دولي وعربي


الرواية الإيرانية لسقوط الأسد

الجمعه 27 كانون الأول 2024 - 0:01

خاص (أيوب)

العملية الخاطفة التي أطلقتها هيئة تحرير الشام مع حلفائها تحت اسم "ردع العدوان"، في 27 تشرين الثاني المنصرم، فأدّت بشكل مفاجئ إلى انهيار جيش النظام وانسحابه على التوالي من حلب وحماة وحمص وصولاً إلى دمشق ليل الثامن من كانون الأول الحالي، من دون قتال حقيقي، ما تزال تثير الاستغراب في أنحاء العالم، وتجهد أجهزة الاستخبارات الإقليمية والدولية في معرفة حقيقة الانهيار وأسبابه. ومع هذا الاستغراب وحالة عدم اليقين، والتي تعكسه تقارير وسائل الإعلام العربية والأجنبية، تتناقض الروايات، وتختلف التفسيرات، لا سيما ما يتعلق منها بخفايا فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد دون قتال، من دمشق إلى القاعدة الروسية في حميميم، ومنها إلى موسكو. فهل كان مدركاً لما يحدث، وهل خدعه جيشه، أم خذلته أجهزة الاستخبارات التابعة له وهي التي يعود إليها الفضل في صمود نظامه منذ عام 2011، باستعمال أقسى وسائل التعذيب الوحشي، والقتل العشوائي، في السجون والأفرع الأمنية؟

في هذا المجال، تتعدد أيضاً وجهات الاتهام إلى دول كبرى ودول إقليمية مؤثرة. فهل سقط النظام بتدبير تركي وتواطؤ روسي وتسهيل إسرائيلي وإشراف أميركي؟ وكيف يمكن اتفاق كل هذه الدول على هدف واحد، وهي التي تتناقض مصالحها وتتضارب أهدافها في سوريا وغيرها؟

هل كانت خديعة روسية، وهي التي تحتفظ بنفوذ قوي داخل الاستخبارات العسكرية السابقة، وضمن فيالق معينة في الجيش السابق، وفيها عناصر منشقة قامت بتسوية أوضاعها مع النظام، مع تساقط جيوب المعارضة في درعا وريف دمشق وريف حمص وريف حماة وريف حلب، ابتداء من عام 2016 تقريباً؟

هل تمكنت تركيا والمعارضة المسلحة التي تدعمها من تجنيد ضباط كبار في هيئة الأركان ما سمح لها بإصدار قرارات إخلاء مزيفة من المواقع الحصينة والمدن المكتظة بالسكان دون قتال؟

هل تمكنت الولايات المتحدة بتنسيق كامل مع إسرائيل من اختراق بنية النظام وزعزعته، لقطع طريق الإمداد بين طهران وبيروت، بهدف منع حزب الله من استعادة قواه بعد الضربات القاسية التي طالت قادته الكبار ومخازن صواريخه الاستراتيجية؟

محاولة رسم الصورة

يمكن استعراض مواقف الدول المذكورة آنفاً على الشكل التالي:

- أولاً، عارضت الولايات المتحدة إسقاط النظام في السابق، حتى عندما استعمل السلاح الكيماوي ضد المدنيين في ريف دمشق (الغوطة الشرقية) عام 2013، وفي ريف إدلب (سراقب) عام 2018، وذلك خوفاً من سيطرة الجماعات الإسلامية على سوريا، وهذا بالضبط موقف إسرائيل، حتى لو كانت الدولتان الحليفتان اتفقتا أخيراً على تصفية أذرع إيران في المنطقة، إلا أنه من المستبعد تسهيل سقوط النظام بهذه السهولة، وتسليم سوريا للجماعات الإسلامية.

- ثانياً، قد تكون روسيا مع اقتراب تسلم دونالد ترامب لمهامه الرئاسية، في 20 كانون الثاني المقبل، تريد عقد صفقة مع الإدارة الجديدة على قاعدة المقايضة بين سوريا وأوكرانيا، إلا أنه من المستبعد أن يبيع بوتين حليفه الأسد قبل أن يقبض ما يريده في أوكرانيا، لا سيما وأن ترامب بصدد إيقاف الدعم الحيوي لأوكرانيا بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض، مع الانسحاب من سوريا، فلا حاجة روسية في إجراء مقايضة من أي نوع.

- ثالثاً، إن تركيا هي المستفيدة الأولى من سقوط النظام، ووصول حلفائها السوريين إلى السلطة. إلا أنه من المستبعد أن تغامر بعملية غير مؤكدة النتائج، ويمكن أن تكون عواقبها خطيرة على علاقاتها ومصالحها ليس في سوريا فقط. بل الأضرار المحتملة يمكن أن تطال الداخل التركي لو فشلت العملية العسكرية.

رواية إيرانية

بحسب مصادر "أيوب"، فإنّ إيران وحليفها الحزب يريان الأمور على أنها خديعة روسية كاملة الأوصاف، معطوفاً عليها رهان الأسد على تطبيع نظامه مع الدول العربية، وذلك على الشكل التالي:

- أقدم النظام السابق على إضعاف الميليشيات الإيرانية في السنوات الأخيرة لا سيما بعد "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وضع القيود على حركة حزب الله، وأجبر قوات الرضا المؤلفة من 45 ألف مقاتل شيعي، على الاندماج بالنظام، بعد إضعاف قوات الدفاع الوطني والتي كان تعدادها أكثر من 100 ألف مقاتل. فلم يبق إلا بضعة آلاف من مقاتلي الحزب، وعدد محدود من المستشارين الإيرانيين.

- مع بدء هجوم المعارضة وتساقط المدن بيدها دون قتال، حاولت إيران في اجتماع قطر والذي جمع دولاً عربية ودول اتفاقات الأستانا (روسيا وإيران وتركيا)، إنقاذ النظام في اليوم الذي سبق سقوطه. وكان لافتاً أن روسيا لم تتمثل بوزير الخارجية الروسي لافروف بل بممثل من الخارجية، وهذا يدل على عدم الجدية.

- الرئيس المخلوع بحسب المصادر، وصلته رسالة إيرانية، مفادها ضرورة الخروج إلى طهران، حيث يُستقبل كرئيس دولة، وهناك يصدر بياناً يؤكد فيه أنّ ما حدث هو انقلاب مدبر من قوى خارجية. ثم يذهب إلى أي بلد يريده. ويكمل الصراع من الخارج. لكن بشار الأسد رفض، وأصر على البقاء. وخطط للانتقال إلى اللاذقية لإكمال القتال هناك. وبهذه النية، انتقل إلى حميميم بواسطة القوات الروسية. لكنه عندما وصل إلى القاعدة الروسية، قال له الضباط الروس إن المنطقة غير آمنة بسبب مسيّرات المعارضة، ونقلوه في طائرة خاصة إلى موسكو.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة