خاص أيوب


الجيش اللبناني: البحث عن مسيحيين

السبت 23 تشرين الثاني 2024 - 0:00

خاص (أيوب)

المفاوضات الصعبة التي يتولاها الرئيس نبيه بري مكلفاً من قيادة الحزب، مع إسرائيل والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار، تهدف إلى تأمين تنفيذ القرار الدولي رقم 1701. فهذا القرار الذي لم يطبّق منذ صدوره عام 2006، بات الآن هو الحدّ الأدنى الذي لن تقبل إسرائيل أقل منه، بل ما تطالب به هو أشدّ منه. فما هي أبرز بنوده، وما الذي تتضمنه مسودة الاتفاق الحالية بما يتعارض مع القرار الدولي؟

يدعو القرار 1701 إلى الوقف التام والفوري للأعمال القتالية، خاصة وقف جميع الهجمات التي يقوم بها حزب الله، ووقف إسرائيل عملياتها العسكرية الهجومية جميعها، لكن إسرائيل ابتدعت أمراً جديداً، وهو الاحتفاظ بحق التحرك لإزالة تهديد أو انتهاك للقرار، وهو ما يجعل لبنان كله في لحظة اللايقين.

ويطالب القرار الحكومة اللبنانية وقوة الأمم المتحدة "اليونيفيل" بنشر قواتهما في مناطق الجنوب فور وقف إطلاق النار، مع مطالبة حكومة إسرائيل بسحب جميع قواتها من جنوب لبنان بشكل موازٍ مع بدء نشر القوات اللبنانية وقوات الأمم المتحدة.لكن إسرائيل لا تثق لا بالجيش اللبناني ولا بقوة اليونيفيل؛ إذ تعتبر أنهما فشلا في تطبيق القرار منذ عام 2006، وقام الحزب ببناء قوته الصاروخية، وحفر الأنفاق الدفاعية في العمق، والأنفاق الهجومية في الخط الأمامي الحدودي. وتريد إسرائيل من الجيش اللبناني وقوة اليونيفيل تفكيك ما بقي من بنية عسكرية للحزب في الجنوب، ومنع الحزب من بناء مواقع عسكرية جديدة، وفرض الرقابة على المعابر البرية والبحرية على وجه الخصوص.

وفي القرار أيضاً، دعوة إلى بسط سيطرة الحكومة على جميع الأراضي اللبنانية وممارسة سيادتها عليها وفق أحكام القرار 1559 والقرار 1680 لعام 2006، والأحكام ذات الصلة من اتفاق الطائف، ومنع تداول الأسلحة أو استخدامها دون موافقة الحكومة.

ويؤكد القرار على سلامة أراضي لبنان وسيادته واستقلاله السياسي داخل حدوده المعترف بها دولياً حسب اتفاقية الهدنة العامة بين إسرائيل ولبنان والموقعة في مارس/آذار 1949.

ويدعو القرار إسرائيل ولبنان إلى وقف دائم لإطلاق النار وحلّ طويل الأمد يستند إلى العناصر الآتية:

الاحترام التام للخط الأزرق وهو الحدود المعترف بها دوليا بين إسرائيل ولبنان، وضمان عدم حدوث انتهاكات من الطرفين.واتخاذ ترتيبات أمنية لمنع استئناف الأعمال القتالية، وإنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني خالية من أيّ أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة، بخلاف ما يخص حكومة لبنان وقوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.لكن إسرائيل ذهبت إلى أبعد من ذلك، حين دمرت القرى الأمامية أو عدداً منها، بحجة وجود بنية عسكرية للحزب فيها؛ ارتكازات، ومواقع، ومخازن وأنفاق. وتريد إسرائيل جعل المنطقة الحدودية، منطقة عازلة، لا فيها عمران ولا سكان، أو في أقل تقدير، منع أفراد الحزب من العودة إلى تلك المنطقة، حتى لو كانوا من أبناء القرى والبلدات. وهذا الأمر لن يمرّ، لأنه بمنزلة احتلال عسكري من دون نشر قوات برية.

الجيش اللبناني هو العمود الفقري في مسودة القرار، لكنه يعاني من تناقص قوته، بسبب الأزمة الاقتصادية القاتلة. وقد أبدت بعض الدول رغبتها بتزويد الجيش بما يحتاج إليه من تمويل وتجهيز. لكن المشكلة الأكبر هي في تأمين 5 آلاف جندي جديد، لنشر الجيش قواته في الجنوب، في حين أنه يقوم بمهامّ أمنية في الداخل. والسؤال هو كيف يمكن الحكومة بناء قوة الجيش بسرعة وكفاية؟ وهل ينتظر المجتمع الدولي أشهراً طويلة، والجيش اللبناني يحتاج بشدة إلى أموال كثيفة، وأفواج جديدة، كي يتمكن من تنفيذ القرار الدولي؟ وإذا كان المال سهلاً نسبياً جلبه، فإن التمسك بقاعدة أساسية من قواعد اتفاق الطائف، وهو إلغاء الطائفية السياسية فيما عدا موظفي الدولة من الفئة الأولى، مما يسهل تطويع الجنود وتلامذة الضباط إلى حدّ ما. لكن ضعف إقبال الشباب المسيحي على التطوّع بالجيش، ووجود عدد كبير منهم خارج لبنان أي مسافرين أو مهاجرين، مما يجعل الجيش الراهن غير قادر على توفير القوة اللازمة للقيام بمهمات مراقبة المنطقة الجنوبية وما يعتمل فيها، وملاحقة الأفراد المسلحين، ومنع تهريب السلاح إلى الجنوب.

ماذا يعني ذلك؟

إنه يعني أنّ الجيش يستلزمه وقت كافٍ لتجنيد العدد المطلوب، وبما يتعدى هدنة الستين يوماً الواردة في مسودة الاتفاق. فكيف إذا طال الوقت بحثاً عن متطوعين مسيحيين في الجيش، ولم تزل دليلاً شاهداً على العقم الرسمي، قضية تأخير توقيع وزير الدفاع موريس سليم على دخول المرشحين الناجحين في الكلية العسكرية سبعة أشهر إلى أن جرى إلحاق الدورة السابقة بدفعة أخرى، لتحقيق التوازن الطائفي. إذا أردتم سيادة الدولة على كامل أراضيها، فعليكم تطبيق اتفاق الطائف أيضاً، ومعه الدستور، قبل البحث في القرارات الدولية ذات الصلة.



جميع المقالات تمثل رأي كتابها فقط

أخبار ذات صلة