
الأحد 14 تموز 2024 - 0:00
خاص (أيوب)
عندما كانت إدارة بايدن في أمسّ الحاجة إلى إنجاز ما، لا سيما مع وجود أسرى إسرائيليين بيد حماس يحملون الجنسية الأميركية. والإنجاز ضروري كي يبقى بايدن مرشّح الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني المقبل، في وقت تتعاظم فيه الضغوط عليه كي يتنحّى عن السباق الرئاسي لمرشّح آخر. وعندما بدا أنّ نقاط الخلاف الباقية بين إسرائيل وحركة حماس في طريقها للحسم، لجأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمماطلة والمراوغة وإضاعة الوقت من خلال طرح شروط جديدة تعجيزية يوم الخميس الماضي، وهي شروط لم تكن ملحوظة في المقترح الإسرائيلي الأصلي الذي تبنّاه بايدن علناً في خطاب مشهور أواخر أيار الماضي، ومن شأن ذلك تعقيد مسار المفاوضات. لكن ما فعله بعد يومين أي صباح السبت، من استهداف موسّع لمنطقة مصنّفة إسرائيلياً على أنها آمنة، وهي مواصي خان يونس، ومخيم الشاطئ، تحت عنوان اغتيال قيادات من حماس، على رأسها القائد العام لكتائب عزّ الدّين القسّام، محمد الضيف، وسقط فيها مئات الشهداء والجرحى، كان محاولة جديدة منه لنسف المفاوضات من أساسها، كي يستمرّ القتل في القطاع، ويحرم بايدن من أيّ إنجاز، وتالياً توجيه الضربة القاضية للرئيس المرشّح.
الشروط الجديدة التي أعلنها نتنياهو، فأثارت غضب أهالي الأسرى الإسرائيليين، تتلخّص بما يلي:
أولاً، كانت المفاوضات بين إسرائيل ومصر والتي تتناول الترتيبات الأمنية في ممرّ فيلاديفيا ومعبر رفح، فتضمن افتراضياً منع التهريب من مصر إلى القطاع، قد توصّلت بحسب موقع أكسيوس الأميركي، إلى قبول مصر بإنشاء حائط تحت الأرض على الحدود بين غزة ومصر، لإقفال الأنفاق بين المنطقتين. كما وافقت الولايات المتحدة على تمويل هذا المشروع. لكن فجأة أعلن نتنياهو أنه لا يكتفي بذلك، ويصرّ على الاحتفاظ بالسيطرة على الأراضي المحاذية مباشرة لمصر.
ثانياً، كان المقترح الإسرائيلي ينصّ على أنه مع بدء المرحلة الأولى من تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، وسريان هدنة تمتدّ ستة أسابيع، لا تستأنف إسرائيل القتال ما لم تنتهك حركة حماس بنود الاتفاق. بل كان خطاب بايدن ينصّ على الامتناع عن القتال ما دام التفاوض قائماً. الآن، يقول نتنياهو، إنه لا يريد الالتزام بعدم استئناف القتال أثناء الهدنة، حتى لو التزمت حماس بالاتفاق. وبات الآن لا يكتفي بإطلاق سراح 33 أسيراً إسرائيلياً في المرحلة الأولى، ويتمسّك بإطلاق أكبر عدد ممكن من أسرى إسرائيل في المرحلة الأولى.
ثالثاً، كان المقترح الإسرائيلي والذي وافقت عليه حماس، ينصّ على انسحاب الجيش الإسرائيلي من الأماكن المكتظة، ومن ممرّ نتساريم الذي يقسم القطاع إلى قسمين، كي يسمح للنازحين بالعودة إلى شمال القطاع، ويتيح لشاحنات المساعدات إيصال الغذاء وبقية مستلزمات البقاء إلى الشمال المحاصر منذ أشهر، والذي يتعرّض لحملة تجويع منهجي. أما نتنياهو فقد صرّح يوم الخميس، أنه لن يسمح بعودة مسلّحي حماس إلى الشمال، بمعنى أنه لا يريد عودة النازحين ولا فكّ الحصار عن المنطقة الشمالية.
ما هو مبرّر نتنياهو؟
كيف يبرّر نتنياهو محاولته الجديدة لإفشال الاتفاق مع حماس؟ يقول إنه استناداً إلى تقارير الاستخبارات الإسرائيلية، فإن حركة حماس قد ضعفت، وهو يريد استغلال ضعفها من أجل تحصيل أقصى ما يمكن تحصيله، واستمرار القتال حتى تحقيق النصر الكامل على حماس. لكنّ مصادر موقع أكسيوس تشكّك في موقف نتنياهو، وترى أنه غير جادّ أصلاً في إبرام الصفقة.
أما التصعيد الأخير تحت عنوان اغتيال قيادات حماس، فكان استغلالاً مباشراً لتصريح جو بايدن، دعا فيه إسرائيل إلى وقف الحرب في غزة، والاكتفاء بملاحقة قادة حماس. لكن ما جرى يوم السبت هو الإيغال في قتل المدنيين بذريعة استهداف قادة حماس، وهم مختبئون وسط المدنيين في منطقة "آمنة" بحسب التصنيف الإسرائيلي. والواقع أنّ المناطق الآمنة التي تعلنها إسرائيل في غزة، هي كمائن وأفخاخ لاغتيال قادة حماس، وهي خدعة لا تنطلي على الحركة، وهي أيضاً وسيلة لتحريض الغزاويين على حماس، وهي حيلة إسرائيلية قديمة، استعملها شارون أثناء اجتياح لبنان عام 1982.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط