خاص أيوب


نهاية مبكرة لصيف لبنان

الثلاثاء 30 تموز 2024 - 0:00

خاص (أيوب)

انشغلت عواصم القرار في المنطقة والعالم منذ وقوع مجزرة مجدل شمس في الجولان المحتل يوم السبت الماضي، بإجراء الاتصالات الدبلوماسية المكثفة مع المسؤولين اللبنانيين والإسرائيليين خشية الانزلاق إلى حرب إقليمية واسعة النطاق، مع إصرار حكومة إسرائيل على تنفيذ الردّ الموجع ضدّ حزب الله في لبنان بحسب تعبير المسؤولين السياسيين والعسكريين في فلسطين المحتلة.

وتمخّضت نلك الاتصالات عن وضع قيود على الضربة الإسرائيلية كي لا تتحوّل إلى شرارة حرب لا يريدها أحد، أو هذا ما تشير إليه المعلومات الواردة من الإعلام الأميركي وكذلك الإسرائيلي. فقد طلبت الإدارة الأميركية من إسرائيل عدم توجيه ضربة إلى قلب بيروت، لأن حزب الله سيردّ باستعمال صواريخ بعيدة المدى، وهو ما سيؤدي حكماً إلى التصعيد الخطير. قيل أيضاً، إن الضربة ستكون موجهة إلى موقع عسكري تابع للحزب، مع تجنب إصابة المدنيين، وعلى أن يكون الموقع بعيداً أيضاً عن أماكن الشخصيات الرفيعة المستوى، وعن المواضع الاستراتيجية، ومن ضمنها منشآت البنية التحتية، وكذلك المطار الذي هو من بين المرافق الأساسية التي ذُكرت في تصريحات إسرائيلية سابقة كأهداف محتملة. أما توقيت الضربة فيحتفظ به صاحب القرار الإسرائيلي، بانتظار الفرصة العملياتية المناسبة.

لكن من لحظة الإعلان عن ضربة إسرائيلية حتمية على بيروت أو ضاحيتها الجنوبية، أصاب الشلل والترقب العاصمة اللبنانية. وفضلاً عن تأخير حركة الطيران الآتي والذاهب، وإلغاء بعض الرحلات، بهدف إخلاء مطار رفيق الحريري الدولي قدر الإمكان من المسافرين والزوار، في حالة كان المطار هدفاً إسرائيلياً، آثر بعض الموظفين يوم الاثنين عدم الذهاب إلى أماكن العمل، مع توقع توجيه ضربة سريعة ومفاجئة، وألغى بعض المواطنين مشاريع سياحية كان ينوي القيام بها، بل أُلغيت بعض الحفلات الفنية الكبرى، خوفاً من اندلاع الحرب بغتة، وتدافع بعض المغتربين لقطع إجازتهم والعودة إلى بلاد المهجر والعمل، ووقع قدر لا يستهان به من الاضطراب والقلق.

وبما أنّ نتنياهو يحتفظ لنفسه التوقيت المناسب للضربة العسكرية التي يريدها أن تكون مختلفة عما سبق في الأشهر التسعة الماضية، فقد دخل لبنان كله في لعبة الانتظار أو الاستنزاف البارد للأعصاب والأموال. وحتى لو تحوّلت الضربة الإسرائيلية المرتقبة إلى ضربة رمزية، بفضل الاحترازات الموضوعة على طبيعة الضربة ومداها، ونوع الهدف وماهيته، فإن تجاوز المستوى المعتاد من الأهداف منذ الثامن من تشرين الأول الماضي، سيكون له وقع شديد، باعتبار أنّ معظم المناطق اللبنانية تعيش حياتها الروتينية، وكأن لا شيء يحدث في الجنوب. حتى إن السياحة الداخلية شهدت انتعاشاً معاكساً لمنطق الأمور. والسياحة هي القطاع الرئيسي الذي يحمل على عاتقه تنشيط الاقتصاد اللبناني ككل. وأيّ انتكاسة لهذا القطاع سيكون لها أثرها في مختلف القطاعات الأخرى. أي لو لم تقع الضربة فعلاً، فإن حالة الانتظار تترتب عليها خسائر لا يمكن تعويضها بسهولة. كأن الضربة وقعت فعلاً بآثارها الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة