الجمعه 5 تموز 2024 - 0:02
خاص (أيوب)
يبدو الاتفاق على هدنة بين إسرائيل وحماس وتبادل أسرى بينهما، أقرب إلى التحقّق من أيّ وقت مضى. هذا ما أشاعه الإعلام الإسرائيلي نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين. والداعي إلى هذا التفاؤل أنّ ردّ حركة حماس على مقترح الحلّ الإسرائيلي ذي المراحل الثلاث، والذي أذاعه الرئيس الأميركي جو بايدن أواخر أيار الماضي، كان إيجابياً بما يكفي مضافاً إليه استعداد نتنياهو لإرسال مسؤول الموساد ديفيد برنياع على رأس وفد إلى قطر لتقريب المسافات تمهيداً لعقد الصفقة، وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي بين نتنياهو وبايدن يوم الخميس.
ويؤكد موقع أكسيوس الأميركي أنّ بايدن ضغط عدة أشهر من أجل التوصّل إلى اتفاق. وقال مسؤولون في البيت الأبيض إنهم يريدون الاستفادة من ردّ حماس الإيجابي على الاقتراح الأخير من أجل سدّ الفجوات المتبقّية والتوصّل إلى اتفاق. وسيكون التوصّل إلى اتفاق لإطلاق سراح الأسرى المحتجزين في غزة، بمن فيهم مواطنون أميركيون، وبما يؤدّي إلى وقف إطلاق النار في القطاع إنجازاً كبيراً في مجال السياسة الخارجية لبايدن الذي يواجه انتقادات شديدة بعد المناظرة الرئاسية في حزيران الماضي.
وقال مسؤولون إسرائيليون إنّ ردّ حماس يمثّل تقدّماً كبيراً، ويفتح الباب أمام مفاوضات أكثر تفصيلاً، ويمكن أن تؤدّي إلى اتفاق. وقال مكتب نتنياهو إنه أبلغ بايدن في اتصالهما الهاتفي بقراره إرسال وفد لمواصلة المفاوضات وكرّر "التزام إسرائيل بإنهاء الحرب فقط بعد تحقيق جميع أهدافها". بايدن رحّب بـ "قرار نتنياهو بتفويض الوفد الإسرائيلي التعامل مع الوسطاء الأميركيين والقطريين والمصريين في محاولة لإبرام الصفقة". وكان مجلس الحرب الإسرائيلي قد وافق على الاقتراح الأخير، واستعرضه بايدن في خطاب ألقاه في أواخر أيار الماضي. لكن نتنياهو تملّص منه، ثم أعلن عن تأييده صفقة جزئية لتبادل الأسرى قبل أن يتراجع ويعود إلى الاتفاق الأصلي، الذي ينصّ على ثلاث مراحل من شأنها أن تؤدّي إلى إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين الـ120 المتبقين الذين تحتجزهم حماس وإلى "هدوء مستدام" في غزة.
تركّز المرحلة الأولى على الحالات الإنسانية، وتشمل وقف إطلاق النار لمدة 42 يوماً مقابل إطلاق سراح النساء والمجنّدات والرجال الذين تزيد أعمارهم عن 50 عاماً والرجال الذين يعانون من حالة طبية حرجة مقابل إفراج إسرائيل عن نحو 900 سجين فلسطيني، من بينهم أكثر من 150 يقضون أحكاما بالسجن مدى الحياة بتهمة قتل إسرائيليين.
وعلى هذا الصعيد، قال مسؤولون إسرائيليون إنّ ردّ حماس يجعل من الممكن التوصّل إلى اتفاق بشأن المادتين 8 و14 حيث تكمن الفجوات الرئيسية بين الطرفين.
ففي المادة 8، تاريخ بدء المفاوضات بين إسرائيل وحماس خلال تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة. وفي هذا المجال، وافقت حماس على استبدال كلمة "بما في ذلك" بكلمة أخرى اقترحتها الولايات المتحدة وهي مقبولة لإسرائيل، كما قال مسؤولون إسرائيليون بحيث شدّدوا على أنّ الصياغة الجديدة ستسمح بالغموض لكلا الطرفين في المفاوضات حول المرحلة الأولى من الصفقة.
من جهتها، تريد حماس تغيير اللغة في المادة 14 من الاقتراح بحيث لا تقول إنّ الولايات المتحدة وقطر ومصر "ستبذل كلّ جهد" لمواصلة المفاوضات حتى يتمّ التوصّل إلى اتفاق حول المرحلة الثانية من الصفقة، لكنها "ستلتزم" بذلك. وقال مسؤولون إسرائيليون إنّ هذا المطلب يمكن حلّه في مزيد من المفاوضات بين الطرفين.
ومن المتوقّع أن يلتقي رئيس الموساد برئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، وفقاً لمصدرين مطّلعين على المفاوضات.
خلاصة القول، بالنسبة لأكسيوس، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين أنّ النقطة الرئيسية هي أنّ ردّ حماس يتضمّن المرونة التي من شأنها أن تسمح للطرفين بالدخول في المرحلة الأولى من الصفقة، مع المخاطرة بعدم تحقّق المراحل التالية.
من جهته، أعرب مسؤول إسرائيلي كبير عن تفاؤله، وأشار إلى أنه بمجرّد بدء المفاوضات حول تفاصيل الاتفاق، يمكن التوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
ماذا يعني ذلك؟
أولاً، من الواضح أنّ مرونة كلٍّ من حركة حماس ونتنياهو بإزاء تسهيل عقد الاتفاق بينهما، تعود إلى المعضلة التي يواجهها بايدن، عقب أدائه السيء في المناظرة الرئاسية. فحماس تفضّل فوز بايدن على مساوئه الكثيرة بما فيها صهيونيته المبالغ فيها، وتورّطه في الإبادة الجماعية. أما نتنياهو، فلا يريد أن يبدو وكأنه يخوض معركة إسقاط بايدن من قائمة الترشيح، من خلال الأوساط السياسية والإعلامية الأميركية الرئيسية التي ضغطت على بايدن للتنحّي عن السباق الانتخابي فور انتهاء المناظرة.
ثانياً، تخوض إسرائيل كما حركة حماس، حرب استنزاف عسكري واقتصادي وسياسي ونفسي، واحدتهما ضدّ الأخرى. وقد اشتدّت عمليات المقاومة في قطاع غزّة في الأسابيع الأخرى، وارتقى أسلوبها. وكذلك زادت إسرائيل من مجازرها عدداً ونوعاً. وكأن المطلوب أيضاً، ليس فقط التفاوض تحت النار من كلا الطرفين، بل استنزاف العدو في محاولة جادّة لكسره، وبكل الوسائل الممكنة، وبالأخص قتل إرادة القتال لدى الطرف الآخر؛ إسرائيل تقتل الفلسطينيين المدنيين بدون قيود لفرض الضغوط النفسية على حماس. وبالمقابل، تُبدع حماس في اختراع الوسائل الكفيلة بحرق أعصاب العدو، من خلال عمليات عسكرية بالغة الجرأة، وثّّقتها الكاميرات.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط