل، التوصل إلى صفقة مخطوفين مع "حماس" وإعلان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، ثم مسعى أميركي سريع من أجل التهدئة في الشمال، قد وصل الآن إلى حائط مسدود.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة