دولي وعربي


زيلينسكي في واشنطن لتوقيع اتفاقية المعادن وتقييم خسائر أوكرانيا

الجمعه 28 شباط 2025 - 0:07

 

تحقيق (محمد البابا)

يصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى واشنطن اليوم الجمعة للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب وتوقيع اتفاق يمنح الولايات المتحدة حقوق استثمار استثنائية بالمعادن النادرة وغيرها من الموارد الطبيعية في أوكرانيا، كجزء من مفاوضات أوسع لإنهاء غزو روسيا لأراضيها.

في حين اجتمع قادة الدول السبع والعشرين الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، عبر الفيديو، ظهر الأربعاء، لبحث احتمالية إعلان هدنة في النزاع مع روسيا، وللاطلاع على أهم ما دار في الاجتماع الذي ركز على أوكرانيا بين الرئيسين الفرنسي إيمانويل ماكرون والأميركي ترامب، يوم الاثنين الماضي، في واشنطن. ويأمل حلفاء كييف في نقطة تحول بعد أكثر من ثلاث سنوات من الحرب، مع التحذير من دفع أوكرانيا إلى «الاستسلام» بعد أن تناول اجتماع واشنطن إعلان هدنة قصيرة الأمد والحصول على موافقة روسيا على دور أوروبي في تسوية النزاع.

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" التلفزيونية، إن الولايات المتحدة أوشكت على إتمام صفقة المعادن الأرضية النادرة مع أوكرانيا.

ولم تتضح حتى الآن الشروط النهائية للصفقة وحجمها، وما إذا كانت أوكرانيا ستحصل على ضمانات أمنية لطالما سعت إليها خلال أيام المفاوضات الصعبة والمتوترة، التي وصلت إلى حد تراشق ترامب وزيلينسكي بالاتهامات والإهانات. ولم تتضمن مسودات الاتفاق السابقة أي التزام أمني من الولايات المتحدة. وأصر ترامب على أنه يريد مقابلاً للمساعدات العسكرية الأميركية التي تلقتها كييف، مما يحوّل تحالف الولايات المتحدة مع أوكرانيا في اتجاه تجاري محض.

وأفاد مسؤول أميركي بأن مسودة نهائية للاتفاق أُرسلت إلى أوكرانيا، الثلاثاء، متوقعاً أن يوقِّع عليها أولاً كل من وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت، ونظيره الأوكراني سيرغي مارتشينكو، على أن يتوجه زيلينسكي إلى واشنطن للتوقيع مع ترامب.

أمن أوكرانيا

 

وقال: تفاوضنا إلى حد كبير على صفقتنا بشأن المعادن النادرة وأشياء أخرى مختلفة، مضيفاً: سننظر في الأمن المستقبلي لأوكرانيا لاحقاً. وأضاف: لا أعتقد أن هذا سيكون مشكلة (...) تحدثت مع روسيا حول هذا الأمر. لم يبدُ أن لديهم مشكلة في ذلك. لذلك أعتقد أنهم يفهمون... بمجرد أن نفعل ذلك، لن يعودوا.

وكان زيلينسكي قد أعرب عن أمله في زيارة واشنطن للقاء الرئيس الأميركي للتوصل إلى اتفاق إطاري لاستغلال الموارد الطبيعية الأوكرانية، وبحث معه مسألة المساعدات المستقبلية لبلاده.

وقال مسؤول أوكراني كبير لوكالة الصحافة الفرنسية، مساء الثلاثاء، إن كييف وافقت على شروط صفقة تطوِّر الولايات المتحدة بموجبها بشكل مشترك الموارد المعدنية في أوكرانيا، وأن زيلينسكي قد يوقِّع عليها الجمعة، في واشنطن. وقال زيلينسكي للصحافيين، الأربعاء: أود بشدّة فعل هذه الزيارة.

وأضاف: هذه مجرد البداية وقد تحقق نجاحاً كبيراً. النجاح رهن بمحادثتنا مع الرئيس ترامب.

وقال زيلينسكي إن عائدات صفقة الموارد سيجري إيداعها في صندوق مملوك بشكل مشترك من أوكرانيا والولايات المتحدة، وأن كييف لن تكون مدينة للمساعدات المقدمة في عهد بايدن.

وأوضح زيلينسكي: سيكون هذا غير عادل لنا. وتابع أنّه سيسأل ترامب إن كان سيوقف المساعدات الأميركية المستقبلية لأوكرانيا، وفي هذه الحالة إذا كانت كييف ستتمكن من شراء أسلحة من الولايات المتحدة.

وتأمل أوكرانيا في أن يؤدي الاتفاق إلى تحسين العلاقات مع إدارة ترامب التي توترت على وقع انتقادات وهجمات كلامية من ترامب على زيلينسكي.

وتريد كييف أيضاً ضمانات أمنية، على الرغم من أن المسودة الحالية للاتفاق لا تنص على أي التزامات أمنية محددة على الولايات المتحدة، حسبما صرح مسؤول أوكراني كبير لوكالة الصحافة الفرنسية.

وأكد القادة الأوروبيون ضرورة وجود ضمانات أمنية لأوكرانيا شرطاً لأي محادثات سلام مستقبلية بين موسكو وكييف. وفي أعقاب اجتماعه مع ترامب، اقترح الرئيس ماكرون تعزيز القدرات العسكرية لأوكرانيا، ونشر قوات بريطانية وفرنسية للحفاظ على السلام إذا طلب ذلك.

 خسائر اوكرانيا خلال الحرب

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، تكبّدت أوكرانيا خسائر بشرية ومادية جسيمة. وفقًا لتقرير بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا حتى 31 أغسطس 2024، قُتل 11,743 مدنيًا وأُصيب 24,614 آخرون. ومع ذلك، ويُرجّح أن تكون الأرقام الفعلية أعلى بكثير نظرًا لصعوبة توثيق الوفيات والإصابات في بعض المناطق.

فيما يتعلق بالخسائر العسكرية، أفادت تقارير بأن أوكرانيا فقدت حوالي 80,000 جندي، مع إصابة نحو 400,000 آخرين.

تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام تقريبية وقد تختلف التقديرات بناءً على المصادر المختلفة.

على الصعيد الاقتصادي، قدّرت الخسائر الإجمالية لأوكرانيا بحوالي تريليون دولار. تضررت البنية التحتية بشكل كبير، حيث تم تدمير أكثر من مليوني منزل، ما يمثل حوالي 10% من مخزون الإسكان في البلاد.

كما تكبّد قطاع الطاقة خسائر تجاوزت 43 مليار دولار، وقطاع النقل حوالي 39 مليار دولار.  بالإضافة إلى ذلك، تسببت الحرب في نزوح حوالي 10.6 مليون أوكراني، منهم 3.7 مليون نازح داخليًا و6.9 مليون لاجئ في الخارج، معظمهم في روسيا وألمانيا وبولندا.

وتستمر هذه الخسائر في التفاقم مع استمرار الصراع، مما يزيد من التحديات التي تواجهها أوكرانيا على المستويات البشرية والاقتصادية والاجتماعية.

وفقًا لتقرير مشترك صدر في فبراير 2025 عن الحكومة الأوكرانية والبنك الدولي والمفوضية الأوروبية والأمم المتحدة، تُقدَّر تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا بحوالي 524 مليار دولار على مدى العقد المقبل.

هذا المبلغ يعادل تقريبًا 2.8 ضعف الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لأوكرانيا لعام 2024.

التقرير أشار إلى أن الأضرار المباشرة بلغت 176 مليار دولار، مع تضرر 13% من إجمالي المخزون السكني، مما أثر على أكثر من 2.5 مليون أسرة. كما شهد قطاع الطاقة زيادة في الأضرار بنسبة 70% مقارنة بالتقييم السابق، متأثرًا بتدمير البنية التحتية لتوليد ونقل وتوزيع الطاقة والتدفئة المركزية.

اهم احتياجات إعادة الإعمار والتعافي تتوزع على عدة قطاعات، أبرزها الإسكان الكلفة التقديرية حوالي 84 مليار دولار, اما النقل يحتاج حوالي 78 مليار دولار و الطاقة والاستخراج: حوالي 68 مليار دولار و التجارة والصناعة أكثر من 64 مليار دولار في وقت  تحتاج الزراعة أكثر من 55 مليار دولار بالإضافة إلى ذلك، تُقدَّر تكلفة إزالة الحطام وإدارة النفايات بحوالي 13 مليار دولار.

هذه التقديرات تعكس حجم التحديات التي تواجه أوكرانيا في جهود إعادة الإعمار والتعافي بعد الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية والقطاعات الحيوية نتيجة الصراع المستمر.

استخدام الأصول الروسية

 منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، سعت كييف إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في الدول الغربية لتمويل جهود إعادة الإعمار. في يونيو 2024، وافقت دول مجموعة السبع على إقراض أوكرانيا 50 مليار يورو (حوالي 54 مليار دولار) باستخدام عائدات الأصول الروسية المجمدة. تم الاتفاق على أن تبقى هذه الأصول مجمدة في البنوك المركزية للدول المعنية، بينما تُستخدم عائداتها لتقديم قروض لأوكرانيا لدعم جهود إعادة الإعمار.

وفي ديسمبر 2024، أعلنت بريطانيا عن نيتها تقديم قرض بقيمة 2.26 مليار جنيه إسترليني (حوالي 2.5 مليار دولار) لأوكرانيا، مدعومًا بالأصول الروسية المجمدة. أثار هذا القرار انتقادات من السفارة الروسية في لندن، التي وصفته بأنه "مخطط احتيالي" واعتبرت أنه يمثل استيلاءً غير مشروع على الأصول الروسية.

أفادت تقارير صحفية بأن روسيا قد توافق على استخدام 300 مليار دولار من أصولها السيادية المجمدة في أوروبا لإعادة إعمار أوكرانيا، بشرط أن يُنفق جزء من هذه الأموال على المناطق التي تسيطر عليها حاليًا.

تُظهر هذه التطورات الجهود المستمرة لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لدعم أوكرانيا، وسط جدل قانوني وسياسي حول شرعية هذه الخطوات وتبعاتها الدولية.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة