دولي وعربي


إسرائيل تدمر الشيعة للضغط على الحزب

الجمعه 15 تشرين الثاني 2024 - 0:10

يديعوت أحرنوت – رون بن يشاي

الحرب المتعددة الساحات التي دخلت عامها الثاني تخمد ببطء، قبل وصولها إلى نهايتها. لكن المشكلة هي في الساحة اللبنانيةـ فهذا الخمود بطيء لأن المفاوضات السياسية لا تتقدم، لذلك، يجب الاستمرار في المناورة، وفي سقوط الضحايا من جانبنا، بينما لا يوجد في قطاع غزة مخطط لإعادة المخطوفين، وإقامة حُكم مدني، بدلاً من "حماس". في ظل هذا الوضع، يعمل الجيش الإسرائيلي في كلا الساحتين بصورة أساسية على بلورة "اليوم التالي" أمنياً.

من المهم الإشارة إلى أن إيران لم تقرر، على ما يبدو، بعد انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، ما إذا كانت ستردّ علينا، لذلك، ما سيجري في الساحة الإيرانية، ومع أذرعها، لا يزال مفتوحاً، لكن صورة الوضع بدأت تتضح في لبنان، وفي غزة، وحتى في الضفة الغربية.

في لبنان، يعمل الجيش حالياً من أجل تحقيق 3 أهداف عسكرية. الهدف الأول، استخدام الضغط العسكري من أجل الدفع قدماً بصيغة القرار 1701+ زائد. والزيادة هي منح الجيش الإسرائيلي الحق في فرض الاتفاق بالقوة، إذا لم يقُم الجيش اللبناني واليونيفيل بمهمتهما. أمّا حزب الله، الذي يمثله رئيس مجلس النواب نبيه بري في المفاوضات، فيحاول بواسطة حرب الاستنزاف، التي يخوضها حالياً ضد الجبهة الداخلية، منع الحكومة اللبنانية من تقديم تنازلات لإسرائيل والعمل على تليين الموقف الإسرائيلي، وخصوصاً فيما يتعلق بمسألة فرض نزع السلاح من منطقة التماس المحاذية للحدود، ومن جنوب الليطاني عموماً. لقد دُمّر 80% من منظومة حزب الله الصاروخية، لكن الحزب ما زال يملك ما يكفي من الصواريخ لإجبار الملايين من الإسرائيليين على الركض نحو الملاجىء. بالنسبة إلى حزب الله، هذا الإنجاز سيستنفد الإرادة الإسرائيلية، ويؤدي مستقبلاً إلى مرونة إسرائيلية في المفاوضات الدائرة بواسطة الوسيط عاموس هوكشتاين.

وكما في كل مرحلة جديدة من القتال، وخصوصاً إذا كان المقصود منطقة لم تخضع لمناورات الجيش الإسرائيلي سابقاً، يدفع مقاتلونا ثمناً باهظاً من أجل كسر دفاع العدو. حزب الله الذي علِم من وسائل الإعلام الإسرائيلية، ومن تصريحات السياسيين بأن الجيش الإسرائيلي لن يدخل إلى الخط الثاني من القرى، تحصّن في هذا الخط، وانتظر قواتنا، وتعلّم أسلوب العمل، ونشر خلايا مقاتليه في منازل القرى التي دخل إليها لواء غولاني في الأمس. وكانت النتيجة اندلاع اشتباكات في أحد هذه الأماكن وسط مجموعة من المباني، حيث نُصب كمين للجنود الإسرائيلين. استمرت المعركة ساعات طويلة، قُتل خلالها 6 مقاتلين من الكتيبة 51، فضلاً عن سقوط عدد من الجرحى. وحالياً، يجري  التحقيق في المعركة من أجل استخلاص الدروس، لكن يمكن أن نرى أنه نتيجة تقدُّم قوات الجيش الإسرائيلي، تراجعت كمية إطلاق الصواريخ القصيرة المدى.

تدمير "قرى الانطلاق"

جزء أساسي من المجهود الذي يبذله الجيش حالياً هو إحباط نيات حزب الله وتدفيعه ثمناً باهظاً من خلال قصف سلاح الجو العنيف والمتواصل للضاحية في بيروت، ومناطق أُخرى مهمة بالنسبة إلى الطائفة الشيعية. وفي الأمس، بدأ الجيش بتحريك قواته من خط القرى اللبنانية المحاذية للحدود شمالاً وغرباً، نحو الخط الثاني للقرى، كي يفهم حزب الله أنه بمرور كل يوم،  ستخسر الطائفة الشيعية مزيداً من رجالها وأرصدتها، وأن حرب الاستنزاف التي يستخدم فيها الحزب مئات المسيّرات، تجعل الشيعة في لبنان يدفعون في النهاية ثمنها الباهظ، مادياً وسياسياً. وهذا يمكن أن يؤثر في مفاوض ذي تجربة، مثل نبيه بري.

بالإضافة إلى جباية الثمن الآخذ في الازدياد، يعمل الجيش بصورة مركزة، براً وجواً، من أجل تدمير منصات إطلاق الصواريخ، وخصوصاً الصواريخ القصيرة المدى، وهذه العملية تجري الآن على الأرض اللبنانية، ومن الجو. ويمكن التقدير أن وتيرة القصف على شمال إسرائيل، حتى خط حيفا وما بعدها، ستتراجع خلال الأيام المقبلة.

بالنسبة إلى المسيّرات، طرأ في اليومين الأخيرين تحسُّن ملحوظ على قدرة الجيش الإسرائيلي على الكشف والاعتراض. المشكلة الأساسية هي عندما تنجح المسيّرات في التسلل إلى المنطقة السكنية حتى خط الخضيرة، حيث يحرص الجيش الإسرائيلي على اعتراض هذه المسيّرات بطريقة تمنع سقوط الشظايا في وسط هذه البلدات. ومع ذلك، قد ينجح بعض المسيّرات خلال عملية المطاردة في الفرار من الطوافات، ومن الطائرات الحربية، ويضرب الهدف. لكن نسبة الاعتراضات في الأيام الأخيرة تحسنت كثيراً واقتربت من 90%. أمّا  بالنسبة إلى مُطلقي الصواريخ، فما زال هناك عمل كثير يجب القيام به.

الهدف الثاني للجيش هو إعداد الأرضية في لبنان لليوم التالي الذي سيقوم فيه الجيش اللبناني وقوات اليونيفيل بمنع الوجود المسلح لحزب الله في منطقة جنوبي الليطاني وغربه، وخصوصاً في منطقة "قرى الانطلاق"  الشيعية في الجانب اللبناني من الحدود، والتي تحولت، في أغلبيتها، إلى تحصينات ينطلق منها عناصر قوة الرضوان نحو الأراضي الإسرائيلية. في الأمس، كنت في بلدة كفركلا، وشاهدت كيف يعمل الجيش الإسرائيلي الذي يقوم بأعمال الكشف عن فتحات الأنفاق التي تؤدي إلى المخابىء تحت الأرض، أو إلى مخازن السلاح، وبالإضافة إلى ذلك، يقوم أيضاَ بتدمير كل منزل يمكن إطلاق نيران القنص منه على المطلة الواقعة على بُعد مئات الأمتار تحت البلدة. كانت منازل القرية، في معظمها، قواعد لعناصر قوة الرضوان الذين كانوا هناك يراقبون ويجمعون المعلومات الاستخباراتية. وجرى حفر نفق تحت أحد المنازل وتجميع السلاح فيه، تمهيداً للهجوم على المطلة.

تبدو كفركلا اليوم مختلفة عمّا كانت عليه منذ بضعة أسابيع.  الرائد في اللواء 796  شارون زلينغر، وهو عنصر في الاحتياط، قال إنه تمكن في الأمس من الوصول إلى المنزل الذي استُخدم كموقع أطلق منه حزب الله الصواريخ المضادة للمدرعات ونيران القناصة عليه وعلى قوته، عندما كان الجيش في مرحلة الدفاع، وقبل أن يبدأ بالمناورة البرية في داخل لبنان، وقام بتدميره. يدمّر الجيش حالياً منازل القرية التي استُخدمت كمواقع وتحصينات، وذلك لكي يوضح لأصحاب هذه المنازل وسائر سكان كفركلا أنه كان من الأفضل لهم عدم السماح لحزب الله باستئجار هذه المنازل واستخدامها...

 

*نقلاً عن مجلة الدراسات الفلسطينية



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة