الاثنين 7 تشرين الأول 2024 - 0:01
خاص (أيوب)
في تقييم موقع أكسيوس لعام كامل من الحرب الضروس بعد عملية طوفان الأقصى، أو بعد أسوأ فشل للأمن القومي في تاريخ إسرائيل، فإن نتنياهو لم يقترب من فقدان السلطة، بل حقق انتصارات سياسية واستراتيجية تشجعه على المضي قُدماً أكثر من أيّ وقت.
لقد تحدى نتنياهو كلّ الصعاب، والآن أصبح لديه الرأسمال السياسي اللازم للتفاوض على ميزانية العام المقبل، ويسمح له بمواصلة اتخاذ القرارات لمدة عام آخر على الأقل في الحرب الإقليمية المتعددة الجبهات التي تخوضها إسرائيل. وقال أحد مساعدي نتنياهو لموقع أكسيوس: "إنه يشعر بأنه يفوز". وعليه، فإن نتنياهو الذي ترأس حكومة إسرائيل ست مرات، يستعد للبقاءفي منصبه بعد انتهاء ولاية بايدن، الذي فشل إلى حدّ كبير في محاولاته لاحتواء الصراع في الشرق الأوسط وكبح جماح نتنياهو.
لكن في الداخل، لا تزال غالبية الإسرائيليين رافضة لأن يصبح زعيم حزب الليكود - الحزب اليميني الرئيسي في إسرائيل - رئيساً للوزراء.
وفي الأيام والأسابيع التي تلت 7 أكتوبر/تشرين الأول، العام الماضي، اعتقد بايدن وزعماء المعارضة الإسرائيلية ونتنياهو نفسه أنّه على مشارف نهاية حياته السياسية.
وقال العديد من المسؤولين الأميركيين لموقع أكسيوس إنّ المكالمات الأولى لبايدن مع نتنياهو بعد هجوم حماس، جعلت الرئيس الأميركي يشعر بقلق بالغ لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بدا في حالة صدمة.
وقال المسؤولون إنّ بايدن، الذي يعرف نتنياهو منذ أكثر من 40 عاماً، لم يسمعه يتكلم قط بهذه الطريقة، وقد أثر ذلك في قرار بايدن السفر إلى إسرائيل بعد عشرة أيام من طوفان الأقصى.
وعلى مدى الأشهر القليلة التالية، تراجعت شعبية نتنياهو، وتزايدت الدعوات لاستقالته يوماً بعد آخر، وازدادت قوة منافسيه السياسيين في استطلاعات الرأي.
مناورات ونجاحات
أما نتنياهو وتماشياً مع أسلوبه السياسي في العمل، فقد تمكن من الصمود حتى ساعدته سلسلة من النجاحات العسكرية خلال الأشهر الثلاثة الماضية على قلب دفة الأمور.
بدأ ذلك في منتصف يوليو/تموز الماضي بغارة جوية في جنوب غزة أدت إلى مقتل قائد الجناح العسكري لحركة حماس، محمد ضيف كما تؤكد إسرائيل. وكانت هذه هي المرة الأولى منذ بداية الحرب التي تتمكن فيها إسرائيل من قتل أحد العقول المدبرة لهجمات 7 أكتوبر.
ونفذت إسرائيل الضربة الجوية الأطول مدى في تاريخ إسرائيل، ضد منشآت النفط في اليمن.
ثم قتلت إسرائيل القائد العسكري الأعلى لحزب الله فؤاد شكر في غارة جوية في بيروت. وبعد أقل من يوم واحد، اغتالت إسرائيل الزعيم السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في دار ضيافة تابعة للحكومة الإيرانية في طهران.
وبعد شهرين، شنت إسرائيل هجمات سرية على حزب الله، ففجرت عن بُعد آلاف أجهزة الاستدعاء وأجهزة الاتصال اللاسلكي. وقد خلفت الهجمات آلاف القتلى والجرحى من أعضاء حزب الله، وأضرت بأنظمة الاتصالات الداخلية.
ثم شنت غارات جوية غير مسبوقة على مدى الأسبوعين التاليين ضد ترسانة الصواريخ والقذائف لدى الحزب، وقتلت جميع قيادته العليا تقريباً، فضلاً عن العديد من القادة المتوسطي الرتبة.
وبلغت الهجمات ذروتها باغتيال زعيم الحزب حسن نصر الله والعديد من كبار نوابه.
ويوم الثلاثاء الماضي، هزمت إسرائيل هجوماً صاروخياً باليستياً إيرانياَ ضخماً في إنجاز عسكري آخر.
لكن من الواضح أيضاً أنّ أحد أسباب عدم الإطاحة بنتنياهو في الوقت الحالي، هو أنه أقنع منافسه السياسي الرئيسي، وزير الدفاع السابق بيني غانتس، بالانضمام إلى حكومة الطوارئ، ومجلس الوزراء الحربي.
ولم يكن على نتنياهو أن يبذل جهداً كبيراَ للقيام بذلك. وفي صدمة ما بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر، تطوع غانتس للانضمام دون أيّ شروط تقريباً ودون أن يضطر نتنياهو إلى الانفصال عن أيّ من شركائه القوميين المتطرفين.
وأدى انضمام غانتس إلى الحكومة إلى استقرار ائتلاف نتنياهو بينما تسبب بانقسام المعارضة، التي فشلت في تقديم رؤية بديلة لإسرائيل، كما في زيادة الضغط على حكومة نتنياهو.
وبعد عدة أشهر، انتهى شهر العسل، وعاد نتنياهو إلى إهانة غانتس وتهميشه، ففقد رأسماله السياسي بشكل متزايد حتى ترك الائتلاف في يونيو/حزيران الماضي.
ومؤخراً حقق نتنياهو فوزاً آخر عندما انضم منافسه السياسي اللدود جدعون سار إلى حكومته. وكان سار، يقول حتى أشهر قليلة إنّ نتنياهو "كارثة للبلاد"، ويحاول إنقاذ حياته السياسية.
مع ساعر، يتمتع نتنياهو بهامش للمناورة السياسية كي يبقى عاماً آخر على الأقل أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة في أفضل وقت بالنسبة له.
وتمكن نتنياهو من البقاء لسببين آخرين، وهما: رفض تحمل مسؤولية الإخفاقات الأمنية التي أدت إلى هجمات 7 أكتوبر وتشكيل لجنة تحقيق وطنية بشأنها.
ورفضه الموافقة على اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة. وحشد نتنياهو أنصاره وماكينته الضخمة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد عائلات الأسرى، وجعل الصفقة قضية مثيرة للخلف وحركة الاحتجاج غير فعالة.
وأخيراً، صعد نتنياهو بشكل ملحوظ في استطلاعات الرأي الأخيرة وسيكون حزبه هو الأكبر لو أجريت الانتخابات اليوم.
وفي الوقت نفسه، تظهر استطلاعات الرأي أنّ ائتلافه سيخسر إذا أجريت الانتخابات اليوم، وأنّ غالبية الإسرائيليين ما زالوا يريدون استقالته.
وعلى الساحة العالمية، أصبحت صورة نتنياهو مشوهة. وتوترت علاقاته مع بايدن، وينتقده العديد من الزعماء الغربيين، ويصفه بعض زعماء العالم العربي والإسلامي، وكذلك دول أفريقيا وأميركا الجنوبية، بأنه "مجرم حرب".
وانسحب عشرات الدبلوماسيين احتجاجاً على خطاب نتنياهو أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي.
ما هو التالي؟ في الأشهر المقبلة، يواجه نتنياهو العديد من التحديات الكبيرة، بما في ذلك محاولة تمرير الميزانية، والدفع بقانون من شأنه أن يعفي شركاءه في الائتلاف اليهودي المتطرف من الخدمة العسكرية في خضم الحرب، وإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحقه.
وأياً كان الفائز في الانتخابات الرئاسية الأميركية، فإنه سيشكل أيضاَ تحدياً أمام نتنياهو: فكلّ من ترامب وهاريس يريدان رؤية نهاية الحرب في الشرق الأوسط.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط