
الأربعاء 30 تشرين الأول 2024 - 0:07
يعتبر السفير الإسرائيلي السابق في روما درور إيدار في مقال له في يسرائيل هيوم أنّ معنى التسوية المطروحة غزة ولبنان، هو إدارة التهديد من خلال الإبقاء على قوة العدو على ما هي عليه، مع احتمالات كبيرة لأن تتحسن. بينما الحسم هو القضاء على العدو، وعلى قدراته، بحيث لا تقوم له قيامة بعدها. وتعتمد التسوية على آخرين، من ضمنهم العدو، كي يحترم الاتفاق (سواء أكان ورقة، أو قراراً من الأمم المتحدة). بينما نعتمد في الحسم على أنفسنا بشأن كلّ ما له علاقة بأمننا ووجودنا، ومن خلال عدم السماح للعدو باستعادة قدراته.
ويضيف إيدار أنه منذ بداية المعركة، ترافقنا أصوات تدعو إلى التسوية. والافتراض الأساسي هو أنّ إسرائيل لا تقدر وحدها على مواجهة كلّ التهديدات. وفي رأيهم، أنّ إسرائيل يجب أن تكون محمية، لكن ليست قوية جداً، وأن تبقى في اعتماد دائم على الأميركيين القادرين على فرض وجهة نظرهم، والتسويات السياسية.
يوجد في إسرائيل دائرة من النخبة القديمة الأخذة في التقلص ديموغرافياً، ترى كيف تتبدد أفكارها بشأن التسوية السياسية ("دولتان لشعبين"). وبالإضافة إلى هيمنتهم على مراكز القوة القضائية والأكاديمية، يبقى الضغط الأميركي رافعة للتأثير في الحكومة. وذلك من خلال بناء الوعي بأنه لا يمكن أن نبقى، إذا لم ننصَع للأوامر الأميركية.
التسوية في لبنان، ستكون شبيهة بالقرار 1701 الذي ساعد على تعاظم قوة حزب الله. وقوات أجنبية في غزة، وفي لبنان، ستعمل بصورة مشابهة للمهزلة المسماة قوات اليونيفيل، القوات الدولية لحفظ السلام في لبنان، التي أقام حزب الله إمبراطورية "الإرهاب" تحت أنظارها. الذين يتحدثون عن تسوية قبل إخضاع العدو، يأملون بقيام دولة فلسطينية في مواجهة مراكزنا السكانية، وكأننا لم نتعلم شيئاً من المغامرة المشؤومة في الانفصال عن غزةََـ والموجود في الميدان يدرك جيداً الخطر الوجودي الذي يحوم فوقنا. وهو مستعد للتضحية من أجل مستقبلنا. ويجب أن يكون الحسم واضحاً، ليس فقط بالنسبة إلينا، بل يجب أن يكون واضحاً، قبل كلّ شيء، في وعي العدو بأنه لم يعد قادراً على الوجود، ولم يعد يملك قوة عسكرية، أو سلطوية، وسيموت عناصره في اللحظة التي سيرفعون رأسهم ضدنا. ممنوع أن نعود إلى سياسة 6 تشرين الأول، حين كنا نتحدث ونهدد. وعندما خرقت "حماس" وحزب الله الاتفاق، لم نفعل شيئاً.
إنّ مفتاح القضاء على التهديدات بحسب إيدار، هو إخضاع المحور الإيراني. الكلّ يدرك ذلك، باستثناء أولئك الذين يعظوننا بأننا لا نقدر على ذلك، ويعبّرون عن النظرية التي أدت إلى 7 تشرين الأول. لكن مَن لديه حسّ كبير بالتاريخ ورؤيا جيو - سياسية يدرك أننا في نقطة تاريخية نادرة، يمكن من خلالها تحرير الشرق الأوسط من قبضة النظام الإيراني.
ويمكننا تحقيق ذلك، فقط بواسطة القصف من النوع الذي رأيناه، والذي نأمل بأن يستمرّ، وأن يصل إلى المنشآت النووية لنظام الملالي. ومن المهم أن نشجع المواطنين الإيرانيين الكثر، المُعادين للنظام، على العمل على إسقاطه. وينطبق هذا أيضاً على المواطنين اللبنانيين الذين يكرهون حزب الله. إنّ "الأنظمة التوتاليتارية" تسقط عندما يتوقف رعاياها عن الخوف منها، ويثور الناس على الأسوار، ويقومون بتدميرها. يجب علينا ضرب الحرس الثوري الإيراني الذي يحمي النظام الإيراني، وكذلك ضرب منشآته وتدميرها، مثلما جرى مع القيادة الرفيعة المستوى لحزب الله. هذا "سيحرر" الإيرانيين ويدفعهم إلى التحرك، بعد أكثر من 40 عاماً من "القمع". وهذا "سيحرر" أيضاً المواطنين اللبنانيين.
*نقلاً عن مجلة الدراسات الفلسطينية
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط