السبت 2 تشرين الثاني 2024 - 0:10
خاص (أيوب)
فضيحة كبيرة لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قبل 4 أيام فقط من الانتخابات الرئاسية الأميركية، بسبب تسريب معلومات استخبارية سرية للغاية من أحد مساعدي نتنياهو إلى صحيفة "بيلد" الألمانية، أوائل أيلول الماضي. فهل هذه مصادفة أم التوقيت سياسي بسبب عرقلة نتنياهو لأيّ جهد دبلوماسي أميركي على مدى أشهر السنة الجارية، لوقف إطلاق النار في غزة، ولاحقاً في لبنان؟ أم هو نوع من ممارسة الضغط من جانب الجيش وأجهزة الأمن على نتنياهو لوقف الحرب؟ قد تكون الدولة العميقة في إسرائيل قد ضاقت ذرعاً بألاعيب نتنياهو، فأرادت تطويقه بفضيحة أخرى، وهو الذي تنتظره المحاكمات بفضائح سابقة؟ لكن الأغرب من ذلك، أنّ الفضيحة لها علاقة بالسنوار قبل استشهاده؟ فما هي القصة؟
في 6 أيلول الماضي، ذكرت صحيفة "بيلد" الأمانية في تقرير حصري لها أنّ وثيقة لم تُعرض من قبل وُجدت على جهاز الكمبيوتر الخاص بيحيى السنوار. وهذه الوثيقة تلقي الضوء على استراتيجية التفاوض التي تتبعها حماس، بما في ذلك التعذيب النفسي لعائلات الرهائن. وقالت الصحيفة إنّ الوثيقة، التي حصلت عليها، تعود إلى ربيع عام 2024، وقيل إنّ السنوار وافق عليها شخصياً. صحيفة "بيلد" قالت إنها لا تستطيع تقديم تفاصيل عن المصدر، إلا أنها قالت إنه جرى التحقق من محتويات الملف من قبل مصدرين مستقلين. ووفقاً لصحيفة، هناك عدة عوامل أرادت حماس أخذها في الاعتبار عند التفاوض على اتفاق وقف إطلاق النار. وتشمل هذه "إرهاق" الجهاز العسكري الإسرائيلي، وزيادة الضغط الدولي على إسرائيل، والحفاظ على قدرتها المسلحة.
وثيقة حماس بشأن الأسرى
ومما جاء في الوثيقة المنسوبة إلى السنوار، تأمر حماس بمواصلة الضغط النفسي على عائلات الرهائن الإسرائيليين، سواء الآن أو خلال المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار حتى يزداد الضغط الشعبي على حكومة العدو". في الأيام الأخيرة، وفي أعقاب اكتشاف الجيش الإسرائيلي لجثث ستة رهائن إسرائيليين في نفق أسفل رفح، أصدرت حماس عدة مقاطع فيديو تتضمن تصريحات من الرهائن قبل وفاتهم. تحتوي هذه المقاطع على إشارات إلى فشل الحكومة الإسرائيلية، وتوسلات لإعادتهم إلى ديارهم، وتفاصيل عن الظروف المعيشية المروّعة للرهائن. وبحسب قراءة صحيفة "بيلد" للوثيقة، فإن التكتيكات النفسية ضد عائلات الرهائن هي استراتيجية طوّرتها حماس لزيادة الضغط على حكومة إسرائيل من أجل الموافقة على شروط الصفقة. ووفقاً للوثيقة أيضاً، فإن حماس تريد أيضاً استخدام الرهائن للضغط على إسرائيل. وجاء في الوثيقة: "خلال المفاوضات الخاصة بالمرحلة الثانية (من وقف إطلاق النار)، ستسمح حماس للصليب الأحمر بزيارة بعض السجناء كبادرة حسن نية ونقل رسائل إلى أقاربهم". والهدف المعلن من هذا هو زيادة الضغط على إسرائيل لتمديد وقف إطلاق النار. وحماس لا تهتم بنهاية سريعة للحرب؛ إذ وفق صحيفة "بيلد"، أظهرت الوثيقة أن حماس لا تسعى إلى نهاية سريعة للحرب من شأنها أن تعود بالنفع على المدنيين في غزة. بل تنص الوثيقة على أنه "يجب تحسين البنود المهمة في الصفقة، حتى لو استمرت المفاوضات لفترة أطول من الزمن". وفي الوثيقة، تعترف حماس بأن "قدرتها العسكرية قد ضعفت"، لكنها لا ترى ضرورة لإنهاء القتال بسرعة، كما كشفت صحيفة "بيلد". وأضافت الصحيفة إنّ العديد من النقاط الرئيسية في الوثيقة تتركز على كيفية التلاعب بالمجتمع الدولي، وتعزيز إعادة بناء القوة العسكرية لحماس. وتذكر الوثيقة في هذا السياق، "مناورة سياسية"؛ إذ على مفاوضي حماس أن يقترحوا "تمركز قوات عربية على طول الحدود الشرقية والشمالية" مع إسرائيل. والغرض الوحيد من هذا هو "العمل كحاجز لمنع العدو من دخول غزة بعد انتهاء الحرب حتى يتمكنوا (أي حركة حماس) من إعادة تنظيم صفوفهم وقدراتهم العسكرية". في الوثيقة، تصرّ حماس على أن إسرائيل يجب أن تكون مسؤولة وحدها عن المفاوضات الفاشلة. وتنص الوثيقة على أنه إذا رفضت إسرائيل الصفقة التي قدمتها الولايات المتحدة، "يجب أن تكون وسائل الإعلام على علم بأن حماس وافقت، لكن الصفقة فشلت بسبب "عناد إسرائيل". وتقول الوثيقة إنه لا ينبغي "تحميل حماس مسؤولية فشل الاتفاق". وتضيف صحيفة "بيلد" أنّ الوثيقة لا تشير إلى ممر فيلادلفيا، على الرغم من كونه نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات الجارية. وهنا تتساءل صحيفة "بيلد": "إذا كان الأمر بالغ الأهمية، فمن الغريب جداً أنه لم يُذكر في الوثيقة".
كيفية انكشاف السرّ
وقال مسؤولون إسرائيليون إنه قبل بضعة أسابيع، طلب الجيش الإسرائيلي من جهاز الشين بيت، وهو جهاز الاستخبارات الداخلية الإسرائيلية، فتح تحقيق بعد تسرب تقرير استخباراتي سري للغاية إلى صحيفة "بيلد" الألمانية. وأدى تحقيق مشترك أجراه الشاباك والشرطة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي إلى اعتقال عدد من المشتبه بهم. وركز التحقيق على "مخاوف من حدوث خرق أمني نتيجة تقديم معلومات سرية بشكل غير قانوني، كما عرّضت التسريبات "معلومات حساسة ومصادر استخبارية للخطر، وأضرت بجهود تحقيق أهداف الحرب في قطاع غزة". وقال نتنياهو في بيان أنه "لم يُستجوب أو يُعتقل أيّ شخص من مكتب رئيس الوزراء". وأضاف أنه لم يكن هناك أيّ تسريب من مكتب رئيس الوزراء، واتهم جهات حكومية أخرى، لم يسمّها، بتسريب معلومات سرية. نعم، وذكرت هيئة البث الإسرائيلية العامة “كان” أن المساعد، الذي عمل بشكل وثيق مع نتنياهو منذ بداية الحرب، شارك في اجتماعات أمنية حساسة، وتعرض لمعلومات سرية للغاية على الرغم من الفشل في التحقق من خلفيته الأمنية. ونتيجة لذلك، لم يكن لديه التصريح الأمني اللازم للعمل في مكتب رئيس الوزراء ولم يتم تعيينه رسمياً في المكتب. وفي الوقت نفسه، كان يقدم المشورة لنتنياهو بشكل نشط. في هذا الإطار، رجّح موقع أكسيوس الأميركي أن تؤدي الفضيحة إلى تعميق عدم الثقة والتوتر بين نتنياهو، والجيش الإسرائيلي وأجهزة المخابرات، والذي تزايد منذ الإخفاقات الأمنية في أعقاب هجمات حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول العام الماضي. وفي غضون أسابيع قليلة، من المتوقع أن يقف نتنياهو لأول مرة في المحكمة بتهم الفساد.
ماذا يعني ذلك؟
كان نتنياهو في الأسابيع قد ارتفعت أسهمه بسبب إنجازاته الأمنية والعسكرية في لبنان، وهو ما جعله يتعنت أمام المبادرات السياسية لوقف إطلاق النار في غزة كما في لبنان. فيما الجيش والأجهزة الأمنية والجنرالات السابقون، يدعون إلى قبول الصفقة في غزة والتسوية في لبنان، بسبب النقص في الذخيرة، والنقص في الجنود، وتلطّخ اسم إسرائيل بسبب ما ترتكبه من فظائع في غزة، وفي لبنان بنسبة أقل.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط