الخميس 26 أيلول 2024 - 0:03
خاص (أيوب)
على الرغم من الضربات المؤلمة التي وجهتها إسرائيل لحزب الله منذ الثلاثاء الأسود في ١٧ أيلول الجاري، ثم البدء بحملة جوية واسعة النطاق منذ فجر الاثنين الماضي، إلا أنّ المحللين العسكريين الإسرائيليين يرون الآن أنّ الحزب ما زال يمتلك من القوة الصاروخية ما يكفي لتوجيه الضربات إلى العمق الإسرائيلي. وهذا ما يضع إسرائيل أمام هامش ضيق من الخيارات أبرزها القيام بهجوم بري لفرض المنطقة العازلة داخل لبنان. هذا ما جاء في تقرير نشره موقع تايمز اوف إسرائيل.
وبحسب ما جاء في التقرير، فإن هدف إسرائيل هو تأمين الحدود حتى يتمكن عشرات الآلاف من سكان الشمال الذين فروا من نيران حزب الله منذ ما يقرب من عام من العودة إلى منازلهم. لكن ليس من الواضح ما إذا كانت عملياتها الأخيرة - رغم نجاحها التكتيكي - ستحقق ذلك؛ إذ طالما احتفظ حزب الله بأي قوة نيران، فلن تتمكن الحدود الشمالية من العودة إلى طبيعتها.
ويقول الخبراء الإسرائيليون إنّ حزب الله يحتفظ بالمزيد من هذه الأسلحة الصاروخية كاحتياط.
القوة الجوية لها حدودها
وفي قراءة للتجارب العسكرية السابقة، فإن الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003، وحملة الناتو في ليبيا عام 2011، والحرب التي قادتها الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2014، بغارات جوية ضخمة. استمرت الحرب لأشهر أو سنوات، وقامت القوات البرية بالدور الحاسم.
بدأت حرب إسرائيل ضد حماس في غزة بما يقرب من ثلاثة أسابيع من الغارات الجوية العنيفة في مختلف أنحاء القطاع، أعقبها غزو بري واسع النطاق. وبعد مرور ما يقرب من عام، لا تزال حماس تخوض القتال وتحتجز العشرات من الرهائن الـ 251 الذين اختطفتهم في 7 أكتوبر/تشرين الأول.
ومع حزب الله، تبنت إسرائيل حتى الآن أهدافاً أضيق نطاقاً - ليس نزع سلاح الحزب أو هزيمته، بل ترتيب جديد ينسحب بموجبه من الحدود ويوقف هجماته.
ولكن حتى ذلك قد لا يكون ممكناً دون غزو بري.
هناك أيضاً خطر استمرار الصراع لسنوات حتى بعد الغزو البري كما جرى بعد إسقاط نظامي طالبان في أفغانستان، ونظام صدام حسين في العراق.
من المحتمل أن يكون لدي حزب الله قدرات غير منظورة
لقد تفاخر وزير الدفاع يوآف غالانت بأن ضربات يوم الاثنين وحدها دمرت عشرات الآلاف من صواريخ حزب الله.
وأضاف: هذا الأسبوع الأصعب على حزب الله منذ تأسيسه. وأضاف: "لقد تم توجيه ضربة إلى التسلسل القيادي، وإلى المقاتلين أنفسهم على مختلف المستويات، وإلى قدراتهم على إطلاق النار وإلى معنوياتهم".
وقد اعترف حزب الله بتعرضه لضربات موجعة، ولكن حتى لو كان تقييم غالانت صحيحاً، فإن الحزب لا يزال يتمتع بموارد كبيرة. وقد نجا من معارك لا تعدّ ولا تحصى مع القوات الإسرائيلية، واستبدل العديد من القادة الذين سقطوا على مرّ السنين، وأعيد تسليحه بعد حرب استمرت شهراً عام 2006.
ويؤكد حزب الله أنّ لديه نحو 100 ألف مقاتل، على الرغم من أنّ بعض المحللين الإسرائيليين يعتقدون أنّ العدد لا يتجاوز عشرات الآلاف. وقبل الأعمال العدائية الأخيرة، كان يُعتقد أنّ لديه حوالي 150 ألف صاروخ وقذيفة، بما في ذلك مقذوفات بعيدة المدى قادرة على ضرب أيّ مكان داخل إسرائيل، وبعض الصواريخ الموجهة بدقة.
ومن المرجح أن يحتفظ بأسلحته الأكثر تطوراً في الاحتياط لأنه يسعى إلى تجنب إثارة حرب شاملة.
وقالت ساريت زيهافي، محللة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابقة ومؤسسة مركز ألما للأبحاث والتعليم، وهو مركز أبحاث يركز على الحدود الشمالية، إنّ حزب الله أخفى أسلحته في أجزاء مختلفة من البلاد، بما في ذلك المناطق القريبة من بيروت.
حزب الله أكثر تقدماً عسكرياً من حماس. كما أنّ لدى حزب الله مساحة أكبر بكثير ليعمل فيها، وخطوط إمداد واسعة تربطه بشكل مباشر بإيران، وشبكات من الأنفاق من المحتمل أن تكون أكثر اتساعاً من تلك الموجودة في غزة.
وفي حالة حدوث غزو بري، يمكن أن ينضم إلى مقاتلي حزب الله آلاف المقاتلين من الجماعات المدعومة من إيران، في العراق واليمن وأماكن أخرى في المنطقة.
لا يملك أيّ من الجانبين خيارات جيدة
وتقول إسرائيل إنه ليس لديها خطط فورية لشنّ غزو بري، لكنها مستعدة للقيام بذلك، وأرسلت الآلاف من القوات المتمرسة في القتال من غزة إلى الحدود الشمالية. وإذا فشلت الحملة الجوية في إخضاع حزب الله، فسوف يستسلم القادة الإسرائيليون لإغراء إرسالهم إلى هناك.
وحتى لو كان الهدف هو إنشاء منطقة عازلة لتأمين الشمال بشكل أفضل، فإن المخاطر كبيرة.
إنّ معظم الإسرائيليين معزولون عن الحرب الجوية بسبب المسافة وأنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية. لكن الغزو البري سيعني المزيد من الضحايا والقتال الطويل للجنود وجنود الاحتياط المنهكين بالفعل من عام من الحرب في غزة.
فقد شنّ حزب الله تمرداً دام 18 عاماً ضد إسرائيل في المرة الأخيرة التي احتلت فيها إسرائيل لبنان، الأمر الذي أجبرها في نهاية المطاف على الانسحاب، وقد يكون احتلال آخر طويل الأمد مكلفاً على نحو مماثل.
لقد واجهت إسرائيل بالفعل غضباً دولياً بشأن الحرب في غزة، بما في ذلك التحقيقات الجارية من قبل أعلى المحاكم العالمية، وتخاطر بعزلة أكبر إذا شنت حملة مماثلة في لبنان.
كما أنّ لدى حزب الله عدداً قليلاً من الخيارات الجيدة.
ومن المرجح أن ينظر مؤيدوه – وراعيته إيران – إلى وقف إطلاق الصواريخ على الشمال في مواجهة الضغط الإسرائيلي على أنه استسلام مهين وتخلٍّ عن الفلسطينيين.
أما تصعيد هجماته، إما عن طريق إطلاق صواريخ أكثر تطوراً أو استهداف المدن الكبرى مثل تل أبيب، فيمكن أن يؤدي إلى ردّ فعل إسرائيلي أكبر أو حرب شاملة تدمر لبنان - مع تعرض حزب الله لخطر إلقاء اللوم عليه.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط