دولي وعربي


كييف تتهم روسيا بخطف الآلاف من الاطفال من أوكرانيا

الأربعاء 12 آذار 2025 - 0:06

كتب (محمد البابا)

مع بداية الغزو الروسي لأوكرانيا بدأت روسيا بعملية ترحيل وخطف أكثر من 700 ألف طفل أوكراني إلى أراضيها من المناطق التي سيطرت عليها, وتتهم كييف روسيا بخطف الاطفال من دور أيتام أوكرانية ، أو ممن أبعدوا عن والديهم بسبب وجودهم على طرفي الجبهة خلال اندلاع القتال وما يزيد صعوبة إعادة الأطفال الأوكرانيين إلى أراضي العمق الأوكراني، حمل كثيرين منهم حالياً الجنسية الروسية، فوفقًا للبيانات الرسمية الاوكرانية  قامت روسيا بنقل آلاف الأطفال الأوكرانيين قسراً إلى المناطق الخاضعة لسيطرتها، ومنحتهم الجنسية الروسية، وتبنتهم قسراً في عائلات روسية، ووضعت عقبات أمام لم شملهم مع والديهم ووطنهم , الامر الذي اعتبرته الأمم المتحدة عمليات الترحيل قسرية و تشكل جرائم حرب.

اعلنت السلطات الروسية عن توطين الأطفال الأوكرانيين في 57 منطقة في روسيا، بما في ذلك سيبيريا حيث يتم تنظيم جميع أنواع المعسكرات للأطفال المرحلين على أراضي روسيا، بهدف “تعليمهم وطنيًا”، أي ترويس، وزرع أفكار العالم الروسي الذي يسم بعملية الترويس للأطفال الأوكرانيين كما يتم تغيير متعمد لبيانات جوازات سفر الاطفال من أجل تعقيد البحث عن الأقارب من أوكرانيا أو الهياكل الحكومية الأوكرانية المرخصة.

بالإضافة إلى ذلك، سارعت روسيا في إجراءات تبني العائلات الروسية للأطفال الأوكرانيين ومنح الجنسية الروسية لهم. تستخدم السلطات الروسية عملية اختطاف الأوكرانيين لحل الأزمة الديموغرافية في بلادهم

بترحيل الأطفال الأوكرانيين، ترتكب روسيا واحدة من أعنف الجرائم وأكثرها بشاعة، لأن الأطفال هم الفئة الاجتماعية الأكثر ضعفًا. لا يؤدي خطف غير القانوني للأطفال الأوكرانيين إلى انفصالهم عن أسرهم وبيئتهم الثقافية المعتادة فحسب، بل يؤدي أيضًا إلى حرمانهم من الطعام العادي والمسكن، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بأعمال عنف واستغلال قسري.

وحددت بيانات رسمية أوكرانية معلومات عن 17 ألفاً من أطفال المخطتفين بعدما استطاعت جمع معلومات مفصلة عن مواقع إقاماتهم السابقة في أوكرانيا وأماكن وجودهم الحالية داخل روسيا. وتشير المعلومات إلى أنه يُضاف إليهم بين 1500 و2500 طفل لم تعرف وجهاتهم بعد ترحيلهم من الاراضي الاوكرانية المحتلة.

 

 

 

تتعامل وزارة إعادة الاندماج مع طلبات يقدمها أقرباء لأطفال في اوكرانيا، في محاولة إعادتهم إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة كييف.  يكشف عدد من الأطفال عن  آخرين ما زالوا ينتظرون قدوم ذويهم لأخذهم.

الأطفال المختطفين  ينقسمون إلى فئات عدة، أولها من تواجدوا مع أجدادهم في مقاطعات محتلة خلال سفر والديهم على سبيل المثال، ثم وجدوا أنفسهم في روسيا في نهاية المطاف بسبب الاعمال العسكرية وتضم الفئة الثانية الأطفال الذين ذهبوا إلى معسكرات أو مصحات شبابية حين اندلعت الحرب، والثالثة من لقي آباؤهم حتفهم في الحرب او أثناء عمليات الإجلاء. أما الفئة الرابعة فهم أبناء عسكريين تعمدوا تركهم مع أهاليهم بعدما ذهبوا إلى الجبهة.

وذكرت داريا هيراسيمتشوك ، كبيرة مستشاري الرئاسة الأوكرانية لحقوق الأطفال وإعادة التأهيل أن أكثر من 1000 طفل من ماريوبول المحتلة قد تم تسليمهم لعائلات جديدة في تيومين وإيركوتسك وكيميروفو وإقليم ألتاي.  كما يخضع أكثر من 300 طفل إلى رعاية مؤقتة في مؤسسات متخصصة في إقليم كراسنودار ويتطلعون إلى مقابلة أسر جديدة.

وفقًا لمركز المقاومة الوطني الأوكراني أن ما مجموعه 280 طفلاً  بين 13 و 17 عاما نُقلوا إلى فيلق القوزاق المتدربين في منطقة كالميكيا الروسية وتعتبر خطة موسكو هي أخذ 500 طفل “بحلول نهاية الصيف القادم” بهدف تحويلهم إلى جنود في المستقبل من أجل القضية الروسية.

وهناك بعض الصعوبات التي تعترض إعادة الأطفال كحالات حصول أقرباء لأطفال على الجنسية الروسية، ثم رفضهم تسليم هؤلاء الأطفال لآبائهم في أوكرانيا حتى إذا كانوا على قيد الحياة، وأخرى بعدم إمكان إعادة أطفال كانوا تلاميذ في مدارس داخلية، ونقلوا إلى روسيا أو القرم.

وتعتبر عملية إعادة الأطفال معقدة تنظيمياً وذات تكاليف عالية، في وقت لا يملك الأهالي في أحيان كثيرة القدرة على تحمل نفقات السفر، الا ان  ذلك لا يمنع من التمسك بأمل عودة جميع الأطفال الأوكرانيين إلى وطنهم يوماً ما وتشير بيانات رسمية أصدرتها أجهزة رسمية في أوكرانيا إلى إعادة 361 طفلاً مهجراً إلى وطنهم بمشاركة نشطة من ذويهم رغم الصعوبات.

وفقاً لتقارير من منظمة العفو الدولية، وصحيفة أوكرينسكا برافدا، تم فصل بعض الأطفال عن والديهم خلال عمليات الفرز التي تقوم بها روسيا.

 

 

 

وكجزء من عملية الفرز تحتجز روسيا مدنيين أوكرانيين لتقييمهم من حيث التهديد المتصور منهم للاحتلال الروسي ويواجه هؤلاء الأفراد واحدًا من ثلاثة مصائر بعد خضوعهم للفرز، والتي تشمل إصدار الوثائق والبقاء في المقاطعات التي تحتلها روسيا، أو الترحيل القسري إلى روسيا، أو الاحتجاز في سجون في شرق أوكرانيا أو روسيا.

وخلال عملية “الفرز قد يتم فصل الأطفال عن والديهم واستجوابهم بشكل منفصل  وفي بعض الأحيان يتعرض الأطفال للاستجواب والتفتيش دون موافقة أو حضور والديهم او أولياء أمورهم.

وذكر ساشكو، وهو صبي يبلغ من العمر 12 عامًا من ماريوبول، أن الجنود الروس نقلوه هو ووالدته إلى منشأة “فرز” في بيزيمين، وهي قرية تقع في الجزء الذي تحتله روسيا من منطقة دونيتسك في أوكرانيا. وتم أخذ والدته للاستجواب ولم يرها منذ ذلك الحين.

وقال ساشكو: “إن الجنود الروس لم يسمحوا لي بتوديع والدتي … قالوا إن والدتي لا تحتاجني، وسيتم إرسالي إلى دار للأطفال ثم إلى أسرة حاضنة”. وأمضى ساشكو شهرين في “مركز لعلاج الصدمات النفسية” في دونيتسك التي تحتلها روسيا قبل أن يتمكن من الاتصال بجدته ليودميلا، التي سافرت بعد ذلك إلى دونيتسك لإحضار ساشكو إلى منزله. وبحسب ما ورد انتهى الأمر بأطفال آخرين من ماريوبول، فُصلوا عن والديهم خلال عمليات “الفرز”، في موسكو وكانوا يخضعون لاستعدادات تبنيهم من قبل أسر في روسيا.

واقترح نواب أوكرانيون إخضاع حوادث خطف البشر من أوكرانيا للمسؤوليات الجنائية الناتجة، وقدموا مشروع قانون يحمل الرقم 9204 لتنظيم هذا الأمر، ومعاقبة من يسببون تهجير أشخاص إلى خارج أوكرانيا بالسجن بين 8 سنوات و12 سنة مع إمكان زيادة هذه العقوبة إلى 15 عاماً في حال تهجير قاصرين.

وحالياً يقدم المكتب الوطني الأوكراني للاستعلامات توجيهات للأقرباء في شأن آليات التصرف في حالات تهجير أطفال، بدءاً بجمع بيانات حول هوياتهم وظروف تهجيرهم، وتحديد الموقع الأخير الذي وُجدوا فيه، وتقديم صور شخصية لهم وتحديد أرقام مخصصة للاتصال بذويهم..

في 8 أبريل، تمت إعادة 31 طفلاً إلى المنزل بعد عملية إنقاذ خاصة حيث اضطرت الأمهات الأوكرانيات إلى الذهاب إلى روسيا، و خضعن لاستجواب لمدة 13 ساعة من قبل أجهزة الأمن الفيدرالية الروسية  لإعادة أطفالهن.

تقول إيرينا فيريشوك، وزيرة إعادة دمج الأراضي المحتلة مؤقتًا في أوكرانيا،" أن أوكرانيا تعتمد على ضغوط المجتمع الدولي بشأن هذه القضية " حتى الآن، لا أرى مؤشرات واضحة على استعداد روسيا لاعادة الأطفال ونحن نعتمد على المجتمع الدولي، وأنهم سيفرضون عقوبات ويقدمون إلى العدالة أولئك الذين يرتكبون جريمة الإبادة الجماعية ضد أطفالنا".

وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد اصدرت مذكرة اعتقال دولية بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي أيد صراحةً عمليات التبني القسري، بما في ذلك عن طريق سن تشريعات لتسهيلها ومذكرة ايضا بحق مفوضة حقوق الأطفال ماريا لفوفا بيلوفا لتورطهما المزعوم وفقًا للقانون الدولي ، بما في ذلك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 ، معتبرة ان  هذه الأفعال تشكل إبادة جماعية قد تم ارتكابها بقصد تدمير أمة أو مجموعة عرقية، كليًا أو جزئيًا..

وقد صرحت ماريا لفوفا بيلوفا، مفوضة حقوق الأطفال في مكتب رئيس الاتحاد الروسي، علنًا أن أكثر من 700 ألف طفل من أوكرانيا موجودون الآن في روسيا، زاعمة أن غالبيتهم كانوا برفقة أولياء أمور، وصورت ذلك على أنه “جهد إنساني” الامر الذي تعتبره كييف خطف وترحيل الاطفال.

وأفاد مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل وهو شريك في مرصد النزاعات الذي تدعمه وزارة الخارجية الأميركية، أن روسيا نقلت بشكل منهجي ما لا يقل عن 6 آلاف طفل من أوكرانيا إلى شبكة من مرافق إعادة التثقيف والتبني في شبه جزيرة القرم التي تحتلها روسيا وتشير النتائج التي توصل إليها مختبر البحوث الإنسانية التابع لكلية الصحة العامة بجامعة ييل “إلى أن غالبية المعسكرات انخرطت في جهود إعادة التثقيف الموالية لروسيا قد قدمت بعض المعسكرات تدريبًا عسكريًا للأطفال”.

ويعد النقل والترحيل غير القانونيين  للأشخاص المحميين انتهاكًا خطيرًا لاتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين ويشكل جريمة حرب معترف بها دوليًا، وللتهرب من المسؤولية، تنشر روسيا معلومات مضللة ودعاية موجّهة في محاولة لتحريف انتهاكاتها باعتبارها لفتات “إنسانية”. وتمارس روسيا أيضًا التضليل الإعلامي والأنشطة المليئة بالدعاية الموجّهة التي تهدف إلى غسل أدمغة الأطفال في الأجزاء التي تحتلها روسيا من أوكرانيا أو الأطفال من أوكرانيا الذين تقوم بترحيلهم إلى روسيا موحيةً بأن الكرملين ينقذهم من “النظام النازي في كييف.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن "الغرض من هذه السياسة الإجرامية ليس مجرد سرقة الأشخاص، بل جعل المُرحَّلين ينسون أوكرانيا ولا يتمكنون من العودة."



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة