
الأربعاء 31 تموز 2024 - 0:01
خاص (أيوب)
هل كانت ضربة مباغِتة محاولة اغتيال أرفع شخصية عسكرية في الحزب "فؤاد شكر" المعروف بالحاج محسن، في قلب الضاحية الجنوبية؟ قد تكون كذلك، بالنظر إلى التطمينات الدولية التي تلقّاها لبنان ببذل الجهد لكبح إسرائيل عن استهداف بيروت أو الضاحية، كما جاء على لسان وزير الخارجية عبد الله بو حبيب. كان الردّ الإسرائيلي المفترض على مجزرة مجدل شمس سيكون موجعاً حقاً لو تمكّن من اغتيال القائد الرفيع في الحزب، وربما كان من الصعب ضبط الإيقاع بعد ذلك. أما وقد نجا شكر، فقد بقيت مشكلة خرق قواعد الاشتباك، أو اختبارها بتعبير أدق. فاستهداف العاصمة يفرض على الحزب الردّ الموازي، بمعنى استهداف تل أبيب نفسها حتى تستقرّ قواعد الاشتباك ولا تهتزّ. ومن دون ذلك، تحقّق إسرائيل انتصارها التكتيكي، في الطريق إلى التحوّل الاستراتيجي لجبهة الشمال بالنسبة لإسرائيل، كي تمضي التسوية المراد إجراؤها في الجبهة اللبنانية، لجهة ابتعاد الحزب عن الشريط الشائك عدة كيلومترات، أو بما يكفي لبثّ الاطمئنان في نفوس المستوطنين المهجّرين من منازلهم، كي يعودوا إليها. وهذا هو الهدف المباشر من أيّ تصعيد إسرائيلي راهن ومستقبلي.
من اللافت في الأيام الأخيرة، أنّ الولايات المتحدة وحلفاءها بذلوا جهوداً هائلة منذ 7 تشرين الأول الماضي لمنع اندلاع حرب واسعة بين الحزب وإسرائيل، لسبب بسيط وهو أنّ نشوب الحرب الإقليمية سيجرّ الولايات المتحدة إلى أن تكون جزءاً أساسياً فيها باعتبار حلفها الوثيق مع إسرائيل، في حين أنّ إدارة بايدن لا ترغب بخوض الحرب إلى جانب إسرائيل، فضلاً عن أنّ الحرب تخدم أهدافاً سياسية ضيقة لبنيامين نتنياهو، أكثر منها تلبية لمقتضيات الأمن القومي الإسرائيلي عقب طوفان الأقصى، ولا سيما وأنّ الولايات المتحدة على بعد 100 يوم تقريباً من الانتخابات الرئاسية.
لكن جملة من الأسئلة تفرض نفسها: ما هو الردّ المناسب كي لا تنشب الحرب الكبرى؟ هل يرسل الحزب مسيّراته إلى تل أبيب مثلاً كما أرسل الجيش الإسرائيلي مسيّراته إلى بيروت؟ هل يتجنّب استهداف المدنيين الإسرائيليين كما تجنّبت إسرائيل حتى الآن توسيع نطاق قتل المدنيين في لبنان؟ هل سيحاول اغتيال قائد عسكري إسرائيلي رفيع وفق طريقة توازي الأفعال: (العين بالعين، والسنّ بالسنّ) ردّاً على محاولة اغتيال قائد رفيع المستوى في الحزب؟ أبعد من ذلك، لن يوجّه الحزب صاروخه أو صواريخه أو مسيّراته إلى إسرائيل، قبل وضع قائمة بالردود المفترضة على الردود الإسرائيلية المتوقعة، وهذا أمر حيوي، لأن ردّ الحزب على تل أبيب مثلاً، لن يمرّ هكذا، كأيّ ضربة صاروخية للحزب في المناطق القريبة من الشريط الشائك بين لبنان وفلسطين المحتلة؛ إسرائيل تعتبر أنّ الحزب تجاوز كل الخطوط الحمر بقصف مزعوم على بلدة مجدل شمس، لذلك قصفت الضاحية الجنوبية لبيروت، وستعتبر الردّ المتوقع للحزب على حواضر إسرائيل وتجمعاتها السكانية أو الصناعية الكبرى، انتهاكاً جديداً وأوسع للخطوط الحمراء، وسيكون الردّ الإسرائيلي أقسى وأكثر دموية إذا ما أسفر ردّ الحزب عن سقوط مدنيين إسرائيليين.
ماذا يعني ذلك؟
قد يكون تبادل الضربات بين الحزب وإسرائيل في الأيام المقبلة، طريقاً تصاعدياً نحو الحرب الموسّعة، كما قد يكون ترسيخاً لقواعد الاشتباك، وتمهيداً لتبريد الجبهة بالترافق مع إبرام صفقة تبادل بين إسرائيل وحماس. فالسيناريو الذي انتشر في وسائل الإعلام، عن ضربة إسرائيلية محدودة لكن موجعة، يتبعها تبادل محموم للضربات لعدة أيام فقط، قد يكون بداية النهاية، أو استراتيجية الخروج من إمكانيات الانغماس في حرب مدمّرة. لكن كل هذا مشروط، بتنفيذ السيناريو بدقة متناهية؛ إذ إنّ أقل خطأ كفيل بتفجير كل شيء، والعودة إلى نقطة البداية.
جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط