الأربعاء 2 تشرين الأول 2024 - 0:00
خاص (أيوب)
ردّت إيران متأخرة جداً على اغتيال إسماعيل هنية، بعد الضربات المؤلمة التي تلقّاها حزب الله وحيداً خلال الأسبوعين المنصرمين، وصولاً إل اغتيال الأمين العام للحزب السيّد حسن نصر الله. ردّت طهران، بعد أن أدركت حجم الخديعة التي تعرّضت لها، حين ركنت إلى الوعود الأميركية بكبح جماح إسرائيل، ووقف الحرب في غزة، وفي لبنان استطراداً، وبعد أن رأت أنّ ذراعها القوي في المنطقة، وخط دفاعها الأول يتعرّض للإبادة المنهجية، وأنّ دورها آتٍ لا محالة، حين ظهر بنيامين نتنياهو في شريط مصوّر موجّه إلى الشعب الإيراني، يعده بالتحرّر من نظام الجمهورية الإسلامية، وبالعودة إلى ما قبل الثورة. لم يعد الكلام عن تغيير الشرق الأوسط طرحاً في الهواء، أو نوعاً من الخرافات اليمينية التوراتية المتطرفة، بل برنامج عمل يكاد أن يصبح واقعاً. وبإزاء كلّ هذا الجموح غير المحدود، تقف إدارة بايدن، إما عاجزة أو متواطئة، والاثنان يوصلان إلى النتيجة نفسها، تغيير وجه المنطقة، وسيادة إسرائيل على مقدّراتها، وقيادتها بالحديد والنار.
عند ذلك فقط، فهمت إيران الرسالة ومفادها، أنه إن لم تقاتل الآن، ولديها أوراق باقية في المنطقة، فستضطر غداً للقتال وحيدة، في ظروف أسوأ بكثير. من أجل ذلك، قرر مرشد الثورة خوض هذه المغامرة، وضرب إسرائيل بشكل جدّي أكثر من المرة السابقة، انتقاماً لكل من اغتالته إسرائيل في الأشهر الماضية، أي إسماعيل هنية والسيّد حسن نصر الله والجنرال في الحرس الثوري، إسماعيل نيلفوروشيان. قد تكون إيران قد فاجأت العالم بحجم ردّها على إسرائيل، لكنها وطّنت نفسها، على تلقّي ردّ قاسٍ من إسرائيل، قد يكون مدمراً في موجته الأولى، وقد يكون فتيل حرب إقليمية موسعة، تتطاير فيها الصواريخ من كلّ الاتجاهات. فهل حسابات إيران دقيقة وناجعة بحيث لا تكون الخاسر الأكبر في هذه الحرب، أم تمارس سياسة حافة الهاوية، على أمل أن يؤدي التصعيد الخطير جداً، إلى تدخل القوى الكبرى لوقف المسار الانتحاري الذي يقوده جنرالات إسرائيل؟
فما هي الأهداف الإيرانية من هذا المسار التصاعدي البالغ الخطورة؟
أولاً، لا تريد طهران قتال الولايات المتحدة، لذلك تمهّلت كثيراً في ردها الأول، عقب قصف القنصلية الإيرانية في دمشق وقتل الجنرال محمد رضا زاهدي، فكان ردها محدوداً جداً. واستأخرت الردّ المتوقع على اغتيال إسماعيل هنية في طهران، وذهب الرئيس الإيراني الإصلاحي ومعه غصن الزيتون، إلى الأميركيين، فكانت النتيجة، اغتيالاً ممنهجاً لقيادة حزب الله، والسعي إلى القضاء تماماً على هيكليته. وهي ترى الآن، أنها تملك الحق المشروع في الرد على إسرائيل.
ثانياً، إنّ ردها الثاني على إسرائيل، وإن كان أقوى من حيث نوع الصواريخ الباليستية، وعددها، إلا أنّ المقصود منه، هو توجيه ضربة معنوية قاسية لنتنياهو، من دون إقفال باب التفاوض مع الأميركيين، لإيجاد المخرج الوحيد من هذه الحرب التي لا يريدها أحد إلا نتنياهو، ومن خلال المفاوضات السياسية، لأن اللجوء إلى السلاح، لن يفيد أحداً.
ثالثاً، إنّ إيران تتولى المهمة بالأصالة بعد أن كان وكلاؤها لا سيما حزب الله، يتولّوْن مناوشة إسرائيل بالنيابة. لم يعد ممكناً ترك الحزب يواجه الآلة العسكرية الإسرائيلية-الأميركية الهائلة، والبالغة التطور. والهدف يبقى نفسه: وقف إطلاق النار في غزة، فتتوقف النار في كلّ الجبهات.
هل تنجح إيران في رهانها هذا، أم تغرق في حرب لم تخطّط لها ولا تريدها؟ كلّ الاحتمالات واردة.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط