الاثنين 23 أيلول 2024 - 0:00
خاص (أيوب)
تصاعد الضربات الإسرائيلية ضدّ أفراد الحزب وكوادره وقادته الكبار بوسائل استخبارية وعسكرية متقدمة، الأسبوع المنصرم، هو من أجل إقناع قيادة الحزب بوقف معركة إسناد غزة، بما يسمح بعودة المهجّرين الصهاينة إلى منازلهم شمال فلسطين/إسرائيل كما يؤكد رئيس حكومة العدو نتنياهو ووزير دفاعه غالانت.
وهذه هي السردية التي يروجها الإسرائيليون لدى الأميركيين، من أجل طمأنتهم إلى أنهم لا يسعون إلى توسيع الحرب مع لبنان، بل هي مجرد ضغوط مؤثرة تُمارَس على الأمين العام للحزب، صاحب القرار الأخير بهذا الشأن، أي بخصوص وقف المعركة أو الاستمرار بها. لكن نوع هذه الضربات هو من القسوة والوحشية بحيث تفيض كثيراً عن الهدف المرسوم؛ إذ كيف يتقبل الحزب وجمهوره إلحاق الأذى بمئات من أفراده وكوادره، بواسطة تفجير آلاف البيجرات وأجهزة اللاسلكي، كما اغتيال قياداته الرفيعة المستوى، في قلب منطقة سكنية، ما أدى إلى استشهاد العشرات من المدنيين الآمنين، فضلاً عن بضعة عشر قائداً ومسؤولاً عسكرياً، في وحدة الرضوان.
الهدف الحقيقي هو استفزاز السيد حسن نصر الله، وإثارة الغضب لدى مناصريه، بحيث لا يكون أمامه سوى طريق واحد، وهو التصعيد. لكن هل يمكن أن يكون في التصعيد العسكري إلى أقصى حدّ ممكن، باب أمل بالتهدئة في أقل تقدير أو وقف المعركة بعد تفاوض من جديد على حزمة مسائل كما كان يسعى إلى تحقيقه المبعوث الأميركي الخاص عاموس هوكستاين؟
بحسب موقع أكسيوس الأميركي، أكد مسؤولون إسرائيليون أنّ هجماتهم المتزايدة ضدّ حزب الله لا تهدف إلى إثارة الحرب، ولكنها محاولة للتوصل إلى "وقف التصعيد من خلال التصعيد".
وقال المسؤولون الأميركيون إنّ إسرائيل تعتقد أنّ ممارسة المزيد من الضغوط على حزب الله قد يدفعه إلى الموافقة على اتفاق دبلوماسي يعيد النازحين على طرفي الحدود، بغضّ النظر عن المفاوضات المتعثرة لوقف إطلاق النار في غزة.
وقال مسؤولون أميركيون لموقع أكسيوس إنهم يدركون ماهية التفكير الإسرائيلي في هذه المسألة، ويتفقون مع الحكومة الإسرائيلية في هذا الشأن، لكنهم أكدوا للإسرائيليين أنّ هذه "معادلة صعبة للغاية"، ويمكن أن تخرج بسهولة عن نطاق السيطرة وتؤدي إلى حرب شاملة.
ولذا، أجرى مسؤولون أميركيون عدة مكالمات مع نظرائهم الإسرائيليين يومي الجمعة والسبت الفائتين، من أجل التشديد على ضبط النفس خلال التصعيد المدروس ضدّ الحزب كي لا تنزلق الأمور إلى حرب شاملة.
وقال مسؤول أميركي إنّ "إحدى الرسائل الرئيسية كانت أننا نريد إبقاء الطريق مفتوحاً لحلّ دبلوماسي، ولا نريد أن يتخذ الإسرائيليون خطوات من شأنها إغلاق مثل هذا الطريق".
فمن ناحية، قال مسؤولو إدارة بايدن إنّ قتل إسرائيل لعقيل حقق العدالة لدوره في تفجير السفارة الأميركية وثكنات مشاة البحرية في بيروت قبل أكثر من 40 عاماً. ومن ناحية أخرى، تشعر الولايات المتحدة بالقلق من أنّ اغتيال عقيل ورفاقه، والهجمات الأخرى، تضع الصراع بين إسرائيل وحزب الله على منحدر زلق قد يؤدي إلى الحرب، كما أنها لن تساعد إسرائيل على تحقيق هدفها المتمثل في إعادة عشرات الآلاف من النازحين الإسرائيليين إلى منازلهم على الحدود مع لبنان.
ويعترف المسؤولون الأميركيون بأن تأثيرهم محدود على القرارات العسكرية الإسرائيلية، ولذا، يركزون على التوصل إلى تفاهم مع القادة الإسرائيليين حول "التصعيد" نفسه.
وقال مسؤولون إسرائيليون وأميركيون بحسب أكسيوس إنّ إدارة بايدن طلبت من إسرائيل الامتناع عن القيام بأعمال مثل الغزو البري أو الضربات الجوية واسعة النطاق في المناطق المدنية والتي يمكن أن تؤدي إلى تصعيد الصراع باتجاه حرب شاملة، وتعطيل الجهود الدبلوماسية.
ماذا يعني ذلك؟
إنه يعني وجود شكوك عميقة لدى إدارة بايدن بأمرين: الأول، نجاح الضغوط الإسرائيلية في إقناع الحزب بالتراجع والتنازل. والثاني، ضمان أن لا تنزلق هذه الضغوط إلى حرب واسعة مع لبنان.
بالمقابل، هل يستطيع الحزب ممارسة ضغوط مقابلة بتوجيه ضربات نوعية ضدّ إسرائيل ما دون حيفا، حتى لا تردّ إسرائيل من ضمن المعادلة الأخيرة بضربات على الضاحية الجنوبية، فتكون التهدئة في الجنوب اللبناني جزءاً من الهدنة في الجنوب الفلسطيني، أو تمهيداً لها بدل أن تكون الهدنة في فلسطين إيذاناً بوقف النار في لبنان؟ الميدان هو الذي يتكلم ويقرّر شكل النهاية.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط