دولي وعربي


دروز سوريا واسرائيل: دعم أم فخ؟

الأحد 4 أيار 2025 - 0:10

كتبت (كارولين البعيني)

في زمن التشظي العربي، حيث انهارت الدولة السورية إلى مناطق نفوذ ومحاور وصراعات، برز موقف إسرائيل من الطائفة الدرزية كاستثناء في مشهدٍ يعجّ بالتخلي والتآمر والصمت القاتل. فبينما تُركت معظم الأقليات لمصيرها، وأُدير الظهر لمآسيها، كانت إسرائيل تُرسل رسائل واضحة، سياسية وعسكرية، مفادها: الدروز خط أحمر.

جذور العلاقة: من الجولان إلى جبل العرب

لا يمكن الحديث عن علاقة الدروز بإسرائيل دون العودة إلى الجولان المحتل، حيث حافظ معظم دروز الجولان على هويتهم السورية، ورفضوا التجنيس الإسرائيلي، لكنهم — في الوقت ذاته — استفادوا من استقرار إداري واقتصادي لم يتوفر لأقربائهم في جبل العرب. هذا التباين في الظروف لا يمكن تجاهله، لا سياسياً ولا إنسانياً.

لقد أثبتت العقود الماضية أن إسرائيل — رغم احتلالها — لم تعمل على اجتثاث الطائفة الدرزية في الجولان، بل ضمّنت لها حرية دينية وثقافية، بل وحتى تسهيلات اقتصادية وتعليمية. وقد كان هذا كافياً لدى البعض ليطرح السؤال: ماذا لو كانت العلاقة مؤطّرة لا تبعية؟ وماذا لو كان الانفتاح وسيلة لحماية الذات وليس خيانة للهوية؟

أين كانت دمشق حين نزفنا؟

من السهل اتهام الدروز بالخيانة إن فتحوا قنوات تواصل أو تفهُّم مع إسرائيل، لكن الأصعب هو تبرير صمت الدولة السورية — أو عجزها — عن حماية جبل العرب في سنوات الفوضى. حين سقطت القرى بيد النصرة وداعش، لم تكن الطائرات السورية هي من دافعت عن الجبل، بل أبناؤه وسلاحهم، ثم لاحقاً، كانت الطائرات الإسرائيلية — وليس السورية — من أوقفت الزحف باتجاه المناطق الدرزية.

أليست هذه وقائع تستحق إعادة قراءة؟ هل نُلام لأننا نبحث عن ضمانات وجود حين تغيب الدولة؟ وهل تُحسب ضدنا الواقعية، أم تحسب لنا؟

العدو… أم الضامن المؤقت؟

لا يملك الدروز ترف الدخول في مغامرات أيديولوجية. فهم أقلية ذات امتداد محدود، لا تحتمي بمحور، ولا تملك فائض قوة. وفي هذا السياق، فإن العلاقة مع إسرائيل لا تُبنى على الحب، بل على الحاجة، ولا تُفهم في سياق الولاء، بل في سياق التوازن.

لا أحد يريد لإسرائيل أن تكون وصية على جبل العرب، لكن إن كان وجودها العسكري والسياسي قادراً على ردع القوى المتطرفة عن مهاجمتنا، أفلا يكون من الواقعي أن نُبقي الباب موارباً، لا موصداً تماماً؟

بين المبادئ والحسابات

قد لا يُعجب هذا الكلام كثيرين، لكنه يمثل صوتاً داخل الطائفة لا يستهين بالعقل، ولا يفرّط بالكرامة. لسنا عملاء، ولسنا طلاب حماية، لكننا في المقابل لسنا انتحاريين سياسياً. نعرف أين نقف، ومتى نقف، ولمن نفتح أيدينا، ومتى نقبضها.

ربما آن الأوان لأن يُسمع هذا الصوت، لا كخروج عن الصف، بل كدعوة لإعادة تعريف “الصف” ذاته.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة