السبت 21 أيلول 2024 - 0:00
خاص (أيوب)
في خضمّ الضربات الإسرائيلية المتتالية ضدّ حزب الله في لبنان، من اغتيالات جماعية للأفراد والكوادر عن طريق تفجير أجهزة البيجر واللاسلكي، ومحاولة القضاء على القيادة الأساسية لوحدة الرضوان، بغارة جوية استهدفت اجتماعاً لها في الضاحية الجنوبية، وبحضور الرجل الثاني في التنظيم العسكري إبراهيم عقيل الذي خلف فؤاد شكر، وتكرار التهديد باجتياح لبنان، طلعت الحكومة الإسرائيلية بخطة إنهاء الحرب في قطاع غزة، هي في حقيقة الأمر، خطة استسلام حركة حماس وبقية الفصائل، بعيداً عن كلّ الخطط المرحلية السابقة، التي عرقلها نتنياهو عمداً. ظهرت هذه الخطة ثم اختفت سريعاً، فهي محكوم عليها بالفشل؛ إذ إنّ حماس لا يمكن أن تقبل بمقايضة الأسرى الإسرائيليين بالسلامة. فما هي هذه الخطة؟
تنص الخطة على ما يلي:
- تقوم حركة حماس بالإفراج عن كلّ الأسرى، مقابل السماح لرئيس المكتب السياسي للحركة يحيى السنوار بالخروج آمناً من القطاع ومعه من يشاء من أهل غزة. أي وصلنا أخيراً، إلى المخطط اليميني المتطرف في إسرائيل، ويقضي بالتغيير السكاني في القطاع، وتفريغ ما أمكن من الفلسطينيين، تحت سيف الحصار والتجويع والقتل العشوائي.
- تتولى القوات الإسرائيلية نزع سلاح غزة، وبالطبع، تدمير شبكة الأنفاق، وملاحقة الخلايا التي سيخلّفها السنوار وراءه بعد خروجه من القطاع، وإدارة إسرائيل توزيع المساعدات على ما تبقى من السكان، والإدارة السياسية والعسكرية الكاملة لقطاع غزة. ومن غير الواضح من سيكون إلى جانب القوات الإسرائيلية حينذاك، هل هي قوات السلطة الفلسطينية، أم قوات فلسطينية لا علاقة لها بالتشكيلات السياسية المعروفة، أم قوات عربية، أو قوات عربية وأممية مشتركة، بل ربما تقوم إسرائيل بإدارة شؤون القطاع بنفسها دون تدخل أحد.
هذه الخطة تنسف كلّ الخطط المرحلية السابقة، ومعها الخطة التي وافقت عليها حركة حماس، واستعرض الرئيس الأميركي بنودها. كما تبرهن الخطة على أنّ الخيار الإسرائيلي منذ البداية كان دفع الفلسطينيين إلى الانتفاضة على حماس، والانقلاب على خيار المقاومة، من خلال المجازر المتكررة بشكل منتظم يومياً.
إنّ ما جرى حتى اليوم في غزة، هو تكرار لسيناريو اجتياج عام 1982 حين حوصرت القوات الفلسطينية في بيروت الغربية، وانقطعت الماء والكهرباء عن سكان المدينة. ويومذاك، وبعد موجات من القصف التي تعاقبت، بهدف الضغط على المدنيين خاصة، نجحت الوساطة الأميركية في إقناع أبو عمار زعيم منظمة التحرير بالخروج الآمن من بيروت، وبحماية الأساطيل الأميركية والأوروبية. لكن القوات المتعددة الجنسيات لم توفر الحماية لسكان المخيمات، بعد خروج المقاتلين، فكانت مجزرة صبرا وشاتيلا، بحجة تنظيفها من المخرّبين الذين خلّفهم أبو عمار خلفه.
ما هو مؤكد أنّ السنوار ورفاقه وقد قرأوا دروس التاريخ، لن يقبلوا أبداً هذا المقترح، ليس لأن المقترح الأخير هو هروب من المقترح الإسرائيلي السابق والذي وافقت عليه حماس، بل لأن التاريخ قد يتكرر، فتزيد معاناة المدنيين الفلسطينيين بدل أن تتحسن ظروف العيش. ولا شيء يضمن بعد استسلام المقاتلين أو خروجهم، أن تسمح إسرائيل بإعادة بناء القطاع، أو لا تصادر الأراضي وتستوطن غزة مرة أخرى.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط