دولي وعربي


ثلاث مُهمّات في غزة قبل الانتقال إلى لبنان

الأحد 21 تموز 2024 - 0:05

رأى المحلّل العسكري الإسرائيلي رون بن يشاي في مقال له في صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، أنّ من واجب إسرائيل الاستفادة من الضغط العسكري التي تمارسه في غزة لفرض أجندتها الأمنية الخاصة قبل تحويل انتباهها إلى حزب الله في الشمال. ويشرح قائلاً إنّ مفاوضات تبادل الأسرى والهدنة مع حركة حماس تحوّلت في الأسابيع الأخيرة، إلى محادثات فعلية حول "اليوم التالي"، بعد انتهاء الحرب. فحماس حوّلت مطالبها وتحفّظاتها في المفاوضات من مجرّد مساومة على الرهائن مقابل وقف القتال وإطلاق سراح السجناء إلى البقاء في غزة، بل تريد التعافي. وتشمل مطالبها انسحاب القوات الإسرائيلية من ممر نتساريم، والسماح لقواتها بالعودة إلى معاقلها الشمالية، والأهم من ذلك، منع القوات الإسرائيلية من مراقبة ممر فيلادلفيا ومعبر رفح. وهذه الطريق حيوية لحماس لتلقّي الأسلحة والمواد الخام عبر سيناء. وتسعىحماس إلى ضمانات من الدول الوسيطة، بما في ذلك الولايات المتحدة، وربما من روسيا والصين أيضاً، بأن إسرائيل لن تستأنف الأعمال العدائية. وهذا من شأنه أن يجرّد إسرائيل من الحرية العملياتية في غزة "في اليوم التالي".

وبالمقابل، تحتاج إسرائيل إلى اتخاذ قرار بشأن إطار استراتيجي يخدم مصالحها بعد صفقة الرهائن، وإنهاء الحرب فعلياً والانتقال إلى ما يسميه الجيش الإسرائيلي المرحلة "ج"، من أجل الحفاظ على الإنجازات التكتيكية الكبيرة التي تحقّقت خلال تسعة أشهر من القتال في غزة.

ثلاثة أهداف للمفاوضات

ويعتبر بن يشاي أنّ أهداف إسرائيل في المفاوضات تكمن في ثلاثة جوانب:

1- الحفاظ على السيطرة الاستخباراتية: من خلال القدرة على جمع المعلومات الاستخباراتية البشرية التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي، وخاصة الشاباك، وهذا حالياً أمر حيوي في غزة لمنع حماس من إعادة تجميع صفوفها.

2- حرية العمليات: بما يضمن احتفاظ الجيش الإسرائيلي بالقدرة على العمل بحرية في غزة، ويشمل ذلك الاستفادة من التفوّق الاستخباراتي لإحباط مؤامرات حماس بالغارات الجوية أو العمليات البرية والبحرية أو الغارات البرية. يجب أن يكون الجيش الإسرائيلي والشاباك قادريْن على تحييد أيّ محاولات لصناعة صواريخ جديدة أو حفر أنفاق جديدة.

3- التنسيق مع مصر: بمعنى التوصّل إلى اتفاق مع مصر لمنع تهريب الأسلحة والمواد الخام إلى غزة، ومنع سكان غزة من السفر إلى إيران للتدرّب على السلاح. ويمكن لهذا التنسيق أن يلغي الحاجة إلى وجود القوات الإسرائيلية على طول طريق فيلادلفيا.

سوف تقاوم حماس هذه الشروط، ولكن إذا وقفت إسرائيل بحزم، فلن يكون أمام يحيى السنوار خيار سوى الرضوخ. إنّ الضغط العسكري الإسرائيلي بدأ يؤثر بالفعل.

ثلاث مُهمّات استراتيجية

يؤكد بن يشايي أنه على إسرائيل ألّا تساوم على مصالحها الأساسية في الصفقة. ومع ذلك، في الحرب الاستراتيجية التي تخوضها إسرائيل حالياً، والتي ستشكّل الأمن القومي لعقود آنية، فإن صفقة الرهائن لها أهمية قصوى. ووحده حلّ أزمة الرهائن سيعيد التماسك والتضامن الداخلي والصمود الوطني للمجتمع الإسرائيلي، ويعيد جزئياً بناء ثقة الجمهور في الحكومة التي تآكلت تماماً. وهذه الأولوية الاستراتيجية الأولى.

الأولوية الاستراتيجية الثانية هي إكمال المهمة في غزة: تدمير غالبية الأنفاق الاستراتيجية وشبكة الحرب الواسعة تحت الأرض التي بنتها حماس. وإنّ الاستيلاء على شبكة الأنفاق الاستراتيجية من حماس والجهاد الإسلامي لن يجرّدهما من قدراتهما في حرب العصابات فحسب، بل سيجبر أفرادهما أيضاً على الظهور، مما يجعلهم عرضة للقوة النارية الساحقة للجيش الإسرائيلي. وهذا ما يبدو عليه النصر العسكري الحقيقي - عندما يُحرم العدو من بنيته التحتية وقدراته التكتيكية.وتتمثّل المهمة الحاسمة الأخرى في القضاء على يحيى السنوار ودائرته الداخلية أو القبض عليهم أو نفيهم، مما يوجّه ضربة معنوية لنشطاء حماس في غزة.

المهمة الثالثة الحاسمة هي البدء في تأسيس نظام الحكم المدني "التالي" في غزة، بالتعاون مع الكيانات الدولية. ويمكن أن يبدأ ذلك بالسماح لسكان غزة بإدارة مشاريع إعادة الإعمار لشبكات الصرف الصحي والنقل بأنفسهم، وتوزيع المساعدات الإنسانية من خلال كيانات محلية غير تابعة لحماس، ومنع حماس من التدخل.

وبحسب بن يشاي، فإن المهمة الإسرائيلية في الشمال لن تكتمل عندما يُدفع مقاتلو حزب الله إلى الوراء على مسافة 6 أميال من حدود إسرائيل، ويكون الجنوب اللبناني منزوع السلاح. يمتلك حزب الله ترسانة هائلة من عشرات الآلاف من الصواريخ والصواريخ الثقيلة التي تهدّد الجبهة الداخلية الإسرائيلية بأكملها. يجب الاعتراف بأن صواريخ حزب الله وطائراته بدون طيار وصواريخه المضادة للدبابات لن "تصدأ"، كما اقترح رئيس أركان سابق للجيش الإسرائيلي ذات مرة. ومن المرجّح أن تكون الحرب الحالية أفضل فرصة لتفكيك هذا التهديد قبل أن يحوّله حزب الله والإيرانيون، بدعم سوري، إلى وحش لا تستطيع إسرائيل التعامل معه بمفردها.وفي الوقت الحالي، يمكن للجيش الإسرائيلي إدارة هذا التهديد بمفرده. وإذا تدخلت إيران، فمن المرجّح أن يساعد الأمريكيون إسرائيل. قد لا يكون هذا هو الحال في المستقبل. يجب أن تواجه إسرائيل هذا الوحش الآن، بقدرات الجيش الإسرائيلي والتنسيق مع الولايات المتحدة.

هذه المهامّ الثلاث - إطلاق سراح الرهائن، وهزيمة حماس في غزة، وتحييد التهديد بين حزب الله وإيران في الشمال والشمال الشرقي - هي التحدّيات التي ستواجهها إسرائيل في الأشهر المقبلة.

ويختم بن يشاي بالقول: يجب أن يفهم السياسيون أنّ أيّ شيء يُعيق هذه الأهداف، ويقوّض الشرعية الدولية المتبقّية لإسرائيل، يعرّض أمن أطفال إسرائيل وأحفادها للخطر لعقود.ويجب وضع السياسة والأيديولوجية جانباً، حتى الانتهاء من هذه المهامّ الحربية بنجاح.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة