الأربعاء 3 تموز 2024 - 0:00
خاص (أيوب)
يريد الجيش الإسرائيلي وقف إطلاق النار في غزة حتى لو بقيت حركة حماس سلطة حاكمة في القطاع. هذا ما جاء في تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز" يوم الاثنين الماضي نقلاً عن ستة مسؤولين أمنيين حاليين وسابقين.
التقرير كشف عن خلافات عميقة بين المؤسسة العسكرية والحكومة المدنية في إسرائيل حول مجريات الحرب وأهدافها المعلنة. وهو ما دفع رئيس الحكومة نتنياهو إلى الردّ على التقرير المذكور ببيان متلفز قائلاً: إنّ هذا ليس بخيار.
وبحسب ما جاء في التقرير فإن قادة الجيش يعتقدون أنّ وقف إطلاق النار الدائم هو أفضل طريقة لتحرير الرهائن المتبقّين لدى حماس. وقالوا أيضاً إنّ الجيش الإسرائيلي بحاجة إلى إعادة التذخير قبل نشوب صراع أوسع متوقّع مع حزب الله، حيث فشلت الجهود الدبلوماسية حتى الآن في تهدئة المخاوف من حرب محتملة في لبنان.
موقع "تايمز أوف إسرائيل" الذي ناقش التقرير وتداعياته، رأى أنّ صحيفة "نيويورك تايمز" في تقريرها لم تشر إلى أيّ مدى يمكن أن يتمسّك القادة العسكريون بموقفهم هذا أمام نتنياهو، الذي توعّد دائماً بمواصلة القتال حتى "النصر الكامل". وكان نتنياهو قد أكّد في وقت سابق أنّ الذخائر تنفد في إسرائيل، زاعماً أنّ البيت الأبيض يحجب الأسلحة عن إسرائيل.
وقال نتنياهو في بيانه أمس الثلاثاء: "لن نُنهي الحرب إلا بعد أن نحقّق جميع أهدافها، بما في ذلك القضاء على حماس وإطلاق سراح جميع رهائننا". وتابع: "حدّدت القيادة السياسية هذه الأهداف للجيش الإسرائيلي، ولدى الجيش الإسرائيلي كلّ الوسائل لتحقيقها. لن نستسلم للانهزامية، لا في صحيفة نيويورك تايمز، ولا في أيّ مكان آخر. ونحن مليئون بروح النصر".
وردّ الجيش الإسرائيلي أيضاً على تقرير النيويورك تايمز، قائلاً إنه "مصمّم على مواصلة القتال حتى يحقّق أهداف الحرب، وتدمير قدرات حماس العسكرية والحكومية، واستعادة الرهائن، وإعادة السكان بأمان في الشمال والجنوب إلى منازلهم". وتابع البيان: "سيواصل الجيش الإسرائيلي محاربة حماس في جميع أنحاء قطاع غزة، إلى جانب مواصلة تحسين استعدادنا لحرب في الشمال، والدفاع عن جميع حدودنا".
وكان المسؤولون المذكورون في التقرير الصحافي الأميركي قد أشاروا عن أزمة نقص الجنود في الجيش. ونقلت الصحيفة عن أربعة مسؤولين عسكريين قولهم إنّ عدداً أقلّ من جنود الاحتياط يحضرون للخدمة مع استمرار الحرب في غزة. وقال خمسة آخرون أيضاً إنّ الضباط أصبحوا لا يثقون بشكل متزايد بقادتهم بعد إخفاقات الجيش في 7 أكتوبر/تشرين الأول الفائت. كما نقل التقرير عن خمسة مسؤولين وضباط قولهم إنّ قذائف إسرائيل تنفد. وأضاف البعض أنّ الجيش يفتقر إلى قطع الغيار اللازمة للمركبات العسكرية، بما في ذلك الدبابات والجرّافات. وقال ضابطان إنه بسبب نقص الذخيرة، لم تُجهّز الدبابات الإسرائيلية في غزة بكامل طاقتها.
وقال إيال هولاتا، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق، لصحيفة نيويورك تايمز إنّ إسرائيل لا تزال قادرة على محاربة حزب الله.
وأضاف: "إذا تمّ جرّنا إلى حرب أكبر، فلدينا ما يكفي من الموارد والجنود". وأضاف: "لكننا نرغب في القيام بذلك في أفضل الظروف الممكنة. وفي الوقت الحالي، ليس لدينا أفضل الظروف". وقال التقرير المذكور إنّ جميع الضباط الذين أُجريت مقابلات معهم يتفقون مع تقييم هولاتا.
وذكرت أخبار القناة 12 يوم الثلاثاء الماضي أنّ وزيرة الخارجية الألمانية أنائلة بيربوك ورئيس الاستخبارات الألمانية موجودان في لبنان في محاولة لتهدئة الوضع.
وتأتي هذه المحاولة بعد أن فشلت الجهود السابقة التي تقودها الولايات المتحدة وفرنسا حتى الآن في جعل حزب الله يتراجع إلى ما وراء نهر الليطاني – حوالى 30 كيلومتراً (19 ميلا) من الحدود الشمالية لإسرائيل – وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1701، الذي أنهى الصراع بين إسرائيل وحزب الله عام 2006. ومن شأن إنهاء القتال في القطاع أن يفتح الباب أمام حزب الله لوقف إطلاق النار.
ماذا يعني ذلك؟
أولاً، يعاني الجيش الإسرائيلي من الإنهاك والاستنزاف بحيث لا يمكنه الاستمرار بالطريقة نفسها في غزة؛ جنوده مُرهَقون ومرتعبون. وهو يدرك أكثر من نتنياهو واقع الحال. لذا، تبدو تقديراته أكثر دقة من حسابات السياسيين. كما أنه لا يمكنه نقل المعركة إلى جبهة الشمال في لبنان، ولديه استنزاف قوي في قطاع غزة. لكن وقف إطلاق النار في غزة سيتبعه تلقائياً سريان الهدوء في الشمال، أي على الحدود مع لبنان.
ثانياً، الخلاف محتدم بقوة بين العسكريين والمدنيين في إسرائيل، كما بين المتديّنين والعلمانيين. وثمّة محاولات جادّة للتخلّص من نتنياهو. لكن العامل الحاسم في هذا المجال، هو نجاح المقاومة في غزة في استنزاف الجيش الإسرائيلي بعملياتها المستمرة وكمائنها المتعاقبة، والهادفة إلى تقويض إرادة القتال لدى العدو. وهو ما بدأ يظهر تدريجياً، ويعلو الصوت المعترض أكثر فأكثر داخل هذا الجيش.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط